ليس من السهل أن ترى أطفالك فلذات كبدك يعانون المرض ويتجرعون الآلام كل يوم وأنت تتفرج عليهم وتقف مكتوف الأيدي. لكن الحقيقة المرة أن هناك ظروفاً خارجة عن إرادة بني البشر تجبرهم على ذلك بسبب قلة الحيلة، أو عدم توافر المادةهم أربعة أشقاء معاقون عاجزون مقيدون بسلسلة عذاب لا نهاية لها، يعيشون في محافظة بيش جازان في منزل رثٍّ خالٍ من أي مقومات الحياة. يقول والدهم ابراهيم الذي بدا على وجهه الشحوب وعلامات الكِبَر: «أعيش أنا وأبنائي على تراب هذه الأرض الطيبة منذ ما يقارب 70 عاماً، وأبنائي معاقون تماماً ذهنياً وبدنياً، هم ابنان وابنتان، (محمد 20 عاماً) و(حسين 10 أعوام) و(ولية 15 عاماً) و(أروى 8 أعوام) »، موضحاً أنه ذهب بهم للمستشفى العام في بيش، وقال له الطبيب المعالج حينها إنهم معاقون ذهنياً وليس لهم علاج هنا. وأضاف: «نقوم بتغذيتهم بأيدينا ونحترق ألماً من أجلهم، فهم يعانون من كل شيء في حياتهم، حتى إنهم يخرجون من المنزل أحياناً ويعترضون سالكي الطريق، ما يسبب لنا إحراجاً لدى الجيران، ويقومون بتصرفات غريبة فهم يعيشون من غير وعي ولا إدراك»، مشيراً إلى أنه منذ ذلك الحين وإلى الآن وهو يتردد على المستشفيات، طلباً لبصيص من الأمل لعلاجهم أو تهدئتهم من هذا المرض. إبراهيم لم يتوقف عند هذا الحد، فكلما سمع بطبيب أو معالج أو بصيص أمل حزم أمتعته وقصده، فتحمل كثيراً من الديون وناله الإرهاق والتعب والتفكير المستمر. ويستطرد: «جميع إخوانهم سالمون من هذا المرض إلا هؤلاء الأربعة، علماً أن ولاداتهم كانت طبيعية، ولكن بعد ولادة كل منهم بفترة كانت تظهر عليهم هذه الحالة من الإعاقة الجسدية والنفسية». وأكد أنه لا يملك من هذه الدنيا إلا بيتاً لا يصلح للسكن الآدمي فهو خرب رث. وعلى رغم إيمان إبراهيم بقضاء الله وقدره، إلا أنه يشعر بالحرقة لعجزه عن إدخال الفرحة على أبنائه. موضحاً أنه تعب من كثرة أسفاره ومراجعاته المستشفيات والجهد البدني والمعاناة النفسية التي أرهقته، إلا أنه لم يفقد الأمل في إيجاد علاج لهم. من جهته، قال الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسن عسير: «لا بد من حل إنساني لمثل هذه الحالات البريئة، ولدينا القدرة في بلد الخير والعطاء على القيام بدور فاعل في حل معاناة مثل هؤلاء»، مشيراً إلى أن حل مشكلتهم سريعاً يؤكد ترابط المجتمع، وأنه مجتمع متماسك يؤازر بعضه بعضاً بغض النظر عن جنسية الإنسان الذي يحتاج إلى المساعدة، خصوصاً إذا كانوا أطفالاً أبرياء.