عانى مانشستر يونايتد على أرضه الثلثاء الماضي لتخطّي عقبة مرسيليا الفرنسي في إياب دور ال16 من مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، لكنه حقق الأهم في النهاية بفوزه 2-1. وأسهم الويلزي راين غيغز بالانطلاقة القوية لمانشستر يونايتد، إذ سرعان ما كوفئت جهوده عندما مرر الكرة داخل المنطقة في إتجاه واين روني الذي حولها بدوره إلى المكسيكي خافيير هرنانديز «تشيتشاريتو» المتربص أمام المرمى، فتابعها بسهولة داخل الشباك مفتتحاً التسجيل في «أولد ترافورد» أمام 73996 متفرجاً. خاض غيغز، الذي جدد عقده أخيراً مع «الشياطين الحمر» حتى حزيران (يونيو) 2012، مباراته ال136 في دوري الأبطال، وكانت ال866 مع الفريق الذي أخلص لصفوفه واسمه منذ أن وقّع على كشوفه في 2 آذار (مارس) 1991 وهو في السابعة عشرة من عمره. واحتفل في مطلع الشهر الجاري بمرور 20 عاماً على ارتدائه قميصه، واستحق لقب «اللاعب المخلص» لنادٍ واحد ومدرب واحد هو السير ألكس فيرغوسون. ولم يسبق لأي لاعب أن دافع عن ألوان مانشستر طوال 20 عاماً، ولا يقترب من إنجاز غيغز سوى بوبي تشارلتون وبيل فولكز اللذان ارتديا قميص «الشياطين الحمر» نحو 17 عاماً، في حين أن الويلزي الآخر بيلي ميريديث تواجد في هذه المدينة لمدة 30 عاماً بين 1894 و1924. لكنه أمضى معظم تلك الفترة في صفوف مانشستر سيتي، أي الفريق الذي بدأ فيه غيغز مسيرته الكروية. «هناك راين غيغز واحد» يرددها أنصار مانشستر ل «المخلص» المعمّر في الملاعب، الذي رفع مع فريقه 33 كأساً وسجل 158 هدفاً وزامل 131 لاعباً، ولا يزال يشعر بحماسة فائقة تحفّزه لبذل مزيد من الجهد. لذا، لم يكن غريباً تصريحه حين جدد عقده، وتأكيده «أنا سعيد لأنني لا أزال ألعب حتى الآن، أنا سعيد فعلاً وأستمتع بكرة القدم أكثر من أي وقت مضى، قلت لنفسي بأني لا أزال أستمتع بوقتي ولا أزال أشارك في المباريات، وسأواصل مسيرتي». غيغز الذي يتحاشى الأضواء، أفصح عن مكنونات قلبه لعدد من الصحافيين قبل المباراة مع مرسيليا، في جلسة استعادة للذكريات وبعض المحطات المفصلية في مسيرته المظفرة. فأشار إلى «فخر كبير» شعر به يوم خاض المباراة الأولى مع مانشستر أمام إيفرتون (صفر – 2)، «ولم أتصور أنني سأعمّر حتى الآن في صفوفه، قد يتجاوزني أحد مستقبلاً لكن لا أعتقد أن ذلك سهل». ويستدرك غيغز مضيفاً: «لا أتصور نفسي خارج أسوار مانشستر، على رغم محاولات بذلها إنتر ميلان لضمي، لكني لاعب ومناصر وفيّ لهذا النادي الكبير». يعتقد غيغز أن عمره المديد في الملاعب مرده إلى «جينات وخلايا خاصة»، من دون أن يهمل طريقة عيشه «الصحي»، خصوصاً ابتعاده عن الحياة الصاخبة وعالم السهر والشهرة، وبعد تجارب «في شبابي جعلتني مطارداً من وسائل إعلام، وهذا خيار اعتمدته ومقتنع به وأرتاح اليه». ولا ينسى أن يذكر«زملاء كثر وقفوا إلى جانبي وآزروني، كما أقف حالياً إلى جانب آخرين وأساندهم». ويعتز غيغز بكل لقب أسهم في تحقيقه «فكان مناسبة خاصة جداً، لكن تبقى ثلاثية عام 1999 (إحراز الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا) ذكرى مشعة، وهي بمثابة مكافأة لجيل تربّى في هذا النادي، ومن أفراده ديفيد بيكهام وبول سكولز وفيل نيفيل ونيكي بوت». وفي مقابل الذكريات السعيدة، لا ينسى«غيغزي» الخسارة الأليمة يوم خاض موسمه الكامل الأول (1991 – 1992) وخسر مانشستر اللقب أمام ليدز يونايتد (الخصم التاريخي)، فهو بنظره «أسوأ ما كابدته». ثم خسارة نهائي دوري الأبطال أمام برشلونة بهدفين من دون ردّ (27 أيار/مايو 2009)، و«كنا فاشلين ولم نؤدِ بالشكل المطلوب». ولعلّ سر حماسة غيغز وتحفّزه الدائمين هو«عدم النظر إلى الوراء، بل أتطلّع بشغف نحو المستقبل، الخسارة لا تحبطني بل تزيدني إصراراً على مجابهتها عبر تقديم أفضل ما لديّ في المرة المقبلة، في الموسم الماضي الذي إنتهى بإحراز تشلسي اللقب بفارق نقطة واحدة عن مانشستر، صممت على العودة إلى التدريب بحماسة كبيرة، ووضعت برنامجاً دقيقاً لذلك خلال استمتاعي بالعطلة الصيفية مع أولادي على الشاطئ، في حياتي أولويات وثوابت في مقدمها أن الألقاب خالدة والثروة والجاه والحياة الرغيدة زائلة». يدين غيغز بالفضل إلى فيرغوسون، «هو أقدم مني في مانشستر يونايتد (6/11/1986) وسيستمر بعد اعتزالي من دون شك، وأعتقد أن إدارة النادي ستعيش مخاضاً عسيراً عندما تحين لحظة تعيين خليفته، كما لا أتصوّر المرحلة المقبلة من دونه، إنه أفضل مدير فني في التاريخ، رجل مدهش يتكيّف مع الظروف ثم يجيّر الأمور في مصلحته وفق أفكاره وخططه». كما أكد غيغز أنه يستفيد حالياً «حتى العمق» من كل مباراة يخوضها، كاشفاً أن المستقبل «بات يقلقني لأني لم أخطط لمرحلة ما بعد الاعتزال، وهو شعور لم يراودني منذ سنوات قليلة».