يعتبر «تسونامي» Tsunami (وهي كلمة يابانية تعني «الموجات الكبيرة») من أشد مظاهر اضطراب الأرض كارثية. وإذ تطلقها الزلازل في البحار، فإن تلك الموجات تسافر مئات الكيلومترات بعيداً من أمكنة انطلاقها. وتُبحر بسرعة تتراوح بين 180 و800 كيلومتر في الساعة. وفي عرض البحر، تُشاهد على هيئة موجات متعاقبة لا يزيد ارتفاعها على المتر، بحيث لا تتعرّف اليها السفن إلا بصعوبة تامة. ولا توهن المسافات من عزمها. وعند وصولها الى الشاطئ، تبطئ من سرعتها، وتزيد من ارتفاعها، وتتراكم موجاتها فوق بعضها بعضاً. وعندما تضرب اليابسة، فإنها تتحوّل إلى جدران ماء يتراوح ارتفاعها بين 15 و30 متراً، فتجتاح مدناً وتقذف بالسفن إلى قلب اليابسة. وعندما ضرب زلزال جزر أليوتان، قرب آلاسكا، في أيار (مايو) 1946، انطلقت موجة تسونامي، ووصلت الى ارتفاع 15 متراً عند جزر هاواي التي تبعد 3000 كيلومتر. ويعتبر التسونامي الذي ضرب جزيرة سومطرة في اندونيسيا، في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2004، أشد الأمثلة رُعباً في التاريخ الحديث. وأطلقه زلزال نجم عن تصادم الصفائح التكتونية التي تحمل الهند مع تلك التي تحمل بورما. ولا يزيد معدل حراك الصفائح الهندية على 5 سنتيمترات سنوياً، لكنها تتحرك قريباً من سومطرة منذ قرن ونصف القرن، ما أدى إلى تجمعيها لطاقة هائلة. وليلة عيد الميلاد 2004، انفلتت تلك الطاقة بأثر من انزلاق حدث تحت قعر المحيط بقرابة 10 كيلومترات، فتسببت بزلزال بلغت شدّته 9 درجات على مقياس ريختر. وارتطمت موجة الطاقة بالصفائح البورمية الصغيرة، فقذفتها إلى الأعلى لمسافة 1,5 متر، في سرعة البرق. وارتفعت معها كميات هائلة من الماء، ما أحدث موجات تسونامي في عرض المحيط، بارتفاع متر. ثم تراكضت هذه الموجات عبر المحيط الهندي. ووصل بعضها إلى الصومال، على بُعد 6 آلاف كيلومتر، فقتلت 200 شخص. وتسبّبت بكارثة شاملة عند سواحل سومطرة حيث أزالت مدينة باندا آتشيه، التي يبلغ عدد قاطنيها 400 ألف شخص، من الوجود في بضع دقائق وقتلت 90 ألفاً من سكانها. وفي حينه، فاق عدد قتلى تسونامي في المحيط الهندي المئتي ألف، ما جعله أشد الكوارث الطبيعية تدميراً في القرون الخمسة الماضية.