حصر الجيش اللبناني اليوم الخامس من عملية «فجر الجرود»، بحسب قول مصدر عسكري ل «الحياة»، «بتنظيف المناطق التي استعادها من الألغام وربط التلال والوديان ببعضها بعضاً عسكرياً، وجعلها آمنة بعد تعزيز الحزام العسكري حولها». وكان الجيش نجح خلال الأيام السابقة في حصر وجود مسلحي «داعش»، في جرود القاع ورأس بعلبك على الحدود الشرقية مع سورية، في بقعة جغرافية ضيقة (20 كلم2). ولم يبق وراء المسلحين إلا معبر مرطبيا يستطيعون استخدامه للانسحاب الى جرود سورية. وأعلنت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان، أن «وحدات الجيش باشرت اعتباراً من الفجر تنفيذ عملية إعادة تمركز وانتشار في كامل البقعة التي حررتها من تنظيم «داعش» الإرهابي خلال الأيام الماضية، وتواصل استعداداتها الميدانية تمهيداً للقيام بالمرحلة الرابعة من عملية «فجر الجرود»، فيما تقوم الفرق المختصة في فوج الهندسة باستحداث طرق جديدة وأعمال تفتيش بحثاً عن الألغام والعبوات والأفخاخ لمعالجتها فوراً». ونعت قيادة الجيش الرقيب أول وليد محمود فريج الذي استشهد متأثراً بجروح كان أصيب بها في جرود رأس بعلبك في اليوم الأول للعملية العسكرية خلال قيامه بتفكيك لغم أرضي. وهو من مواليد 1986- تعلبايا. وأقيم له مأتم شعبي مؤثر في بلدته. كما شيع الجيش وأهالي مدينة صور بمأتم مهيب الشهيد العريف عباس كمال جعفر. الجرود السورية وفي الجانب السوري للجرود، ذكرت محطة «المنار» التابعة ل «حزب الله»، أن «مقاتلي الحزب عثروا على عربة هامفي للجيش اللبناني في أحد بساتين وادي سن فيخا في القلمون الغربي، كان مسلحو داعش استولوا عليها في اشتباكات عرسال عام 2014». وأعلن الإعلام الحربي المركزي للحزب أن الجيش السوري ومقاتليه «فجّروا أحد المقار القيادية للمسلّحين في جب خولة جنوب معبر سن فيخا في القلمون الغربي». وعاد وأعلن دخولهما «معبر ميرا الرابط بين جرود قارة وجرود رأس بعلبك عبر معبر سن فيخا». وبلغت مساحة المناطق التي استردها الجيش السوري والحزب نحو 30 كلم2. زيارة الحريري وانتقل رئيس الحكومة سعد الحريري إلى ثكنة فوج الحدود البرية الثاني التابعة للجيش في منطقة رأس بعلبك، وكان في استقباله قائد الجيش العماد جوزف عون وكبار الضباط. وتفقد غرفة عمليات الجبهة. وعقد مؤتمراً صحافياً أكد فيه «وقوف كل الحكومة خلف الجيش البطل الذي يقوم بمهمة صعبة وسنكمل المشوار». وشكر قائد الجيش «الذي وعد ووفى لهذا البلد، وأتمنى للجميع السلامة، لأن لبنان في حاجة إلى هذا الانتصار بوجه الإرهابيين الذين يقولون أنهم مسلمون، إلا أنه لا دخل لهم بالإسلام ولا بأي دين، فدينهم الوحيد هو القتل والتفجير، وإن شاء الله سنتخلص منهم مع قيادة الجيش وكل العسكر». وخاطب الحريري العسكريين: «أنتم من يقرر موعد هذا الانتصار لأنكم تعلمون متى يجب أن تنتهي العملية». وعن مصير العسكريين المخطوفين، قال الحريري: «نحن وقيادة الجيش وكل الأجهزة العسكرية نعتبر موضوع المخطوفين أولوية، وعندما تكون لدينا