استمرت الضربات الغربية أمس على مواقع قوات العقيد معمر القذافي. وفي حين أفيد أن قوات الثوار شنّت هجوماً فاشلاً على مواقع قوات القذافي في أجدابيا، اصطحب مسؤولون ليبيون صحافيين أجانب إلى المجمع الحصين للزعيم الليبي في باب العزيزية في طرابلس لإظهار مبنى قالوا إنه دُمّر في هجوم صاروخي شنته القوات الغربية. لكن مسؤولين غربيين نفوا أن يكونوا قد استهدفوا القذافي شخصياً. واكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد ظهر أمس امام مجلس العموم ان الغارات على ليبيا نجحت حتى الان في تدمير منظومة الصواريخ الليبية. وعلى مسافة قصيرة من خيمة مضاءة يستقبل القذافي فيها ضيوفه، بدت مظاهر الخراب على مبنى من ثلاثة طوابق وكانت هناك فجوة دائرية واضحة على واجهته. وكان مراسلو «رويترز» في طرابلس قد سمعوا انفجاراً في وقت سابق من الليل وشوهد دخان يتصاعد من اتجاه مجمع القذافي المترامي الأطراف الذي يضم مقر إقامته الخاص فضلاً عن ثكنات عسكرية وغيرها من المنشآت. لكن لم يكن هناك دخان يتصاعد من المبنى الذي شاهدوه على رغم وجود أنقاض وألواح من الخرسانة المبعثرة. وقال مسؤولون انه أصيب بصاروخ ليل الأحد واتهموا القوى الغربية بمحاولة اغتيال القذافي. وقال موسى إبراهيم الناطق باسم الحكومة انه قصف وحشي وعرض قطعاً من الشظايا التي قال إنها من القذائف. وأشار الى أن هذا يتناقض مع تصريحات أميركية وغربية بأنهم لا يهدفون الى مهاجمة هذا المكان. وقال إبراهيم إن أحداً لم يصب في الهجوم. وامتنع عن قول ما إذا كان القذافي لا يزال داخل المجمع. وسمح لحشود من أنصار القذافي بدخول المجمع كدرع بشري ضد ضربات جوية محتملة ورددوا شعارات مناهضة للغرب منها «يجب ذبح أوباما». واحتشدت قوات وميليشيات على طول جدار المجمع الأخضر الضخم ورقص البعض وأشار البعض بعلامات النصر. ورقص حشد من الناس على أنغام أغان وطنية حماسية عبر مكبرات الصوت خارج منزل دمر في قصف للمجمع عام 1986 بطائرات مقاتلة أميركية - وهو موقع يرمز لتحدي أنصار القذافي للغرب. وفي واشنطن، قال مسؤول عسكري أميركي، أمس، إن مدى فعالية الضربة التي وجهت الأحد إلى مجمع العقيد القذافي في طرابلس ما زال غير واضح. وأضاف المسؤول أن تلك الضربة التي شنّتها القوات البريطانية استهدفت قدرات القيادة العسكرية للقذافي. وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا إنهم لا يستهدفون القذافي شخصياً. كذلك أكد قائد القوات المسلحة البريطانية الجنرال ديفيد ريتشاردز لهيئة الإذاعة البريطانية أن القوات العسكرية الغربية لا تستهدف القذافي بصورة مباشرة في الضربات الجوية. وقال: «بالطبع لا. ليس هذا مسموحاً في إطار قرار الأممالمتحدة وليس هذا شيئاً أرغب في مناقشته أكثر من ذلك». وقال مسؤولون في العاصمة الليبية طرابلس إن صاروخاً كان يهدف إلى قتل القذافي دمر مبنى في مجمعه الحصين خلال الليل. وفي بنغازي، قال متحدث باسم المعارضة المسلحة إن المعارضين الليبيين يرحبون بمزيد من الضربات الجوية التي تشنها القوات الأجنبية ضد جيش القذافي لكنهم يرفضون تدخل قوات برية أجنبية في الحرب. وأضاف أحمد الحاسي الناطق باسم «ائتلاف 17 فبراير»: «ترفض اللجنة وجود قوات برية على الأرض ولكن نشجع قصف جيش القذافي». وتابع في إفادة صحافية بمقر المعارضة المسلحة