انتقلت الخلافات الطاحنة التي تعصف بجماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية إلى العلن، إثر قرار داخلي صدر في 20 نيسان (أبريل) الماضي يقضي بفصل قيادات إخوانية متهمة بقربها من السلطة، لإنشائها «مبادرة أردنية للبناء» عرفت اختصاراً باسم «زمزم»، اتهمتها الجماعة ب»زرع بذور الانشقاق». وأخفقت لجنة شكلها مجلس شورى الجماعة (أعلى هيئة قيادية في التنظيم) قبل أن تبدأ، في تطويق الخلافات غير المسبوقة بين القيادة الصقورية وقيادة «زمزم» المحسوبة على تيار الحمائم. وكان مجلس الشورى كلف الأربعاء رئيس البرلمان الأردني السابق، عبد اللطيف عربيات، أحد أهم القيادات التاريخية في الجماعة، ترأس اللجنة التي تعهدت إنهاء الخلاف بين المكتب التنفيذي (حكومة الجماعة المصغرة) والقيادات المفصولة، من خلال حض الأخيرة على سحب المبادرة «الإصلاحية» واستئناف قرار فصلها. لكن هذه القيادة اشترطت حل قيادة «الإخوان» الحالية، واتهمتها بإنشاء «تنظيم سري» داخل الجماعة، وطلبت إلغاء قرارات المحكمة الأخيرة من أساسها. ووصل الخلاف أبعد من ذلك، بعد أن سرب عاملون لدى «زمزم» خبراً أمس، على شكل بيان، عن اجتماع عاصف دعت إليه الجماعة رؤساء الشعب على مستوى المملكة، من أجل بحث قرارات الفصل. وجاء في الخبر أن «اللقاء كان صاخباً، وتخللته انتقادات بالغة القسوة بحق المراقب العام للإخوان همام سعيد ونائبه زكي بني ارشيد، واتهامات بأنهما قادا الجماعة إلى مربع الفشل، وإشعال حرب التصفيات الداخلية بطريقة لم تعهدها الجماعة عبر تاريخها». ونقل الخبر على لسان نائب شعبة منطقة سحاب خليل عسكر قوله إن «هناك تنظيماً داخل التنظيم، وإن المراقب العام ونائبه وعدد من الجالسين على الطاولة أعضاء فيه، وإنه يدير الجماعة من الخلف، وسبب كل البلاء». ولم تمض ساعات على تسريب خبر الاجتماع، حتى أصدر بني ارشيد تصريحات لافتا قال فيه: «في الوقت الذي يشكل فيه مجلس شورى الجماعة لجنة خاصة للبحث في مخرج مناسب لمجموعة زمزم، يتم التعميم على جميع وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني مقتطفات من اجتماع الهيئات الإدارية، وبغض النظر عن مدى صحة تلك المقتطفات من عدمها، فإن السؤال الذي تجب الإجابة عليه بوضوح، هل كانت تلك المجموعة بحاجة لمزيد من الفرص أو ينقصها المزيد من الحوار». وسرعان ما وجد التراشق الإعلامي بين الأطراف المتخاصمة طريقه إلى مواقع التواصل الاجتماعي. وأطلق بني ارشيد، الذي يشغل أيضاً منصب الناطق باسم الجماعة، سلسلة من البيانات الصحافية على صفحته على موقع «فايسبوك»، رداً على بيانات استباقية ل»زمزم»، قال في إحداها إن «القيادات المفصولة أنشأت جيباً تنظيمياً بنكهة جهوية واضحة، لخلق تنظيم خاص مواز». وسخر بني أرشيد في بيان آخر من المزاعم المتعلقة بوجود «تنظيم سري» داخل الجماعة، وقال «من غرائب الأمور أن الأخوة في زمزم والمتأثرين بهم يزعمون وجود تنظيم خاص ويطلبون حله، وفي نفس الوقت يشكلون نواة تنظيم خاص ويزرعونها داخل المشتل التنظيمي على قاعدة رمتني بدائها وانسلت». وكان مهندس «زمزم»، ارحيل غرايبة، وهو أحد القيادات الثلاثة المفصولة من الجماعة، قد سارع إلى استخدام الفضاء الإلكتروني مصدراً العديد من البيانات على صفحته التي هاجم فيها قيادة «الإخوان»، وقال في إحداها «إذا كانوا لا يتورعون عن فبركة الروايات واغتيال الشخصيات ونشر الإشاعات وإطلاق الاتهامات، فكيف تؤمنهم على فكر وعلى بشر وعلى وطن!». وتسبب اجتماع عقده قرابة 30 شخصية إخوانية في مدينة إربد الشمالية في صب الزيت على النار، بعد تعهد المجتمعين إطلاق مؤتمر عام يضم قرابة 500 شخصية، للمطالبة ب»إصلاح الجماعة». وقال المراقب العام السابق لجماعة الإخوان عبد المجيد ذنيبات، وهو أحد داعمي «زمزم» أن «هدفنا إصلاح الجماعة وإعادة تأهيلها، لأنها باتت اليوم مختطفة وابتعدت عن أهدافها وأصبحت غريبة عن المجتمع». ومقابل هذه الاتهامات غير المسبوقة، ردت الجماعة على مراقبها السابق بالقول «اتهامات زمزم ما هي إلا فقاعة في فنجان مكسور». وجاء الرد على لسان بني ارشيد الذي قال أيضاً إن «هناك جهات رسمية تسعى لإشغال الجماعة وإضعافها عبر مساعي الانقسام واعتماد أوراق بعض القيادات لدى جهات معروفة داخل الدولة». وأردف: «هذا لا يعني أن هؤلاء القادة عملاء، لكن هناك من يسعى للاستفادة منهم».