للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، مثل رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني أمام محكمة في ميلانو أمس، حيث واجه اتهامات في قضية احتيال ضريبي تتّصل بحقوق امبراطوريته الإعلامية (ميدياست). لكن المحاكمة أُرجئت الى الأسبوع المقبل بمجرد بدئها، ويُنتظر أن تعلن محكمة البداية في ميلانو مسببات الإرجاء. ويوكل بيرلوسكوني عادة محاميه بتمثيله، وآخر مرة مثل فيها شخصياً أمام محكمة، تعود الى حزيران (يونيو) 2003، في قضية صفقة بيع فاشلة لمجموعة «أس أم أي» للزراعات الغذائية الى الصناعي كارلو بينديتي، والتي حصل فيها على حكم بالبراءة بعد 4 سنوات. لكن المحكمة الدستورية رفعت جزئياً الحصانة عنه في كانون الثاني (يناير) الماضي، فاستؤنفت الملاحقات القضائية في حقه، في ثلاث قضايا فساد واحتيال، إضافة الى قضية منفصلة سينظر فيها القضاء في 6 نيسان (أبريل) المقبل، بتهمة ممارسته البغاء مع القاصر المغربية «روبي» التي تدّعي النيابة العامة في ميلانو أنها كانت حينذاك دون ال18 من العمر، وهذا «جرم» يُعاقب القضاء الإيطالي من يرتكبه بالسجن. ولم يتمكن أحد من الاستماع إلى ما جرى في الجلسة التي شهدت حضوراً استثنائياً لبيرلوسكوني الذي دخل إلى قصر العدل في ميلانو بسيارته الخاصة من دون الإدلاء بأي تصريح. وفُرضت حراسة أمنية مشددة وحُظر دخول الصحافيين أو كاميرات التلفزيون، فيما قال محامو بيرلوسكوني انه «صافح أعضاء هيئة الادعاء العام الذين يتهمونه بالتحايل الضريبي» في قضية «ميدياتريد». وبمجرد ابتداء الجلسة، قررت المحكمة إرجاءها إلى الرابع من الشهر المقبل، وخرج بيرلوسكوني (74 سنة) مبتسماً وملوّحاً بيده لعدد من أنصاره احتشدوا أمام قصر العدل مردّدين الهتاف الإيقاعي «سيلفيو، سيلفيو»، رافعين يافطات تقول: «السياسة في صناديق الاقتراع لا في المحاكم» و «سيلفيو عليك بالمقاومة المقاومة المقاومة»، ما دعا الأخير إلى اعتلاء طرف سيارته محيياً إياهم، قائلاً: «اطمئنوا، كل شيء على ما يرام». لكنه اضطر أيضاً إلى الاستماع إلى هتاف معارضيه من أنصار حزب «إيطاليا القيم» الذي يرأسه أبرز معارضي بيرلوسكوني، القاضي السابق أنطونيو دي بييترو الذي كان المدعي العام في حملة «الأيادي النظيفة» عام 1996 ودخل السياسة عام 1998. وطالب أنصار دي بييترو رئيس الوزراء بالاستقالة، هاتفين: «اخجل، اخجل». وكان دي بييترو هاجم بيرلوسكوني بعنف في مبنى مجلس النواب، متهماً إياه ب «الخوف مثل الأرانب» من مواجهة البرلمان، ما دعا وزير الخارجية فرانكو فراتّيني الذي تحدث باسم الحكومة في الجلسة، إلى مغادرة قاعة المجلس احتجاجاً على لغة دي بييترو ونعته رئيس الوزراء ب «الأرنب». وقبل توجهه الى المحكمة، ندد بيرلوسكوني ب «الاتهامات السخيفة التي لا أساس لها» في قضية ميدياتريد. وقال في اتصال هاتفي بإحدى قنواته الخاصة: «في ميدياست (الشركة الأم لميدياتريد) لم أتولّ على الإطلاق مبيعات حقوق إعادة البث. منذ دخولي الساحة السياسية عام 1994، ابتعدت عن الشركات التي أنشأتها». ووصف القضية بأنها «سخيفة»، معتبراً أن المدعين يعتبرونه «عدواً إيديولوجياً وسياسياً»، و«العقبة التي تمنع اليسار من استعادة السلطة» في إيطاليا. وأعرب عن «أسفه لأن الشيوعية في إيطاليا لم تستسلم ولم تتغيّر على الإطلاق، فما زال هناك من يستخدم القانون الجنائي أداة للنضال الايديولوجي». وأكد أنه «الرجل الأكثر تعرضاً للاتهام في الكون والتاريخ».