قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن «ثمة مواقف غير وطنية وثمة من يتجاهل أنه لا يجوز اللعب في القضايا الوطنية الأساسية، لا سيما الأمن الذي يخص كل الأحزاب السياسية ومكوّنات المجتمع»، مشدداً على أن «الجيش بعيد جداً من السياسة ومن هنا تبرز قيمته الوطنية». ولفت إلى أنه «حصل لغط كثير، من سلّم الأرض بات خارج المحاسبة، ومن حرّرها أصبح كأنه مسؤول عما حصل في السابق، وحاول البعض أن يسلب الجيش انتصاره، وكي نردّ هذه الاتهامات، فتحنا تحقيقاً في الموضوع أساسه معرفة ملابسات خطف العسكريين واحتلال الإرهابيين أجزاء من الأرض اللبنانية». وذكر بأنه «يجب عدم إدانة البريء وتبرئة الجاني المهمل والمتساهل الذي أدى تصرفه إلى تطور الأوضاع ووصولها إلى ما وصلت إليه». وأكد أن «هذا الحق محفوظ للذين استشهدوا في الميدان إلى جانب الشهداء الذين استرجعنا جثامينهم». والتقى عون أمس، قائد الجيش العماد جويزف عون يرافقه نائب رئيس الأركان للعمليات وقادة الوحدات العسكرية الذين شاركوا في عملية «فجر الجرود»، ومديرو المخابرات والتوجيه والعمليات. وهنّأهم على «نجاح العملية العسكرية». وعرض قائد الجيش المراحل التي تمت فيها العملية ودور الوحدات العسكرية التي شاركت فيها، مركزاً على «التنسيق الكامل الذي تحقق بين القوى المشاركة وتوزيع المهمات في مسرح العمليات، إضافة إلى المؤازرة الجوية واللوجستية والفنية التي مكّنت من تحقيق إنجاز تحرير الأرض في فترة قياسية، وتكبيد المسلحين الإرهابيين خسائر فادحة». وشرح «ما نفذته الوحدات العسكرية المختصة من تطوير لعدد من الأسلحة الموجودة لدى الجيش ومطابقتها مع العتاد المتوافر». وتحدث عن الحضور الإعلامي «الذي وفّر مواكبة موضوعية للعمليات الميدانية». ورد الرئيس عون، متمنياً على الضباط أن ينقلوا تهنئته إلى «كل من ساهم في تحرير الأراضي اللبنانية من الإرهابيين والعثور على جثامين العسكريين الشهداء الذين خطفهم الإرهابيون في 2 آب (أغسطس) 2014». وهنّأهم «كفريق عمل متكامل لأنه لا انتصار في أي معركة ما لم تكن الصفوف متراصة والعمل منسقاً بهدف السيطرة على حقل المعركة، وهذا يحقق الانتصار». وأكد أنه «لا يمكن الانتصار في معركة من دون وجود أركان ناجحة، فالتنسيق بين القيادة والجنود في الميدان أمر بالغ الأهمية، فالمعركة متحركة ومن الصعب إدارتها، كما أن المناورات والتدريبات التي قمتم بها ساعدت كثيراً في التقليل من الخسائر». وأمل «ألا نضطر إلى خوض معارك جديدة، ويتعزز الاستقرار الأمني في لبنان، لكن كما يقول كل جندي «إذا دعاني الواجب، فأنا حاضر». بري: كفى تهبيط حيطان خارج الصحن علق رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري على ما يجرى من مواقف وسجالات، بالقول: «من المؤسف أن المعركة العسكرية نخوضها بالإعلام، والمراجعات القضائية نخوضها بالإعلام، والمحاكمات نخوضها بالإعلام. مع احترامي للإعلام الذي من حقه دائماً أن يملك المعرفة في كل الأمور، لكنّ السياسيين ليس لهم حق التصرف في كل شيء». واعتبر «أن مبدأ «مصلحة الدولة العليا» لا نعرفه بحق بلدنا، وهذا أمر يؤدي فعلاً على الأقل لاتهامنا بالثرثرة. «حاجي الناس تهبّط حيطان برّات الصحن». وعما إذا كان ما يجرى سيؤثر في مصير الحكومة قال: «هذا شرّ لا بد منه». وعلمت «الحياة» أن الرئيس بري أبدى