عبَّرت زعيمة «الجبهة الوطنية الفرنسية» (اليمين المتطرف) مارين لوبن، عن قناعتها بأن وصول الجبهة الى الحكم في فرنسا «أمر حتمي»، وتعهدت في حال فوزها بالرئاسة في انتخابات ربيع عام 2012، بإخراج بلادها من منطقة اليورو ومن حلف شمال الأطلسي وبوقف مدّ العولمة ومعالجة مشاكل الضواحي والأرياف في آن معاً، باعتبارها متطابقة، وبحصر الهجرة السنوية إلى فرنسا بمعدل عشرة آلاف شخص. وقالت لوبن، التي تفيد استطلاعات الرأي بأنها ستكون قادرة على البقاء في السباق الرئاسي حتى الدورة الثانية، وأنها ستهزم الرئيس نيكولا ساركوزي في حال مواجهتها له، إن هذه الاستطلاعات مردُّها الى المواقف المحورية لجبهتها، والتي تشكل بديلاً للسياسة المستمرة منذ 30 عاماً، «إذ إن الشرخ الحقيقي اليوم ليس بين اليمين واليسار، بل بين من يدافع عن الأمة وبين أتباع العولمة» الساعين الى تذويب الحدود والهوية. وأشارت الى أن ما حصل عام 2002، عندما نافس والدها جان ماري لوبن الرئيسَ السابق جاك شيراك في الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة، «لم يكن مجرد حادث»، وأن وصول الجبهة الى الحكم «أمر حتمي»، إذ إن الفرنسيين بدأوا يعتبرون أنه «لتطبيق أفكار الجبهة يجب التصويت لها والعودة الى الذين يحملون بالفعل هذه الأفكار»، بدلاً من تأييد ساركوزي، الذي «تبنى أفكارنا» و «خان كافة وعوده وخيَّبَ آمال الرأي العام». ولفتت خلال مؤتمر صحافي خصت به وسائل الإعلام الأجنبية، أن حزبها بات الآن ضمن نهج يجعله يجذب الناخبين من اليمين واليسار على حد سواء، وأن هذا ما أظهرته بوضوح نتائج الانتخابات الإقليمية الأخيرة. والواقع أنه بعد مضي أشهر معدودة على خلافتها لوالدها في زعامة اليمين المتطرف، نجحت لوبن في إضفاء ديناميكية جديدة، مستفيدة من شخصيتها القوية وبراعتها الكلامية، ومن سيرتها المختلفة عن سيرة والدها المثيرة للجدل، بحيث بات 62 في المئة من الفرنسيين يعتبرون الجبهة الوطنية حزباً مثل سواه من الأحزاب الفرنسية، في حين أن الجبهة كانت في عهد والدها محاصَرة على هامش الخريطة السياسية الفرنسية. وعن تصورها لكيفية حل مشكلات الضواحي الفرنسية، قالت لوبن: «أبحث عن حل لفرنسا كلها وليس فقط الضواحي، فالشباب الفرنسي يتألم كثيراً أيضاً في الأرياف»، لكن مشكلاته لا تحظى بالاهتمام الإعلامي نفسه كالضواحي. ورأت أن المشكلة الحادة التي تنفرد بها الضواحي هي المخدرات، مؤكدة عزمها على التعاون مع اختصاصيين في هذا المجال «لاقتلاع التهريب وإعادة القانون الجمهوري، الذي استبدل في هذه الأحياء بقانون المافيات». ورسمت صورة مأسوية للوضع القائم في منطقة اليورو، مؤكدة أن العملة الموحدة «لم تعط ثمارها من نمو وفرص عمل وقدرة شرائية»، وأن هذه العملة عرضة «لتشقق يُسمع من كل صوب»، وأن مصيرها «الانهيار، ومن مسؤوليتنا استباق ذلك بدلاً من تحمُّل تبعاته»، من خلال «خروج مشترك مع الأوروبيين» من هذه العملة، «بما يتيح لاقتصادياتنا أن تتنفس». وأكدت لوبن أن حزبها عارَضَ دائماً دخول فرنسا الى حلف شمال الأطلسي، وتعهدت العمل على إخراج بلادها من هذا الحلف في حال فوزها بالرئاسة، وبمراجعة العلاقات مع الولاياتالمتحدة «لتصبح علاقات تعاون متوازنة» بعيداً عن الدونية والتبعية التي تحكمها حالياً. وانتقدت بحدة عدم جدية السلطات الحالية في التعامل مع موضوع الهجرة غير الشرعية، واتهمتها بالتغاضي عنها، «على رغم صعوبة أوضاعنا الاقتصادية، حيث لم يعد لدينا ما نقدمه» للمهاجرين المتوافدين الى فرنسا، في ظل البطالة والمديونية العامة والعجز. لكنها أقرت بأن الحديث عن هجرة بمستوى الصفر «هو مجرد شعار»، وأنه من المستحيل الالتزام به، وأنها ترغب بخفض عدد المهاجرين الشرعيين الى عشرة آلاف شخص في السنة. وتحفظت لوبن على دور فرنسا في ساحل العاج، وأيضاً في ليبيا، حيث عبَّرت عن تخوفها حيال إمكانية التورط والمراوحة الذي قد يؤثر سلباً على صورة فرنسا لدى الرأي العام العربي، متسائلة: «لماذا ليبيا وليس سورية؟»، و «لماذا لم نتدخل في البحرين؟ لا أعرف، فهل هناك ديكتاتور جيد وديكتاتور سيئ؟». وانتقدت بشدة الموقف الذي يعتمده ساركوزي حيال انضمام تركيا الى عضوية الاتحاد الأوروبي، والذي قالت إنه ينطوي على ازدواجية، من خلال مطالبة الأتراك بالالتزام بمعايير معينة بدلاً من البوح لهم بعدم الرغبة في عضويتهم، وهو ما ينطوي برأيها على «قلة احترام حيال تركيا».