معلومات لن نخفيها عن أحد، ولكن هذه المهمة توجب علينا العمل بكل صمت كما عمل الجيش». وأضاف قائلاً: «حكومتنا قدمت مكافآت لمعرفة مصير العسكريين، واليوم الجيش وقيادته يقومون بكل الوسائل كي نصل إلى نهاية الموضوع، ولأهالي المخطوفين أقول إن الجيش يعتبر المخطوفين جزءاً منه، ولن يتخلى عنهم. وهذا الموضوع حساس». وعن حجم الدعم الدولي للجيش، قال إنه «يظهر في مدى التقدم الذي يحرزه الجيش، واليوم نحن في حاجة أكثر إلى الدعم، والحكومة أيضاً ستقدم الدعم وسنعمل مع كل الأفرقاء ومع كل المجتمع الدولي لتأمين المساعدات للجيش، لأن هذا الأمر مهم لحماية لبنان واستقراره»، لافتاً إلى «مشروع برنامج في المجلس النيابي والحكومة لدعم الجيش، وهذا العام أمنا نحو 370 بليون ليرة، وسيستمر هذا البرنامج خلال السنوات المقبلة». وعن مشاركة «حزب الله» من الجانب السوري في العمليات العسكرية، قال: «لا كلمة لنا في هذا الموضوع، وما يهمنا أن الجيش اللبناني هو المسؤول عن الحدود اللبنانية وعن حمايتها، أما من الجهة الثانية فهناك معارك تحصل، ولا شك أنه عندما نحمي حدودنا لا ندع أحداً يدخل الأراضي اللبنانية، وهم يفعلون الشيء نفسه». وعن التنسيق مع الجيش السوري، قال: «نحن نحمي أراضينا، وكان هناك مكتب تنسيق موجود في السابق، وربما يعمل في بعض الظروف، والجيش هو من يختار إذا أراد هذا التنسيق. لكن أؤكد أن الجيش اللبناني هو وحده من يقوم بهذه المعركة، وسيكمل هذه العملية وسينتصر فيها، وسنرى العلم اللبناني مرفوعاً على كل حدودنا اللبنانية». « الجيش لم يكن عاجزاً» وسئل عما إذا كان الجيش اللبناني «عاجزاً عن تحرير جرود عرسال من «جبهة النصرة» فقام بالعملية «حزب الله»، رد الحريري: «الجيش لم يكن عاجزاً. كان لدينا قرار سياسي وحسابات مختلفة كحكومة وجيش. وضعنا الأمور كلها على الطاولة وكانت لدينا أولوية حماية النازحين واللبنانيين، وانتهت المعركة بالتفاوض وذهبت «النصرة» إلى سورية. وبالنسبة إلينا، في أي عملية عسكرية نحن نغطي الجيش كلياً، وفي تلك الفترة كان هناك قرار، إما نستمهل وإما نضع خططاً بديلة، ولكن هذا لم يحصل. وكان دور الجيش في حينها أن يحمي النازحين واللبنانيين، وحقق الجيش نجاحاً كبيراً في ما قام به، وأدت مدفعيته دوراً أساسياً في معركة جرود عرسال لحماية لبنان والنازحين، وشكل خط دفاع أساسياً، ولولاه لكان هناك كارثة في معركة جرود عرسال. وهو ألحق الهزيمة بالنصرة». وعما إذا كان لديه شك في الجاهزية العسكرية والمناقبية العالية للجيش، قال: «لم يكن لدي أي يوم شك في الجيش. غيري دائماً كان يشكك، وأنا واثق بانتصار الجيش دائماً وبالطريقة التي يعمل بها من تحضير أو الإتيان بكل الأفواج أو الاستطلاع وتجهيز القوى الضاربة والمدفعية وكل تفاصيل العملية. هذا الجيش يمكننا أن نرفع رأسنا به. زرت العديد من الدول والكل كان يقول إن أهم استثمار قامت به هو في الجيش اللبناني، لأن كل قيادة الجيش أثبتت أننا جديرون بالمساعدات». وعن قول «حزب الله» إنه