استياءه أمام زواره من التراشق السياسي الحاصل حول المسؤولية عن أحداث عرسال عام 2014، والاتهامات التي تؤدي إلى الاحتقان السياسي. وأشار هؤلاء إلى أن بري يستغرب الحملة على رئيس الحكومة السابق تمام سلام وقائد الجيش السابق جان قهوجي، ويذكّر بما أحاط بكل المرحلة السابقة ومحاولات تشويه الحقائق والمزايدة. ويقول الزوار إن فتح الهواء على شاشات التلفزة لشتى أنواع الاتهام يساهم في حقن الأجواء. وأشار بعض الزوار إلى أن بري يستغرب «عرض العضلات» في وقت أحيلت التحقيقات في ما حدث في عرسال على القضاء. فلماذا لا تترك الأمور له كي يقوم بعمله؟ ويشير هؤلاء إلى أن إشارة بري إلى «مصلحة الدولة العليا» يقصد بها الكف عن التحريض في وقت الهدف الانتقام للتمديد للعماد قهوجي قبل سنوات، بينما الهدف كان تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش. ورأت مصادر نيابية أن قول بري إن الحكومة شر لا بد منه يعود إلى اقتناعه بأن السجال لن يؤثر في استمراريتها. وترى هذه المصادر أن الاتفاق بين الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري أقوى من أن يهتز. وتذكّر المصادر النيابية ذاتها بأن الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله كان قال أنه مع استمرار الحكومة نافياً ما يقال عن أن الحزب يرغب في تغييرها. وأضافت أن الحكومة الحالية لا تضير الحزب فوجودها في ظل التوافق بين عون والحريري يشكل مظلة له. باسيل: هل الذين ركعوا ل «داعش» سيبنون البلد؟ دو فريج: عون أخطأ والتسجيلات ستفاجئه بقي السجال السياسي اللبناني على وتيرته حول تداعيات معركة فجر «الجرود» والمحاسبة في مسألة استشهاد العسكريين المخطوفين من قبل «داعش». ورأى رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أنها «المرة الأولى التي يقف فيها الجيش على حدوده الشرقية ويزرع العلم اللبناني في الأرض، ولكن هناك من يريد أن ينغص علينا الفرحة، فنحن نعيش في حال ما إن كان الجيش أخطأ أو أبرم صفقة ما، أو لبنان أصبح محكوماً بمعادلات أخرى في الوقت الذي كان لبنان الوحيد الذي حكم لنفسه بالقرار الحر وبالسيادة». وشدد على ضرورة «معرفة الحقيقة ليس لمحاسبة السياسيين لأن المحاسبة السياسية محاسبة شعبية ومن يتحمل المحاسبة السياسية أعلن عن نفسه». وقال: «لو كنا نريد الانتقام لكنتم سمعتم كلاماً آخر». وسأل: «هل تعتقدون أن الذين ركعوا ل «داعش» سيبنون لكم بلداً؟ هؤلاء الذين رضخوا للإرهاب الذي قتل جنودنا. وبرأيكم نحن لا نعرف متى خطف الجنود ولا نعرف كيفية تحريرهم وأنه منذ 3 آب (أغسطس) كان الجيش يستطيع أن يحررهم؟ هؤلاء الذين حملوا بلدنا 70 بليون دولار ديناً، هؤلاء الذين يتكلمون اليوم عن الفساد ويلصقونه بنا، هؤلاء هم من يمنع عنا الكهرباء والمياه والنفط وعندما نقرر العمل يتهموننا بالفساد لكي نتخلى من العمل». واعتبر وزير الشباب والرياضة محمد فنيش (حزب الله) «أن هناك بعض المدارس السياسية «للأسف، يتعامل مع الشأن العام كأنه فرصة لتحقيق المنافع والامتيازات الخاصة وأن الوطن كعكة نتقاسمها أو قالب حلوى نبحث عن نيل الحصة الكبرى منه». وقال في مناسبة تكريمية: «نحن من مدرسة لم ولن تبخل بالتضحية بالنفس إذا ما وجدنا أن وطننا يتعرض لتهديد». وأضاف: «لا أريد أن أخوض سجالاً مع أحد، قد لا يعجب بعض أصحاب المدارس السياسية هذا التحليل