يسابق النجم التركي الألماني مسعود أوزيل، زملاءه في ريال مدريد ونفسه - أيضاً - لبسط موهبته، وفرض نفسه خليفة للأسطورة الفرنسي زين الدين زيدان بالنادي، الذي طالما تحوّل إلى مقبرة للعديد من النجوم. ويبدو الشاب القادم من فيردر بريمن خلال الصائفة المنقضية بنحو 15 مليون يورو في طريقه لتحقيق الحلم، غير مكترث في ذلك بصغر سنه (22 سنة)، وقلة حيلته ونقص تجربته، فما يقدمه مع النادي الملكي بات مرجعاً يجعل منه أفضل من يتبوأ هذه المكانة، بعد رحيل الأسطورة الفرنسية. ومنذ انضمامه مطلع الموسم إلى القلعة البيضاء بطلب من مورينيو، لم يرعبه وجوده بين النجوم رونالدو وكاكا وكاسياس وآخرين. ولم يتأخر الفتى الألماني التركي عن التأقلم مع محيطه الجديد، حتى إنه بدأ يحفظ كلمات إسبانية، كما لم يخيب آمال المتعاقدين، بل إن وهو الأهم، لم يسقط ضحية شهرة ونجومية «الملكي»، التي كثيراً ما تحولت إلى مقبرة للنجوم. فمن هنا مر روبن وشنايدر وأوين وكمبياسو وكانافارو وسيدورف وكاكا وغيرهم ممن خرجوا من القلعة البيضاء كما دخلوها من دون حس ولا شوشرة لم يقدموا القيمة المضافة، ولم ينجوا بأنفسهم من السقوط في الشك. والحقيقة أن أوزيل منذ قدومه إلى الريال يحقق من حوله الإجماع، بفضل أدائه المميز في وسط الميدان، وقيادته الناجحة للفريق في أغلب لقاءاته، خصوصاً مباراة ساتندار (3/1)، التي خرج فيها الريال فائزاً مرتين. بالنتيجة أولاً في غياب عدد من نجوم الفريق يتقدمهم رونالدو، وثانياً بكسب صانع ألعاب حقيقي جعلت زميله بالفريق التوغولي يمتدحه كثيراً، ويصفه بأنه «لاعب عظيم لديه عينان في الأمام واثنتان في الخلف». ويقول خبراء الكرة إن أوزيل ينسجم تماماً مع جميع الخطط التكتيكية التي يرسمها مورينيو، خصوصاً خطة 4- 2 – 3 – 1، بفضل أدائه الجماعي وقيادته المميزة للفريق، ما دفع بالمدير الإداري للنادي الأرجنتيني خورخي فالدانو إلى الإشادة بموهبته الفذة، مرجحاً أنه «سينقش اسمه مع ريال مدريد في السنوات العشر المقبلة». بينما ذهب أخرون إلى حد تشبيه أدائه بأداء الأسطورة الفرنسية المعتزل زين الدين زيدان، بيد أن ذلك وإن شكل «صك اعتراف» بموهبته إلا أنه يرفض أن يقحم اسمه في مثل هكذا «مقارنة غير موضوعية» على حد تعبيره. يضيف أوزيل، في هذا السياق، متسائلاً باستغراب: «أنا زيدان الجديد؟ لا أظن ذلك. زيدان أسطورة، أما أنا فلست شيئاً بعد!». لكن ذلك لا ينفي إعجابه الشديد بزيدان الذي كان إلى وقت قريب قدوته فوق الميادين. فقد نسب إليه تصريح قال فيه: «عندما كنت طفلاً كنت شديد الإعجاب به. لقد كنت اشاهده في التلفزيون وأحاول تقليده». أما صاحب الفضل في وجوده بين جدران القلعة البيضاء المدرب مورينيو، فيعتبره «صفقة ناجحة على طول الخط». ويضيف: «انه لاعب اخر ممن جئنا به بداية الموسم. لقد جاء من ناد يختلف كثيراً عن الريال، لكنه سريعاً تعود مع معطيات وتقاليد الريال. أحياناً تؤلمنا اختياراتنا التي تنتهي بتقديم أموال ضخمة للاعبين سرعان ما نكتشف أننا فشلنا في الاختيار. نتذكر ذلك بألم، لكن في حالة أوزيل يجب أن نفعل العكس. فمع أوزيل أجرى الريال صفقة انتقال رائعة وبثمن بخس (15 مليون يورو فقط). إنها عملية رائعة ان جئنا به في الصيف الماضي». وفي أقل من موسم أثبت أوزيل أحقيته بحمل القميص الملكي، مقدماً أفضل صورة عن اللاعب ذي الثقافتين المختلفتين بأداء بسيط وسهل لكن لا تخونه الفاعلية حتى بات اليوم أفضل ممرر كرة في الريال بمجموع 11 تمريرة ناجحة بالليغا، خلف الأعجوبة ليونيل ميسي صاحب 15 تمريرة، و18 تمريرة ناجحة بجميع المسابقات، متقدماً أنجيل ماريا صاحب ثماني تمريرات ناجحة. وبحسب الإحصاءات، فإن ثماني تمريرات ناجحة من أصل 11 قدمها أوزيل لكريستيانو رونالدو وحده في مقابل تمريرة واحدة لأنخيل دي ماريا وأخرى لبن زيمة وثالثة لأديبايور. وهي معطيات تجعل من الفتى الألماني التركي «صناعة الريال بامتياز» كما وصفه مورينيو أو «النجم القادم للريال خلال السنوات المقبلة» بحسب فالدنو. اجتهد أوزيل كثيراً ليبلغ ما بلغه اليوم على رغم أنه «لم يحقق شيئاً لحد الآن»، عدا مشاركته بمونديال جنوب أفريقيا (7 مباريات، هدف واحد و3 تمريرات حاسمة) وانتقاله لاحقاً إلى الريال، اذ جاءت مسيرة الفتي القادم من تركيا صعبة وعانى الأمرين في شالكة الذي انضم إليه في 2005 بجلوسه كثيراً على دكة الاحتياط. لكن موهبته تفجرت في المباريات التي لعبها على قلتها، فلفتت إليه أنظار الأندية المحلية قبل أن يخطف فيردر بريمن في 2008 لقاء 4.5 مليون يورو دفعة واحدة اقتناعاً منه أنه وقع على صيد ثمين. ولم يخيب ظنه بريمن فيه. ففي أقل من موسمين أصبح أوزيل النجم الصاعد للكرة الألمانية والقلب النابض لمنتخبها الأول فتهافتت عليه الأندية من كل جانب. «فراوده» أرسنال وبرشلونة وريال مدريد وقدم الإنتر مبلغ 30 مليون يورو دفعة واحدة كادت تسيل لعابه وعائلته الصغيرة، لكن دخول بيريز الريال على الخط في آخر لحظة قلب الموازين رأساً على عقب، فانضم إليه اللاعب محققاً بذلك طموحه الأول على رغم العرض الضئيل. ويتفق مورينيو مع مدير الكرة على أنه «عندما يشاهد أوزيل يلعب يتملكه إحساس بأنه يلعب في الريال منذ سنوات، وأنه ولد للريال لا غير. أداؤه اليوم أكثر من رائع». في حين يعقب الثاني بالقول: «إنه لاعب يتماشى والنظرة الاجتماعية للنادي. حتى منافسينا يبدون إعجاباً به. لدي قناعة بانه سيسجل حضوره بالنادي خلال السنوات العشر المقبلة».