ربما تكون رسالتي بالمقام الأول موجهة إلى جامعة الملك سعود لأن تسعى جادة مادام صوت مسؤوليها المعنيين بالأمر انقطع أو «بح» لتسعى سريعاً لإغلاق قسم هندسة النفط والغاز الطبيعي، وإراحة الجيل المقبل من وجع وصداع شديدين هم في غنى عنه، فليس صعباً عليهم إصدار هذا القرار، ولو لفترة موقتة، حتى ترسم خطوطاً عريضة وصريحة لمنتج يجد وظيفة، لا أن ينتظر على الرصيف، أن يظل شبابنا السعودي المغلوب على أمره برفقة وعود خيالية وإغراءات مادية تنتهي بمجرد الحصول على الشهادة «الحلم»، فهذا بحد ذاته سوء تخطيط وإهدار أموال، والضحك على جيل كان بإمكانه أن يكون أفضل حالاً مما هو عليه الآن، ويظل مؤسفاً أن ينقل مسؤولو الجامعة للطلاب ما ينقل لهم عن فعالية التخصص وجودته، وكأن الجامعة محطة إذاعية لا جهة علمية توجيهية منتجة فاعلة وفاعلة. سأهرب عن المباشرة في حديث جارح عن مهندس سعودي يتخرج في تخصص نادر، ووطننا معني به في المقام الأول ليجد نفسه فجأة وبلا مقدمات مهندساً برتبة عاطل، لكني بحاجة لمن يتبرع ويعين هذا المهندس المسلوب حقه الوظيفي المشروع ويحترم ندرة تخصصه، ويبرر سر لمعان التخصص لحظة استقباله لطالب مُسْتَجِدْ. هناك أسباب تقف وراء أن يكون خريج هندسة النفط في بلد النفط بلا وظيفة، أسباب قوية ومقنعة ونحتاج معرفتها لا متابعة مسلسلات رمي التهم من الجامعة إلى جهة التوظيف المغرية أو العكس، والاستناد على ورش عمل وحفلات مشتركة عقدت من أجل فتنة الدعاية والتسويق لمنتجاتنا وأقسامنا ووجوهنا وربما حتى للقمة عيشنا. بودي أن استمع للمحاضرة التعريفية التي عقدت للطلاب المستجدين في الجامعة العملاقة التي تضمنت شرحاً مميزاً عن كل تخصص وتوعية للطلاب بالخيارات المطروحة أمامهم، أريد أن أعرف فقط ما المميزات التي يحظى بها قسم هندسة النفط والغاز الطبيعي؟ وما الخيارات المتاحة له؟ أريد أن أسمع جيداً حتى أعرف من أين بدأت قصة المرارة وحكاية الزمن القاسي؟! قد تكون شركة أرامكو السعودية الجهة المحلية الأكثر تقبلاً واستيعاباً لهذا التخصص وخريجيه، وهي أيضاً - وللأمانة - أكثر من يقدر حق الجوار، لذا وفت مع جارتها جامعة الملك فهد وفتحت مقاعدها الوظيفية لخريجيها من التخصص ذاته، ولا اعتراض على ذلك لكن لتعلن بصراحة أن مخرجات جامعة الملك سعود أقل أو أعلى من المطلوب في الميزان الوظيفي، وتحدد في بضعة أسطر كيف يمكن لخريج جامعة الملك سعود «تخصص هندسة النفط» أن يجد مساحة تحت أشعة الشمس الحارقة ليأخذ من أجلها بضعة ريالات هي الفاصل في القضية. ولأني احترم انضباط ودور شركتنا الأولى والكبرى على مختلف الأصعدة، أخاطب فيها أي مسؤول إنسان ليتأمل ملف المهندس السعودي الخريج من القسم المغضوب أو المضحوك عليه «هندسة النفط» الذي يمضي في مقاعد الدراسة خمسة أعوام وربما أكثر ويخرج بلا وجهة، على السيدة العملاقة «أرامكو» أن تكون جريئة كعادتها وتصرح لا أن تلمح في أن احتياجها يراعي الجانبين العلمي والعملي، وعلى جامعة الملك سعود إثبات نوعية المخرج وأن تتحدى به ولو على سبيل التجربة، أو تعود لعنوان المقال فوراً منعاً لمزيد من قصص الحزن وحالات التضليل التي يعبر عنها طلاب هندسة النفط. [email protected]