وأعتقد أن ذاكرة اللبنانيين حية، وإن لكل جهة أو شخص أو فريق مواقفه وسجله السياسي، ولا يستطيع أحد أن يزور حقائق التاريخ، ولولا شجاعة الموقف وحرية القرار لدى رئيس الجمهورية لما وصلنا إلى اتخاذ قرار سياسي بتمكين الجيش من القيام بواجب، وبالتأكيد المرحلة التي نعيشها من خلال هذا التوافق القائم في حكومة أسهم في إيجاد الحصانة واتخاذ القرار». وتابع: «على من لا يريد أن يعترف ألا يسيء، ومن أراد الإساءة فليعبر عن اختلافه معنا من دون أن يشحن الأجواء». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية نبيل دو فريج أن أول من سيفاجَأ عند سماع تسجيلات محاضر جلسات مجلس الوزراء في شأن المداولات المتعلقة بقضية العسكريين الشهداء هو رئيس الجمهورية». واعتبر «أن الرئيس عون أخطأ بما قاله أول من أمس عن غموض موقف المسؤولين والذي دفع الرئيس سلام إلى الخروج عن صمته والمطالبة برفع السرية عن محاضر جلسات مجلس الوزراء». وأيد طلب سلام لكنه قال: «لا يحق لي أن أقول ماذا فيها التزاماً بالسرية وإذا قلت وقائع قد يأتي أحد ما ويشكك، لكن إسماع الناس التسجيلات لا يدع مجالاً للشكوك، وأنا أذكر ما قاله كل واحد من الوزراء وكيف غمز. وليتم الإفراج عن كل التسجيلات ليعرف الناس من يريد الدولة ومن لا يريدها». ورأى أنه «إذا من تحقيق يتعلق بالتقصير العسكري في عرسال، فهذا تجريه المؤسسة العسكرية». وقال دو فريج ل «صوت لبنان»: سمعت بعضهم يحمل الرئيس الحريري مسؤولية ما حصل للشهداء العسكريين وأنا لا أستطيع أن ألومهم هم المجروحون، وأطلب منهم أن يفكروا بعقل بارد لأنهم يعيشون في بيئة تضع في رؤوسهم مواقف معينة». وعن تذكير رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بالتظاهرات التي كان يقوم بها «التيار»، قال دو فريج: «كانوا يتظاهرون من أجل عدم التمديد للعماد جان قهوجي والإتيان بالعميد شامل روكز قائداً للجيش، وليس من أجل العسكريين وهذا لعب بمشاعر الناس». وسأل: «لماذا رفض البعض حصول تبادل لتحرير العسكريين واليوم حصل تبادل في الجرود؟». وذكّر دو فريج الرئيس عون بأن «أول وزير طالب بإلحاح بتفكيك مخيم النازحين في عرسال لأن فيه أقارب المسلحين في الجرود، واقترح نقلهم إلى مخيمات قريبة من الحدود لتتمكن القوى الأمنية ضبطهم هو وزير الداخلية نهاد المشنوق، لكن من يريد المزايدة رفض وطلب إرسالهم إلى سورية». وقال إنه «مع إعدام المتورطين بقتل العسكريين ويجب محاكمة الموقوفين الذين أدلوا باعترافات عن تورطهم». واعتبر أن الموقوفين من «داعش» لدى «حزب الله» يجب أن يكونوا في عهدة الجيش اللبناني. ورأى أن الحريري قال إنه اتخذ مع الرئيس عون قرار إنهاء معركة الجرود وخروج «داعش»، لأن لا مصلحة في أن تفرط الخلافات الحكومة. المشنوق: لا أخلاق سياسية في التعرض للحريري وكل الخير من السعودية المنفتحة على الجميع رد وزير الداخلية اللبنانية نهاد المشنوق على من «تطاولوا على مقام رئاسة الحكومة وعلى رئيسها وعلى المملكة العربية السعودية التي لم نر منها في لبنان إلا كل الخير»، قائلاً: «اتخذنا قراراً بربط النزاع ولكن لم نتخذ قراراً بربط الكرامات، لأن اللغة التي تستعمل في السياسة تطاول كرامات كبير مسؤولينا». وأكد أن «رئيس مجلس الوزراء هو الناطق الرسمي باسم الحكومة ولا ينتظر أحداً ليعطيه دروساً»، معترضاً على «كلام