يُعدّ العراق ملفات لتحديد حجم الأضرار التي تعرضت لها المحافظات المحررة من تنظيم «داعش» في مقدمها محافظة نينوى، وكلفة إعادة الاعمار. فيما ينتظر المسؤولون أن يحصل العراق على دعم دولي كبير خلال مؤتمر المانحين، الذي سيُعقد في الكويت مطلع العام المقبل، والذي سيناقش التقارير المقدمة من العراق إلى المؤتمر حول حصول المحافظات المعنية على حقوقها. واعتبر الخبير الاقتصادي عبد الزهرة الهنداوي في حديث إلى «الحياة»، أن «حجم الدمار في المحافظات والمناطق المحررة كبير. ويحتاج العراق إلى 10 سنوات على الأقل لإعادة الاعمار المتوقع تجاوز قيمته 100 بليون دولار، على رغم صعوبة تأمين هذا المبلغ الكبير في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية، وهنا يأتي دور المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ليكونوا شركاء العراق في المرحلة المقبلة». ولم يستبعد الهنداوي أن «يشهد الواقع الاقتصادي العراقي تحسناً في مفاصله في ظل التوجهات الحالية لإيجاد بدائل تنموية ناجعة، وعندها سنختصر مدة الاعمار ويكتفي العراق بما لديه من دون الحاجة إلى دعم خارجي». وعن التحديات الخطيرة التي يواجهها العراق نتيجة تحريره أرضه من الإرهاب وخطط إعادة اعمار المناطق المحررة والمتضررة، قال: «تتبادر إلى الأذهان تساؤلات وأفكار، إذ إن التحديات كبيرة وخطيرة وربما من المفيد الإشارة إلى بعض منها وهي ليست خافية على أحد، خصوصاً أن ظهور داعش رافقه هبوط كبير في أسعار النفط». واعتبر أن «من أخطر نتائج الأزمة الأمنية نزوح أكثر من 4 ملايين شخص من المحافظات التي احتلها «داعش»، ما تسبب بارتفاع معدلات الفقر من 20 إلى 41 في المئة في محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار خصوصاً، ومن 15 إلى 30 في المئة في العراق عموماً». ولم يغفل أيضاً «مضاعفة معدلات البطالة من 11 إلى أكثر 21 في المئة خلال عامين، يُضاف إلى ذلك حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية، والمقدّر بنحو 40 تريليون دينار (34.2 بليون دولار)». ولفت إلى «ارتفاع نسبة العجز في الموازنة وارتفاع الديْن العام وتدهور الحساب التجاري لميزان المدفوعات وتراجع الاحتياط النقدي، والتداعيات والنتائج الوخيمة على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية». وأكد أن كل «مفاصل التنمية أُصيبت برضوض جانبية في أقل تقدير، وعندما نتحدث عن هذه التداعيات، يجب أن نذكر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في مواجهة الأزمتين الأمنية والاقتصادية، التي كان لها أثر واضح في امتصاص حدة الصدمة والخروج منها بأقل الخسائر، للانطلاق بعد ذلك في عمليات الإعمار بعد تحرير الأراضي العراقية كاملة في ظل انفتاح دولي لا سابق له». وعن الأسئلة المطروحة حالياً مع تصاعد وتيرة الحديث عن خطط إعادة الاعمار التي أعلن عنها أخيراً، وحجم الدمار الحقيقي الذي لحق بالمناطق المحررة، أكد الهنداوي أن «حجم الضرر والدمار متباين يبن منطقة وأخرى، ففي مدينة الرمادي مثلاً، وصل حجمه إلى 80 في المئة، والحال ذاتها في الموصل». في حين «لم تتجاوز الأضرار في مناطق أخرى 15 في المئة، ولكن لم تنج أي محافظة من الأعمال الإرهابية، سواء كان من خلال الاحتلال المباشر أو من خلال التفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والانتحاريين». وشدد على أهمية «إنجاز التقرير التفصيلي لحجم الأضرار وبدقة متناهية لكل منطقة، وكلما كان هذا التقرير دقيقاً، كلما ساعد في الحصول على دعم دولي سخي، خصوصاً في ظل الحراك الذي نشهده لعقد المؤتمر الدولي للمانحين في الكويت بداية العام المقبل». ورأى أن «دقة التقرير وواقعيته تضمنان حقوق كل المحافظات، وبالتالي يمكن أن يساعد في اعتماد مبدأ توظيف الأزمات واستثمارها، بوصفها فرصاً استثمارية لإحداث التغييرات والنتائج وصولاً إلى تحقيق مبادئ التنمية المستدامة وأهدافها».