طوّقت الشرطة الجزائرية أقل من 500 متظاهر حاولوا تنظيم مسيرة ثانية في وسط العاصمة الجزائرية بعدما أحبطت قوات الأمن مسيرتهم الأولى يوم السبت الماضي. واستلهم المتظاهرون أمس شعارات «إسقاط النظام» من تجارب جيرانهم في تونس ومصر وليبيا، لكن الشرطة لم تسمح لهم مجدداً بالتقدم نحو ساحة الشهداء، ما تسبب في صدامات أدت إلى نقل بعضهم إلى مستشفيات. وحضر على رأس المتظاهرين رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي، والرئيس الشرفي للرابطة علي يحيى عبدالنور، وعدد من نواب البرلمان الجزائري ينتمون إلى حزب «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» الذي غاب رئيسه سعيد سعدي بسبب قيامه بزيارة لفرنسا. وطالب المحتجون الذين لبّوا نداء «التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديموقراطية»، بالرفع الفوري لحال الطوارئ وبمزيد من الانفتاح السياسي والسماح بتأسيس الأحزاب السياسية والصحف ومحاربة الفساد. لكن بعض المشاركين في التظاهرة استلهموا شعارات من ثورتي تونس ومصر وما يحصل حالياً في ليبيا وأخذوا ينادون ب «إسقاط النظام»، في حين رفع آخرون شعارات مستلهمة من «العشرية السوداء» في الجزائر ونعتوا النظام بأنه «مجرم». وقال منسقون باسم المسيرة إن النائب عن حزب «التجمع من أجل الثقافة» طاهر بسباس أصيب بجروح خلال قمع الشرطة للمسيرة أمس وأُدخل العناية المركزة في مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة. وأضافوا أن رئيس النقابة الإدارة العمومية (مستقلة) رشيد معلاوي نُقل أيضاً إلى المستشفى بعدما أغمي عليه. وقال مصدر طبي ل «الحياة» إن معلاوي يعاني على ما يبدو من أعراض مرضية سابقة ولم يتحمل التصادم مع الشرطة التي ألقت القبض أيضاً على بلعيد ابريكة القيادي في حركة «العروش» الناشطة في منطقة القبائل شرق العاصمة. واعتقلت الشرطة أيضاً علي بن حاج، الرجل الثاني في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة في حي العناصر بالعاصمة، وكان في طريقه للمشاركة في مسيرة «التنسيقية». وكان لافتاً ظهور أشخاص ملتحين بين المتظاهرين حملوا شعارات مؤيدة لجبهة الإنقاذ ومطالبين بضرورة إطلاق «الشيخ»، في إشارة إلى علي بن حاج. وفي العموم، بدا سكان العاصمة «غير مبالين» بعمليات الكر والفر بين المحتجين وقوات الأمن قرب ساحة الوئام المدني (ساحة أول ماي سابقاً) بقلب العاصمة. لكن شباناً من أحياء في محيط الساحة هددوا المتظاهرين بالتصدي لهم بالقوة. وقال عمر طالبي، وهو شاب في العشرينات من عمره كان يهتف في وجه المحتجين: «لا أثق في أحد منهم. أعاني البطالة والتهميش لكنني لا أريد أن نعيش الخراب من جديد». ورفع بعض هؤلاء الشبان شعارات تتهجم على زعيم «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» وهتفوا «سعدي يا طاغوت ستموت ستموت»، كما رفعوا شعارات مساندة للرئيس بوتفليقة. ولوحظ أن الشرطة لم تمنعهم من رمي المتظاهرين المشاركين في مسيرة «التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديموقراطية» بالمفرقعات. واستغرب علي يحيى عبدالنور، من جهته، تسخير «30 ألف شرطي في ساحة أول ماي وحدها، و10 آلاف آخرين عند مدخل الجزائر العاصمة» بهدف التصدي للمحتجين. وقال: «نريد تغيير النظام وليس تغييراً داخل النظام»، في إشارة إلى قرار حكومة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة رفع حال الطوارئ في كل البلاد باستثناء العاصمة. وأضاف أن هذه الخطوة المتوقعة قبل نهاية الشهر الجاري «لا تكفي ... نحن مواطنون نريد الحرية، ولا أحد باستطاعته توقيف سرعة التاريخ، ولا منع الشارع الجزائري من الانتفاض، ونطلب من الجزائريين النهوض الآن».