حُرِما لذة النوم، وملا من نظرات الشفقة التي يلحظانها على عيون الأقارب. افتقدا الراحة الجسدية بسبب الحكة المستمرة التي يعانيان منها، وتطورت الأمور إلى أن ساءت حالتهما النفسية، فانطويا في المنزل ورفضا مقابلة الزائرين. أما والداهما فقد سيطر عليهما الحزن، خصوصاً أنهما يشعران بعجزهما عن علاج ابنيهما، ولكن ماذا يفعلان وهما لا يملكان المال؟! هذه هي الحال الصحية لشقيقين أصيبا بمرض جلدي فقاعي نادر، حال بينهما وبين ممارسة حياتهما في شكل طبيعي، بل وحول حياتهما إلى جحيم لا يطاق، سواء على الجانب الصحي أم الاجتماعي. وتقول أم محمد (والدة المريضين): «أصيب ابناي منذ الولادة بمرض جلدي غريب، وعجز الأطباء عن علاجه، وهذا المرض ينهش في جسديهما ويترك آثاراً بالغة». وتضيف: «ما يزيد من سوء الأمر أنه ينتج من المرض فقاعات مائية تنفجر عند احتكاكهما بأشياء بسيطة وأبسطها ملابسهما، إضافة إلى أنهما معظم الأحيان يشعران بحكه قوية لا يستطيعان تحمل آلامها»، لافتة إلى أن أكثر ما يضايقهما نفسياً هو نظرة الشفقة الواضحة على عيون الأقرباء والأصدقاء. وتؤكد أم محمد أنها وزوجها لم يدعا باباً إلا وطرقاه من أجل شفاء ابنيهما، «راجعنا الكثير من المستشفيات والأطباء وأجريت لهما فحوص طبية كثيرة طوال السنوات الماضية، إلا أن حالتهما لم تتغير»، مشيرة إلى أن معظم دخل الأسرة ذهب خلال تلك السنوات إلى المستشفيات الخاصة وعيادات الأطباء بلا فائدة. وتتابع الأم وعيناها تفيضان بالدموع: «دموعي لا تقف بسبب الآلام التي يشعران بها، ومع أننا لم نألوا جهداً في سبيل علاجهما، إلا أن الشعور بالتقصير يكاد يقطّع قلبي، فالعلاج داخل المملكة لم يعطِ النتائج المرجوة»، مؤكدة أنه شعور قاتل ولحظات أليمة لا تستطيع وصفها عندما تجد أن فلذات كبدك يرفضون الخروج من المنزل والاستمتاع مع الآخرين أو لا يوجد لديهم أصدقاء بسبب مرض لم نستطع مساعدتهم في التخلص منه». ولا تخفي أم محمد أن زوجها فكّر كثيراً في بيع المنزل: «نحن نعيش بين نارين، والله وحده يعلم الأحزان التي تحيط بنا والحيرة التي نعيشها، فنحن نخاف إن بعنا المنزل ألا ينجح العلاج، وبالتالي نعرض مستقبل أبنائنا للخطر، وفي المقابل لا نستطيع تحمل أن نرى ابنينا يضيعان من أيدينا»، مبينة: «هما في حاجة ماسة ودائمة إلى ملابس خاصة وضمادات ولا بد من أن نكون معهما في شكل مستمر، بسبب الفقاعات التي يخرج منها الصديد، كما أنهما لا يستطيعان النوم بسبب تقلبهم المستمر من شدة الألم». وتتساءل: «هل هناك شخص يستطيع التعايش مع معاناة ابنيه وهو يراها تتجدد يومياً؟ وهل هناك شخص يتحمل الضغوط، وهو لا يرى حتى بصيص أمل يعيد الابتسامة إلى محياه؟ بالنسبة إليّ وزوجي لم نستطع ولا أظننا نستطيع التعايش مع ذلك». دموع لم تستطع أم محمد أن تخفيها بسبب الألم والحرقة على ابنيها، ونظرات منهكة وقلق على الآلام التي تعيشها أفراد الأسرة، بسبب مرض ابنيها، ووضعهم الاقتصادي الذي أصبح على المحك. وتتمنى أم محمد من المسؤولين في هذه البلاد المباركة مساعدتهم، بالتكفل بقيمة علاج ابنيها، «لا نريد مالاً ولا أي شيء في هذه الدنيا، فقط عالجوا ابنيّ في أقرب وقت، فقد بلغنا مرحلة اليأس ولا حول ولا قوة إلا بالله».