لا يحتمل لا في السياسة ولا في المنطق ولا في العقل ولا في الأخلاق، وأقل ما يقال إنه كلام بلا أخلاق سياسية». وقال إن «من يتطاول على رئيس الحكومة وصلاحيته يجب أن ينتظر كلاماً من هذا النوع، لأن رئيس الحكومة لم يعتدِ على أحد، بل قال كلاماً دقيقاً جداً ومحدداً له فيه رأي سياسي، لكنه لم يطاول كرامات الناس». وقال: «عندما يستسهلون التعرض لكرامة رئيس الحكومة فهذا يعني أنهم يستسهلون التعرض لكرامة كل لبناني مؤمن بالدولة، ومؤمن بجيشه ومؤسساته، وليس لشخص سعد الحريري، بل للموقع الذي يشغله. هذا ينطبق أيضاً على الكلام بحق الرئيس الصامت الصابر تمام سلام الذي تحمل لثلاث سنوات جبالاً من الخلافات السياسية والاستهتار الدستوري في ظل الفراغ الرئاسي». وقال المشنوق: «لا أحد يحق له أن يستوطي حيطنا، لا بتمام بك ولا بغيره. نفخر بحفظنا لعرسال وأهلها وبجيشنا الوطني. لم يفعل (قائد الجيش السابق) العماد (جان) قهوجي إلا ما أملاه عليه ضميره الوطني ومناقبيته العسكرية. ولا كان الرئيس سلام إلا حمالاً لرسالة حفظ السلم الأهلي. وذلك في ظل توترات عشناها معاً لسنوات التزم خلالها كثير من الأطراف، المتفرعنين هذه الأيام، بتعطيل «الوطنية اللبنانية» بكل الوسائل». وعن العسكريين الشهداء، قال المشنوق: «إن «فحوص الحمض النووي التي أجريت على جثث العسكريين أثبتت أن قتلهم تم بعد أشهر من عملية تحرير سجن رومية»، نافياً «محاولة بعضهم الربط بين العملية وبين قرار إعدامهم». وأوضح أن «هناك جهة لا بد من الاعتراف بأنها خبيثة وكفوءة يصح فيها صفة أتفه الرجال وأكثرهم غدراً، زرعت في الوقت المناسب شكوكاً ملفقة برواية ووقائع غير صحيحة على الإطلاق، ربطت بين عملية تحرير سجن رومية واعدام العسكريين. الأهم أنهم يريدونني أن أدفع ثمن وقوفي إلى جانب الجيش وإلى جانب الدولة ومع فكرة الدولة التي مهما ضعفت يجب أن نبقى إلى جانبها فكيف إذا أظهرت قوتها». وقال: «هو ثمن بداية تحول كبير في قراءة الدولة لدورها تجاه اللبنانيين، فلسنوات طويلة كان دوماً هناك من يفرض دفتر الشروط، أما اليوم فالجيش اللبناني والقيادة السياسية سواء الرئيس ميشال عون أو الرئيس سعد الحريري أو كل أعضاء مجلس الدفاع الأعلى، اتخذوا القرار ونفذه قائد الجيش بنجاح من الدرجة الأولى. وهذا تحول في فكرة الدولة اللبنانية، بأن الدولة قادرة وتملك أدوات تنفيذية فاعلة وناجحة». وكشف أن «11 ضابطاً متقاعداً من كبار الضباط صعدوا إلى الجرود للوقوف إلى جانب معركة الجيش». واستنكر المشنوق «التعرض إلى السعودية التي بانفتاحها على كل الأطراف السياسية وفي أصعب الأوقات، لا يمكن أن نقارن بينها وبين نظام في سورية استعمل الكيماوي ضد شعبه عشرين مرة، لا مقارنة بين مملكة لم تقدم إلا الخير للبنان والرغبة في الانفتاح على كل الأطراف، والقدرة على الحوار مع كل الناس والمواجهة المستمرة لحفظ العروبة والإسلام، وبين نظام لم يقدم إلا التفجيرات والتخطيط لقتل المدنيين الأبرياء. وليكن واضحاً أننا لن نقبل بالتطبيع مع النظام السوري». وجاء كلام المشنوق خلال عشاء تكريمي له أقامه أحمد ناجي فارس في دارته في الشبانية، في حضور شخصيات بيروتية. إلى ذلك، التقى الرئيس سعد الحريري أمس، السفير القطري لدى لبنان علي بن حمد المري وعرض معه الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية.