أطلق فنانون وأدباء وحقوقيون ليبيون بياناً استنكروا فيه انتهاكات «قوة الردع الخاصة» في ليبيا، بعد أن قامت باقتحام مهرجان «كوميك كون ليبيا» الذي أقيم في طرابلس أخيراً، واعتقال منظميه وبعض المشاركين، كما استولت على المواد المعروضة في المهرجان. وكانت «قوة الردع» التي تعد جهاز الشرطة التابع لحكومة الوفاق الليبية المدعومة من الأممالمتحدة، أعلنت على صفحتها في فايسبوك أن الصور المعروضة والمتداولة عن المهرجان «أثارت استغراب عامة الناس»، وأنه «بات من الضروري التصدي لهذه الظواهر الهدامة ومحاربتها»، معتبرة أنها «تدفع باتجاه نشر الإباحية وتغذية عقول المراهقين وتحفيزهم على القتل واستعمال الأدوات الحادة لقطع الأطراف من خلال رسومات كرتونية شهيرة». ولم تنف «قوة الردع» إلقاء القبض على منظمي ومشرفي المهرجان لتقديمهم للنيابة العامة لقيامهم بأفعال خادشة للحياء والآداب العامة»، مؤكدة أن مثل هذه المهرجانات المستمدة من الخارج استغلت ضعف الوازع الديني والانبهار بثقافات خارجية». الشاعر الليبي خالد مطاوع نفى ل «الحياة» أن يكون في الرسومات أي انتهاك للآداب العامة، منوهاً بأن القوة نفسها هي التي حمت المهرجان لدى انعقاد دورته الأولى العام الماضي. وأوضح مطاوع: «لا يبدو أن النيابة متجاوبة فالقانون لا يعاقب ما قاموا به. النائب العام طالب بالقضية، و «الردع» رفضوا وأصروا على اعتقال الشبان، كذلك يبدو أن الأممالمتحدة تواصلت مع أطراف عدة وأكدوا أن لا تجاوب من «الردع»، كما أن هنالك خوفاً من رد فعلهم تجاه الشبان المعتقلين إن تم تصعيد الموقف». مطاوع هو أحد أبرز الموقعين على البيان المناهض لاقتحام «قوة الردع» لمهرجان «كوميك كون» والذي اعتبر أن «الاعتقالات التي قامت بها قوة الردع لا أساس لها في القانون الليبي وتعد انتهاكاً لحقوق الإنسان الليبي في الرأي والتعبير عن الذات». وطالب الموقعون «حكومة الوفاق» التي تتبعها «قوة الردع» «بتحمل المسؤولية في حماية منظمي مهرجان «كوميك كون» وتحمل مسؤوليتها كاملة لما قد يحدث من ضرر لهم خلال الاعتقال أو بعده من عنف أو تعنيف أو تهديد»، مؤكدين ضرورة «وضع حد لإغلاق المناشط الثقافية وتكميم الأفواه وهي المسؤولة عن حرية الفكر والنشر والإبداع وحماية الكتاب والمبدعين». وأسِف بيان الفنانين الليبيين أن تترك «قوة الردع» كل «مسؤولياتها الجسيمة» في معالجة «وضع ينتشر فيه السلاح والتحارب والتعذيب والاغتصاب وتصب جل غضبها على نشاط ثقافي ترفيهي مسالم لا علاقة لمنظميه أو للمشاركين فيه في أي أعمال إجرامية، بينما المجرمون والقتلة يصولون ويجولون في البلاد». قريبة أحد المنظمين للمهرجان أكدت، بعد إشاعات عن إطلاق سراحهم، أن «الشبان المنظمين لم يطلق سراحهم، إنما أطلق فقط سراح المشاركين في هواية الرسم، بعد أن حلقوا شعر الشباب، وبعد تكسير الآلات الموسيقية، ومصادرة أجهزة ونقود، كل ذلك مترافقاً بالضرب والألفاظ البذيئة». على مواقع التواصل الاجتماعي دار جدل حول الحدث، فهناك من أخذ على من نظّم «كوميك كون» أنه «لم يقم بالتنسيق مع وزارة الثقافة لتقوم بدورها بمقارنة المواد التي سيتم عرضها في المهرجان بمعايير الدين الإسلامي الحنيف ومعايير الأخلاق والمجتمع». فيما رد المدافعون بأن «القانون لا يفرض على أي شخص أن يراجع مع وزارة الثقافة أي نشاط ثقافي». ورأوا أن «وزارة الثقافة من المفروض أن تطبق سياسة الدولة في هذا المجال لا أن تمنع المواطنين من إقامة نشاطاتهم الثقافية». يذكر أن «كوميك كون» هو مهرجان عالمي متخصص في فنون الكوميكس والرسوم المتحركة والشخصيات الكرتونية، انطلق من الولاياتالمتحدة في عام 1970 ويقام سنوياً في نيويورك، بالإضافة إلى عدد من المدن العالمية. ويحتوي على عدد من الفاعليات الترفيهية، منها الأفلام والألعاب والخيال العلمي، والقصص المصورة، والرسوم المتحركة، والقصص المصورة.