قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إن رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري يحاول منذ أشهر كثيرة، مثله مثل وسطاء آخرين في اوربا وأميركا اللاتينية، التوسط من أجل إحياء مسار التفاوض بين سورية وإسرائيل، «وفي حال تبين أن سورية جادة في التوصل إلى سلام، فتجد فينا شريكاً أميناً لهذه العملية». وكان نتانياهو يعلق على خبر نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس جاء فيه أن كيري يحاول منذ أشهر بلورة خطة لاستئناف المفاوضات على المسار السوري، لكن نتانياهو الذي أُطْلع على تفاصيلها يبدي تحفظاً كبيراً بداعي أن الرئيس بشار الأسد ليس جاداً في نياته التوصل إلى سلام مع إسرائيل. وأضافت الصحيفة أن كيري، القريب من الرئيس باراك أوباما، التقى خلال العامين الماضيين الرئيس السوري خمس مرات، وأن مسألة استئناف المفاوضات كانت في صلب هذه اللقاءات، «وقبل أشهر انتقلت هذه المحادثات إلى مرحلة عملية أكثر». ونقلت عن موظفين إسرائيليين كبار وديبلوماسيين أوروبيين قولهم إن كيري شرع في صوغ «ورقة موقف» غير رسمية تتضمن مبادئ المفاوضات وشروط بدئها، كما أطلع أوباما وكبار مستشاريه على نتائج الاتصالات. ووفقاً للصحيفة، فإن المواقف التي يجري صوغها ستكون ضبابية النص على نحو يلبي الحاجات السياسية للطرفين السوري والإسرائيلي، وتم صوغ بعض المبادئ طبقاً للصيغة التي تم التوصل إليها في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية بوساطة تركية أثناء ولاية رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت، منها مثلاً أن المفاوضات ستجري طبقاً لمبدأ الأرض في مقابل السلام بما يتلاءم ومؤتمر مدريد وقرارات الأممالمتحدة في هذا الشأن، وهو ما قد يلبي المطلب السوري بانسحاب إسرائيلي كامل من الجولان المحتل. وتابعت أن كيري يحاول إيجاد صيغة تلبي المطلب الإسرائيلي بأن «تنفصل» سورية عن «حزب الله» وإيران. وفي هذا السياق، وبحسب مصدر أوروبي مطلع على الاتصالات، فإن الرئيس السوري أبلغ كيري استعداده للخوض في «التفاوض على موقع سورية الاستراتيجي ومسائل أمنية إقليمية»، ما من شأنه أن يتجاوب والمطلب الإسرائيلي آنف الذكر. وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن كيري أطلع شخصياً نتانياهو وكبار مستشاريه على نتائج محادثاته مع الأسد، من خلال زيارات قام بها لإسرائيل قبل زياراته لدمشق أو بعدها، وكان مفروضاً أن يقوم بزيارة أخرى لإسرائيل أواخر الشهر الماضي، لكنه أرجأها في أعقاب الأوضاع المتأزمة في لبنان ومصر. وزادت إن نتانياهو يشكك في جدية مبادرة كيري، وما زال يعتقد أن الرئيس السوري ليس جاداً وليس مستعداً حقاً للذهاب إلى اتفاق سلام مع إسرائيل. وقال مصدر رفيع المستوى في ديوان نتانياهو إن كيري يعمل على بلورة مجرد ورقة، وأنه سبق لمسؤولين فرنسيين وبلغار وبرازيليين أن حملوا رسائل شبيهة من دمشق «لكن نتانياهو لا يعتقد أن الأسد جاد ولا يرى أن لديه استعداداً حقيقياً للتوصل إلى سلام مع إسرائيل». وتابع أن نتانياهو يشكك بمبادرة كيري، لكنه يتفادى مهاجمتها، وهو يرى أن الصيغ الغامضة في شأن مستقبل العلاقات بين سورية وإيران و«حزب الله» ليست كافية. ولفتت الصحيفة إلى أن كيري يعتبر من الشخصيات القريبة جداً من الرئيس الأميركي في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية، وأنه قام بمهمات مختلفة في عدد من الدول وينشط على نحو خاص على المسار السوري، وأنه هو الذي أقنع أوباما بفتح حوار مع الأسد وتعيين سفير في دمشق بعد سنوات طويلة بلا سفير أميركي في العاصمة السورية. وزادت أن كيري نجح في إنشاء علاقات ثقة متميزة مع الرئيس السوري.