["أنا مندس... أنا مندس، هاتلي أجندة ووجبة وبس / من هارديز أو من كنتاكي، هاتلي وجبة دينر بوكس / أو سوبر زنغر من غير خس / هاتلي أجندة من الفجالة أعمل بيها ثورة في مصر / أنا مندس... أنا مندس، وكل الشعب كمان مندس...] منذ مطلع خمسينات القرن العشرين، يشهد العالم العربي أعمالاً سينمائية ومسرحية مصرية كوميدية لطالما أضحكت الجمهور وأنسته همومه ولو للحظات. المميز في الأعمال التي قُدّمت محاكاتها للواقع الاجتماعي - السياسي المصري في إطار كوميدي ساخر. ولطالما ضحك الجمهور على مقالب عادل امام وسعيد صالح في "مدرسة المشاغبين" ويونس شلبي وأحمد زكي في "العيال كبرت" ومحمد هنيدي ومواقفه "المضحكة" في "صعيدي في الجامعة الأميركية" والطريقة الغريبة التي يتكلم بها محمد سعد في "اللمبي" وشقاوة أحمد حلمي الذكية في "زكي شان"... لكن الجمهور سينسى لبعض الوقت تلك المواقف المضحكة، بعدما برزت في الآونة الأخيرة مواقف جريئة وأكثر طرافة في ميدان التحرير في القاهرة، حيث نجح الشباب المصري في ازاحة حسني مبارك من منصبه كرئيس للبلاد. الذي تابع أحداث ثورة "25 يناير"، يدرك مدى طرف الشعب المصري وظرفه وخفة دمه، ويدرك تماماً أن النكتة تكاد تكون قوته اليومي، بل لعلّها سلاح لا يستهان به. كان الجمهور المحتشد في الميدان يرقص ويغني مطالباً باستقالة "الريّس". تظاهرات قامت على الايقاع والنغمات والهتاف الموحد والمنظم، وكأنك أمام مباراة كرة قدم بين المنتخب المصري وأحد منافسيه، والجمهور المصري ويحتفل لتقدم فريقه على خصمه بفارق كبير. أوركسترا غنائية كان الشعب المايسترو لها. وفي خضم الثورة وتفجر الغضب، برزت النكتة من جديد ولكن في سياق الأحداث، وحملت الشعارات التي رفعها المعتصمون إلى بعد آخر. ومن أبرز هذه النكات والتعليقات التي انتشرت على مواقع الكترونية: - "أمنية واحد مصري: "يا ريت مبارك كان ضربنا إحنا الضربة الجوية، وراح حكم إسرائيل 30 سنة، كان زمانهم بيشحتوا دلوقتي!"، - "مبارك بعد ما مات قابل السادات وعبد الناصر، سألوه: هاه؟ سم ولا منصة؟ رد عليهم بحرقة وقال: فايسبوك". - بيقولك واحد لقي الفانوس السحري ودعكه... طلعله العفريت وقاله: شبيك لبيك تطلب ايه؟ قاله الراجل: أنا عايز كوبري بين القاهرة وأسوان. العفريت قاله: دي صعبة قوي... نقي حاجة تانية. الراجل قاله: خلاص خلي حسني مبارك يسيب الحكم. العفريت قاله: انت عايز الكوبري رايح جاي؟ ولا رايح بس؟". - "بلطجي" لقناة العربية: العيال بيرموا علينا قنابل "بلوتوث". - "عقد الريس جلسة مع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وقاله محتدا: منعت الحشيش يا فالح؟ أهُهْ... الشعب صحصح". تحمل هذه النكات والتعليقات الساخرة، 30 سنة من القهر والعذاب بالنسبة الى المصريين، خصوصاً أن فئة كبيرة منهم تعيش بأقل من دولار يومياً، ويعاني الشباب بطالة دائمة، مع انعدام فرص العمل والأمل في حياة جديدة، وما عانوه من النظام الفاسد ورجاله، هذه هي الأرضية الخصبة التي أنجبت كماً كبيراً من النكات والتعليقات، في محاولة ربما للانتقام من الريّس وأعوانه. ومن يحلل الشعار الذي هتف به ملايين المصريين "الشعب يريد اسقاط الرئيس" ، يجده مطلبياً سلساً رناناً وايقاعياً. وينطبق ذلك أيضاً على شعار "ارحل يعني إمشِ". تلك هي الروح التي يتمتع بها المصريون، روح الضحك والحب والفكاهة والكوميديا، مطعمة بالتوق الى الحرية والعدالة والاستقرار ورفض الذل، والانتفاض على الواقع المرير. ومن الشعارات المضحكة التي حملها المتظاهرون المعتصمون في ميدان التحرير: - "ارحل... الولية عاوزة تولد، والولد مش عايز يشوفك". - "ارحل عاوز أتجوز". - "ارحل مراتي وحشتني... متزوج من 20 يوم" - "ده لو كان عفريت كان طلع". - " ارحل بقى... ايدي وجعتني". وتعقيباً على الاتهامات بوجود أجندة لدى المعتصمين في ميدان التحرير، ومندسين من الخارج بينهم، سخر البعض بما وصفوه ب"نشيد الأجندة" وجاء فيه: "أنا مندس... أنا مندس، هاتلي أجندة ووجبة وبس من هارديز أو من كنتاكي، هاتلي وجبة دينر بوكس أو سوبر زنغر من غير خس هاتلي أجندة من الفجالة أعمل بيها ثورة في مصر أنا مندس... أنا مندس، وكل الشعب كمان مندس كل الناس هنا مش عايزينك، وانت يا حسني مش بتحس كل فضايحك، كل جرايمك، كلو موجود على ويكيليكس أنا مندس... انا مندس، عندي أجندة مستر إكس". ولم يكتف الجمهور المصري بالسخرية من الرئيس قبل تنحيه، وانما بعده أطلقت أيضاً تعليقات طريفة، وأخرى عميقة تمس الوجدان، ومنها: - "قال الرئيس مبارك إنه يخطط لترشيح نفسه لرئاسة تونس... ما دفع ملايين التونسيين إلى المطالبة بعودة زين العابدين بن علي". - "في مثل هذا اليوم ... اخترع توماس أديسون المصباح الكهربائي، واليوم الشعب المصري أضاء هذا المصباح". - "من النهارده دي بلدك انت، ماترميش زبالة، ما تكسرش اشارة، ما تدفعش رشوة، ما تزورش ورقة، ابدأ التغيير الذي تريده أنت". ومن الكوميديا ما أسقط حسني مبارك!