في بنغازي أن هدف المعارضين لا يزال السيطرة على العاصمة طرابلس ولكنهم يريدون تحقيق ذلك من دون هجوم أجنبي بري. وكان الحاسي يتحدث بعد يومين من صد هجوم للقذافي على بنغازي بعد أن قصفت طائرات غربية قواته بينما كانت المعارك تدور على مشارف المدينة. واستهدفت الضربات الجوية التي تقودها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة منذ ذلك مواقع في العاصمة طرابلس وفي أماكن أخرى. وصرح الحاسي بأن لجنة المعارضة ستبعث بوفد ليجتمع مع مسؤولي جامعة الدول العربية الذين بعدما أيّدوا في بادئ الأمر التدخل الأجنبي عبّروا عن قلقهم من الخسائر بين صفوف المدنيين. وقال إن الوفد سيبلغهم بأن المعارضة تؤيد الضربات الأجنبية. وذكر أن مزاعم القذافي عن مقتل وإصابة مدنيين في طرابلس هي مجرد أكاذيب وأن اللقطات التي بثها التلفزيون الليبي عن الضحايا ملفقة. وأضاف أن قيادات المعارضة نسّقت مع القوى الدولية في ما يتعلق بالضربات. وقال: «هناك صلة بيننا. أولاً لتحديد مواقع قوات القذافي وثانياً لتحديد مواقع مقاتلينا حتى لا يصابوا في القصف». وسئل عما إذا كانت المعارضة المسلحة تعتزم استعادة السيطرة على بلدات سيطرت عليها من قبل ثم فقدتها لمصلحة قوات القذافي طوال خمسة أسابيع من الانتفاضة قال الحاسي: «مقاتلونا عند مداخل أجدابيا ويفتشون عن إرهابييه. وقريباً ستكون آمنة. سنذهب حتى طرابلس لإقالة النظام». وشاهد مراسلو وكالات الأنباء العالمية شاحنات صغيرة للثوار تفر من قرب أجدابيا وعلى متنها جثث قتلى ومصابون في محاولة فاشلة شنوها لطرد قوات القذافي من البلدة التي تقع على بعد نحو 150 كيلومتراً إلى الجنوب من بنغازي وكانت آخر بلدة تقع في أيدي قوات القذافي قبل الهجوم الفاشل على بنغازي وما لحقه من تقهقر. على صعيد آخر، أفاد سكان أن قوات القذافي تقصف منذ ثلاثة أيام مناطق في الجبل الغربي (جنوب غربي طرابلس) وخصوصاً الزنتان ويفرن. وقال أحد سكان الزنتان (145 كلم جنوب غربي العاصمة الليبية) في اتصال هاتفي إن «قوات القذافي تقصفنا من بعيد بواسطة صواريخ غراد. الأمر مستمر منذ ثلاثة أيام. إن القصف كثيف جداً». وأضاف: «تمكن المتمردون من صد الهجوم ومنعوا تقدم كتيبة للنظام نحو المدينة». كذلك أفاد شاهد في يفرن أن قوات القذافي تمكنت من استعادة السيطرة على قرية مجاورة لهذه المدينة التي تبعد 60 كلم شرق الزنتان. وفي مصراتة، زعم ناطق باسم المحتجين أن قوات القذافي تأتي بمدنيين من بلدات مجاورة لاستخدامهم كدروع بشرية. ولم يتسن التأكد من صحة التقرير من مصدر مستقل، ولم يرد تعليق فوري من مسؤولين ليبيين. وأبلغ الساكن «رويترز» أيضاً أن قوات القذافي التي ترتدي ملابس مدنية دخلت المدينة وأن قناصة يقفون فوق أسطح المباني ويطلقون النيران على من يدخل في نطاق مرماهم. وقال حسن وهو ناطق باسم المعارضة: «قوات القذافي تُخرج الناس من منازلهم بزاوية المحجوب والغيران قسراً وتعطيهم صور القذافي والعلم الأخضر (علم ليبيا الرسمي) ليهتفوا للقذافي». وفي أنقرة، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الاثنين أن ليبيا أفرجت عن أربعة صحافيين يعملون لحساب صحيفة «نيويورك تايمز» كانوا اعتقلوا من قبل القوات الموالية للقذافي وأنهم في السفارة التركية في طرابلس التي غادروها بعد ظهر أمس الى تونس.