يبدأ الفرنسي سيباستيان لوب حملة الدفاع عن اللقب الذي توج به في المواسم السبعة الأخيرة انطلاقاً من رالي السويد الذي يعطي اشارة انطلاق موسم 2011 من بطولة العالم للراليات، وسط تعديلات هامة تشكّل تحدياً لإبن الألزاس ولطموحه في مواصلة هيمنته. كان الموسم الماضي "روتينياً" بالنسبة للوب، إذ خرج الفرنسي مجدداً منتصراً ومكرساً نفسه مهينماً من دون منازع، لا يوجد في قاموسه معنى لمفهوم تداول السلطة. كرس لوب نفسه مجدداً الأسطورة التي تتواصل فصولها من دون أن يموت بطلها بل إنه يخرج دائماً منتصراً، ما سبب إحباط اًلمنافسيه القريبين منهم، أي زميله السابق الإسباني داني سوردو المنتقل إلى ميني كوبر، وزميله الحالي سائق سيتروين جونيور الموسم الماضي مواطنه سيباستيان أوجيه، والبعيدين منهم، أي سائقي فورد الفنلنديين ميركو هيرفونن وياري ماتي لاتفالا. لكن لوب أحرز لقبه العالمي السابع بأفضل طريقة ممكنة لأن التتويج جاء في مسقط رأسه وبين أهله في الألزاس، وقبل مرحلتين على إختتام الموسم بعدما احرز المركز الأول في رالي فرنسا أمام زميله سوردو والنروجي بيتر سولبرغ المشارك على متن سيتروين خاصة. وكان لوب في حاجة إلى الفوز بالمركز الأول بين جمهوره وعلى أرضه، أو أن يحصل على 7 نقاط أكثر من مواطنه أوجييه ليحسم البطولة في مصلحته، فأسعفه الحظ لأن الأخير تعرّض لكسر في جهاز تعليق سيارته وأنهى الرالي في المركز السادس. وخرج لوب من رالي بلاده وفي جعبته 226 نقطة في مقابل 166 لاوجييه أي بفارق 60 نقطة، وبما أن الفائز بالسباق يحصل على 25 نقطة فكان من المستحيل على الثاني أن يلحق بمواطنه الذي فرض نفسه مجدداً افضل سائق في تاريخ بطولة العالم. وقد يعتقد البعض أن حسم اللقب قد يقلل من عزيمة لوب، لكن البطل الفرنسي أحرز المركز الأول في السباق التالي على طرق كاتالونية ثم إختتم الموسم بأفضل طريقة ممكنة بعدما حصد المركز الأول في رالي بريطانيا، محققاً فوزه الثالث توالياً في ويلز والثامن هذا الموسم وال62 في مسيرته التي دخلت سجل أساطير الراليات عام 2008، عندما أصبح الفرنسي أول سائق يتوج باللقب 5 مرات على التوالي متفوقاً حينها على الفنلندي "الطائر" طومي ماكينن الذي كان السائق الوحيد المتوج باللقب 4 مرات على التوالي (1996 و1997 و1998 و1999) على متن ميتسوبيشي لانسر، وعلى الفنلندي الآخر يوها كانكونن الذي توّج بطلا للعالم في 4 مناسبات (1986 و1987 و1991 و1993) ويدخل لوب انطلاقاً من الجمعة مرحلة جديدة حافلة بالتحديات وذلك في ظل التغييرات خصوصاً اعتماد فريقه سيتروين سيارة "دي اس 3" بدلاً من "سي 4" وضم مواطنه ومنافسه أوجييه الى الفريق الرسمي للشركة الفرنسية بدلاً من سوردو. ويتوقع مدير فريق سيتروين اوليفييه كيزنيل أن يكون موسم 2011 ساخناً على صعيد المنافسة، لان "لوب متحمس لإحراز لقب ثامن، كما سيسعى أوجييه لتثبيت قدميه بعدما أثبت جدارته على مختلف المسارات خصوصاً انه يملك إرادة رائعة للفوز، وبالتالي سيكون الصراع داخل سيتروين شبيهاً بالمواجهات الثنائية التي