ثبت معادلة الجيش والشعب والمقاومة المنصوص عليها في البيان الوزاري، قال: «البيان الوزاري لا ينص على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، ونحن كقوى سياسية في الحكومة متفقون على استقرار لبنان وحماية كل الحدود وكل اللبنانيين، وهذا سيحصل. نحن وكل الأفرقاء ومن ضمنهم حزب الله وحركة أمل والمردة والوطني الحر والقوات وكل القوى السياسية الأخرى، على رغم الخلافات لن ندع أي خلاف سياسي يمس استقرار لبنان واقتصاده وأمنه، وأتمنى على الجميع ألا يدخلوا هذه المعركة في الخلافات. هذه معركة وطنية بأعلى مستوى، ولا يمكن لأي حزب لبناني إلا أن يكون مع الجيش اللبناني». وانتقل الحريري وقائد الجيش في آليات عسكرية إلى جرود رأس بعلبك والقاع حيث تفقدا الخطوط الأمامية. وزار الحريري بلدة عرسال التي استقبلته بالرز والزغاريد والقبلات والأعلام اللبنانية ورايات «تيار المستقبل». وعقد في مقر بلديتها لقاء مع فاعلياتها وقال إن زيارته «ليست انتخابية بل واجب عليّ وواجب علينا كلنا». وسئل الحريري عن أن «حزب الله حرر جرود عرسال، لماذا لا يكون هناك تلاق بين شكراً حزب الله ولكن نريد الجيش»، فرد قائلاً: «الجيش يحرر الأراضي ولا يمنن أحداً ولا يطلب من المواطن أن يقول له شكراً، ولا أعتقد أن من يقوم بشيء لمصلحة المواطن، خصوصاً من الدولة ينتظر الشكر. أنا كرئيس حكومة أو أي وزير أو موظف في أي إدارة، إذا قام بعمله فهذا واجبه وواجبنا. المطلوب أن نحافظ على استقرار هذا البلد ولا يمنن أحد الآخر، وأنا لا أقول هذا الكلام لاستهداف أحد. نحن كلنا شعب واحد، وأبناء منطقة واحدة. هناك خلافات سياسية، نعم، لكن مصلحة البلد وعرسال والبقاع في أن يكون الجيش والقوى الأمنية مسؤولين عن الحفاظ على أمن الحدود واستقرارها. غداً، الجيش سينتشر على كل الحدود. هذا موضوع ليس للنقاش، الدولة قامت بالمفاوضات وبواجباتها كاملة، وأهم شيء بالنسبة إلينا هو الجيش، هل هناك شيء أهم من الجيش والدولة؟ ورفيق الحريري كان يقول «ما حدا أكبر من بلدو»، فلنقتدِ بذلك». عون: مرحلة ما بعد التحرير للإنماء نقل زوار الرئيس اللبناني ميشال عون عنه قوله إن مرحلة ما بعد تحرير جرود رأس بعلبك والقاع ستكون لإنمائها وإزالة الرواسب التي خلفتها الأوضاع الشاذة التي سادت خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أنه «تم تخصيص اعتمادات مالية لتحقيق عدد من المشاريع العاجلة قيمتها 30 مليون دولار». ونوه بصمود ابناء هذه المناطق في ارضهم وممتلكاتهم. وكان عون تابع امس «التقدم الذي تحقق ميدانياً والإجراءات المرتبطة بانتشار الجيش في الأماكن المحررة في جرود رأس بعلبك والقاع. ومن المقرر ان يترأس عون اليوم جلسة مجلس الوزراء التي تعقد في المقر الرئاسي الصيفي في قصر بيت الدين. وفي خطوة لمعالجة الخلاف بينهما، التقى رئيس الحكومة سعد الحريري مساء امس، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط حول مائدة عشاء اقامها الحريري في منزله وحضرها تيمور حنبلاط.