كشفت وزارة الشؤون البلدية والقروية أمس عن الحاجة إلى درس مدى التوافق بين الاستراتيجية العمرانية الوطنية وواقع التنمية بالمدن السعودية مع متطلبات المحاور الستة التي أوصى بها المنتدى الحضري العالمي أخيراً، إذ تدعو المحاور إلى درس قدرة المدن السعودية على توفير فرص عمل مجزية تسهم في ازدهارها ورخائها، ونوعية التدريب، إضافة إلى درس مصادر القوة ونقاط الضعف ووضع مشاريع أولية بالمشاركة المجتمعية، وإيجاد مدن حيوية توفر منافع وخدمات اجتماعية ومرافق عامة، والسيطرة على بعض الظواهر المتمثلة في ارتفاع أسعار الأراضي. وأوضح وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية لتخطيط المدن الدكتور عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ خلال ورشة عمل للتعريف ببرنامج «مستقبل المدن السعودية» في الرياض أخيراً، والتي عقدت برعاية الأمير الدكتور منصور بن متعب، أن برنامج مستقبل المدن السعودية نبع من تفهم الوزارة الكامل لتزايد دور المدن كمراكز رئيسة لنمو الاقتصاد والسكان واستهلاك الموارد، وتقدر مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 75 في المئة، وبلغ عدد سكان المدن في العالم نحو 3.5 بليون نسمة عام 2010، ويتوقع أن ينمو عدد سكان المدن ليصل إلى نحو 5 بلايين نسمة أو ما نسبته 60 في المئة من إجمالي سكان العالم بحلول عام 2030. وأشار آل الشيخ إلى أن المدن تستهلك نحو 67 في المئة من استهلاك الطاقة العالمية، وهي المساهم الرئيس في التغير المناخي، مؤكداً أنه مع التحديات التي تواجه العالم من نمو سريع للمدن التي تتهاون في تطبيق أسس ومعايير التخطيط الحضري السليمة يتوقع تفاقم عدة ظواهر سلبية منها الانتشار الحضري العشوائي، وعدم انسجام أنماط استخدام الأراضي، والهجرة من الريف إلى المدن. وقال إن المقام السامي وافق على التعاون مع موئل الأممالمتحدة لتنفيذ برنامج مستقبل المدن السعودية، لوضع أسس جديدة ومستحدثة للاستجابة للتوقعات المتمثلة في زيادة معدلات الكثافة السكانية والوتيرة المتسارعة للنمو الحضري. وأفاد بأن البرنامج سيعمل على وضع الأطر التخطيطية التنفيذية، وعمل المراجعات الاستراتيجية اللازمة للحد من مظاهر الزحف العمراني، وتعزيز عمليات التنمية العمرانية المتوازنة وحماية البيئة، إضافة إلى تقويم مدى التقدم المحرز والعوائد من محاور تنموية (في مناطق شرق، ووسط وغرب المملكة)، ومدى نجاحها في تحقيق الاستثمارات الموجهة نحو المناطق الأقل نمواً وتطوراً. وبيّن أن تحقيق التنمية المستدامة في المدن السعودية في المستقبل وفقاً لتوصيات «المنتدى الحضري العالمي» الذي تم تنظيمه بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل)، يتطلب درساً شاملاً حول مدى تهيئة المدن السعودية لأن تكون قادرة على توزيع مكتسبات التنمية بعدالة، والتحديات التي تواجه تمتعها باقتصاد متطور وناضج، ونظام بيئي أخضر، من خلال درس مدى توافق الاستراتيجية العمرانية الوطنية وواقع التنمية في المدن السعودية مع متطلبات المحاور الستة التي أوصى بها المنتدى الحضري العالمي. وتحدّث عن تناول المحور الأول درس مدى قدرة المدن السعودية على توفير فرص عمل مجزية تسهم في ازدهارها ورخائها، فيما يبحث المحور الثاني درس مصادر القوة ونقاط الضعف ووضع مشاريع أولية للمشاركة المجتمعية لأجل إيجاد مدن حيوية توفر نوعية حياة ذات جودة عالية، من خلال توفر منافع وخدمات اجتماعية ومرافق عامة، مثل المياه والصرف الصحي والصحة والإسكان والحدائق العامة، تسهم في تحقيق السعادة والرضا لسكان المدن. وأضاف: «ويستهدف المحور الثالث مراجعة السياسات الحضرية والمخططات بمستوياتها ووضع الآليات لتفويض مزيد من الصلاحيات للأمانات والمدن، من خلال وضع خطط للتطوير المؤسسي والتشريعات المنظمة لعملية تخطيط والإدارة الحضرية في المدن، وضبط الارتفاع غير المبرر في أسعار الأراضي، والحد من تفشي الجريمة والعنف الحضري والفقر، والتغلب على الازدحام المروري والمساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية، بينما يتناول المحور الرابع درس واقتراح السياسات والأدوات المفضل استخدامها في إعادة توزيع نتائج وعوائد النمو، والفرص المتاحة في المدن ومساعدة الأمناء بالآليات الفاعلة في تحقيق الاستخدام الأمثل للأراضي ونظمها الضريبية، بهدف تحقيق العدالة والمساواة في الحصول على الأراضي و الخدمات». ويختص المحور الخامس - بحسب وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية - بوضع البرنامج الدلائل والشروط، من خلال درس حال المدن السعودية، وخطط العمل التنفيذية والمشاريع ذات الأولوية بمشاركة مجتمعية واسعة، والمحافظة على الحرف التقليدية، والحفاظ على المباني الحضرية القديمة ذات الأهمية الحضرية الخاصة مثل القصور، وأماكن العبادة، والمتاحف، والمراكز الثقافية والترويحية، المتاجر والمطاعم، بهدف الاستثمار في المرافق، وجذب السياحة العالمية للمدن، فيما يركز المحور السادس على وضع الحلول التخطيطية والدلائل التنفيذية لتحسن وتطوير منظومة النقل العام داخل المدن، حتى تسهم في إيجاد حركة مرورية انسيابية تختصر عامل الزمن، وتساعد على سهولة الوصول لمختلف أنحاء المدينة. يذكر أن ورشة العمل التي نظمت الوزارة في مقرها بالرياض أخيراً، تهدف إلى توفير بيئة حضرية أفضل في 17 مدينة سعودية، والحد من ظاهرة الزحف والانتشار العمراني ومعالجة التوسع الحضري بأسلوب مدروس ومناسب، وإيجاد الحلول المؤسسية والفنية في مجال تخطيط عمليات التحضر وإدارتها بأسلوب مستدام.