جاء قرار جماعة «الإخوان المسلمين» فصل قيادات «المبادرة الأردنية للبناء»، المعروفة اختصاراً باسم «زمزم»، ليضع مستقبل الجماعة الأردنية على المحك في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها الفروع «الإخوانية» في المنطقة. وقال قيادي بارز في «تيار الصقور» الذي يقود الجماعة ل «الحياة» إن «محكمة مركزية قررت فصل 3 من قيادات زمزم هم الدكتور رحيل الغرايبة (النائب السابق للمراقب العام)، والدكتور نبيل الكوفحي، والدكتور جميل دهيسات» لأنها «خالفت النظام الأساسي للجماعة، ومن الطبيعي أن ينسحب قرار الفصل على أي من أعضاء الإخوان المنضوين تحتها». ورد الغرايبة على قرارات الفصل بالقول إنها «تمثل شكلاً من أشكال الرعونة ومجانبة الحكمة في وقت أحوج ما يكون فيه الإخوان إلى لملمة الصف، وتعظيم القواسم المشتركة والتوافقات السياسية». وقال دهيسات إنه علم بقرار فصله يوم الأحد، موضحاً أن اثنين من قيادات الجماعة حضرا إلى مكتبه بهدف تسليمه نسخة من القرار، لكنه رفض تسلمه. ورفض الكوفحي التعليق على القرار، واكتفى بالقول إنه لم يبلغ به، شفوياً أو رسمياً. وأصدر القياديون الثلاثة لاحقاً بياناً أكدوا فيه «مشاعر الصدمة والقلق إزاء الإقدام على قرار بائس يعبّر عن ضيق أفق وقصر نظر، ويخلو من الحكمة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها الجماعة». وقالوا إن «الإساءة إلى أشخاص يحملون أفكاراً... تدل دلالة واضحة على أن هناك فئة ما زالت تعيش فكر العزلة والانغلاق والجمود الذي أدى الى خسران الجماعة كثيراً من ميادين التأثير والفاعلية، وعدم القدرة على قراءة المشهد بدقة». وأشهرت مبادرة «زمزم» في أيلول (سبتمبر) العام الماضي خلال احتفال كبير أقيم في أحد المقار الحكومية، وحضرته شخصيات رسمية رفيعة عرفت بعدائها التاريخي ل «الإخوان»، منها رئيس الوزراء السابق معروف البخيت. وبرر قادة المبادرة هذه الخطوة بالسعي إلى التواصل مع مكونات المجتمع الشعبية والرسمية، والانفتاح على الجميع. وتسعى «زمزم» وفق بياناتها إلى خرق جدار يحقق الإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد، وينهي ما يعرف أردنياً بثنائية النظام و «الإخوان». وما من شك أن قرار الفصل يضع مستقبل «الإخوان» على المحك، ويفتح الباب على مصراعيه أمام رهانات عديدة ل «الإخوان» أنفسهم، ولقيادات «زمزم» الغاضبة، وحتى للنظام الأردني الذي يراقب المشهد المحتدم داخل الجماعة عن كثب، فيما تُتهم أطراف في داخله بتغذية هذا المشهد. والمؤكد أن قيادة «الإخوان الصقورية» تراهن على وحدة الجماعة وتماسكها، اذ تحدث عدد من أبرز قادتها قبل صدور قرار الفصل عن لقاءات دورية تجمع شخصيات نافذة من «الصقور» و «الحمائم» بهدف الوصول إلى تفاهمات على قيادة المرحلة. في المقابل، تراهن قيادات «زمزم» المفصولة على استقطاب رؤوس كبيرة من تيار «الحمائم»، وهي تتهم قيادة الجماعة الحالية ب «قمع الرأي الآخر، والسعي الحثيث الى فصل كل من يخالف رأيها». لكن الأخطر من رهان «الإخوان» و «زمزم» هو رهان النظام الأردني، وتحديداً الجناح المحافظ داخل مطبخ القرار، والذي لا يتردد في إظهار عدائه الشديد للجماعة ويأمل بحدوث انشقاق عريض داخل الجماعة على أساس إقليمي، خصوصاً أن غالبية قيادات «زمزم» وأعضاءها من شرق الأردن، وليسوا من أصول فلسطينية.