وسائل إعلام عربية تنتقد موقف العواصمالغربية إزاء المذبحة التي تشهدها ليبيا. الموقف المتخاذل للسياسيين الغربيين ليس جديداً. الغرب صمت عن قتل مواطنيه مقابل المال، وقايض نظام القذافي في جرائم إنسانية اشهرها حادثة «لوكربي» التي ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء في عمل إرهابي بشع. بل ان استمرار نظام القذافي لأكثر من أربعة عقود، على رغم تورطه بتمويل أعمال إرهابية في غير بلد، دليل على انتهازية السياسة الغربية وقبحها. ولكن، ماذا عن موقف الدول العربية؟ بعضها اعتبر تعليق عضوية ليبيا في جامعة الدول العربية ومؤسساتها كافياً. وربما أعطى لهذا القرار حجماً كبيراً باعتباره نقلة في سلوك الجامعة على رغم أن قرارها المتأخر دليل على أن هذه المنظمة لم تعد مؤهلة للاستمرار. كان المطلوب عقد اجتماع الجامعة على مستوى وزراء الخارجية وليس المندوبين، والإعلان عن مبادرة تشمل مجموعة من الإجراءات السياسية والإنسانية الصارمة ضد نظام القذافي. فالجامعة العربية بهذا الموقف الباهت تنحّت عن دورها، وسوّغت تدخل الدول الغربية في شؤون المنطقة. وهي اعترفت بعجز الدول العربية عن حل مشاكلها، ولم يعد مقبولاً منها الحديث عن السيادة ورفض التدخل الأجنبي. لا شك في ان تعامل وسائل الإِعلام الرسمية في الدول العربية مع أحداث ليبيا، اختلف عن سلوك هذا الإعلام إزاء أحداث تونس ومصر، واليمن والبحرين. فتغطية الحدث الليبي بهذا الوضوح، تعبير عن عدم رضا الحكومات العربية عما يجرى، ورفضها سلوك النظام الليبي. لكن الموقف الإعلامي ليس بديلاً من الموقف السياسي والعسكري، وهو حيلة العاجز، فضلاً عن ان الحقيقة تُنقَل عبر وسائل الإعلام الغربية والمستقلة. والمثير هنا أن الأنظمة العربية تشرذمت إبان غزو نظام صدام حسين دولة الكويت، لكنها اتفقت على الصمت حيال مذابح ليبيا، وهذا موقف مفزع. الأحداث التي تشهدها ليبيا، فضلاً عن اليمن والبحرين، فرضت معاودة النظر في دور الجامعة العربية، ناهيك عن ان قبولها دور المتفرج خلال أحداث تونس ومصر، على رغم ما حصل من قمع وهمجية ضد المواطنين، فرض على بقية الدول العربية والنُخب السياسية والفكرية البدء بطرح تصور مختلف لدور الجامعة، دور ينحاز الى الناس، عماده حماية المواطنين ويستطيع التحرك خلال الأزمات التي يتعرضون فيها للترويع والقتل... دور يستبدل حماية الأنظمة بسلامة الناس وحفظ كرامتهم.