عاشها البرازيلي الراحل أيرتون سينا والفرنسي ألن بروست في فريق ماكلارين" أواخر ثمانينات القرن الماضي. ولم يحتفل لوب طويلاً بلقبه العالمي السابع، إذ سارع إلى إكمال برنامج تجارب سيارة "دي سي 3" التي سيقودها هذا الموسم لأنها سيارة تختلف كلياً عن سابقتها، وعلى البطل الفرنسي التأقلم مع التغييرات ومنها اعتماد عجلات ميشلان بدلاً من بيريللي، ومحركات سعة 1.6 ليتر بدلاً من ليترين. وقد استهل السائق الصاعد موسم 2009 في فريق سيتروين جونيور، لكنه سجل تطوراً لافتاً خلال الموسم. فبعد فوزه أمام لوب في البرتغال خلال أيار (مايو) الماضي، قرر كيزنيل ترفيعه إلى الفريق الاول. وفي فنلندا، حلّ أوجييه ثانياً خلف ياري ماتي لاتفالا (فورد)، فيما إكتفى لوب بالمركز الثالث. كما أحرز رالي اليابان (أيلول/سبتمبر) وقنع لوب بالمركز الخامس. وعلى رغم عودته للمنافسة ضمن فريق سيتروين جونيور في الألزاس، أظهر أوجييه تقدماً ملحوظاً. ولا يبدو لوب متفاجئاً بتطور منافسه المقبل، ويتعامل مع الموقف المستجد بواقعية كاملة، فحين "يفوز علي لن أخجل، فقد بقيت 7 سنوات أفوز على الآخرين. ولو دامت لغيرك لما وصلت اليك". ويرد أوجييه التحية، مؤكداً انه سينطلق في موسم 2011 بطموح كبير، "وبعدما أظهرت مقدرتي على المسارات الترابية آن الأوان لأبرهن ذلك على الأسفلت وخلف مقود سيارة مماثلة للتي يقودها البطل". وبدا لوب حذراً في تقويمه للموسم الجديد خصوصاً أنه يستهل حملة الدفاع عن لقبه من السويد، الرالي الذي توج بلقبه مرة واحدة فقط عام 2004، وقال بهذا الصدد: "أنا دائماً حذر لأني لست من الأشخاص الذي يتحدثون عن قيامهم بأمر ما وثم لا يتمكنون من المحافظة على وعدهم. آمل أن أبدأ مشواري بزخم المواسم الماضية، وليس من الممكن أن يكون لدي هدف آخر سوى الصراع على اللقب. سأخوض الراليات الواحد تلو الآخر مع سيارة جديدة وقوانين جديدة وزميل جديد، وبالتالي هناك تعديلات عدة". وعن السيارة الجديدة "دي أس 3" قال لوب أنها تناسبه على رغم أنه يحتاج إلى مجهود أكبر في قيادتها من ذلك الذي كان يبذله على متن "سي 4"، لكنه سعيد بالتجارب التي خاضها على متنها. ولن يكون لوب السائق الوحيد الذي يختبر تعديلات عدة، بل أن منافسيه المحتملين هيرفونن، بطل رالي السويد الموسم الماضي، ولاتفالا سيخوضان الموسم على متن سيارة جديدة هي فورد فييستا أر أس التي ستحل بدلاً من فوكوس. كما سيشهد الموسم الجديد عودة الماركة البريطانية الأسطورية ميني كوبر إلى البطولة، لكن هذه المرة تحت لواء بي أم دبليو الألمانية التي إشترت الشركة منذ أعوام عدة. وتعاقدت ميني مع سودرو الذي سيقود إلى جانب البريطاني كريس ميكي وتحت إشراف "برودرايف" ومديرها البريطاني ديفيد ريتشاردز. وكانت ميني كوبر من أبرز الفرق المشاركة في بطولة العالم للراليات خلال عقد الستينات حيث أحرزت مع سيارتها "كوبر أس" رالي مونتي كارلو الأسطوري في ثلاث مناسبات أعوام 1964 و1965 و1967، إلى جانب راليات أكروبوليس وبريطانيا وفنلندا وأوروبا عام 1965. وستشارك ميني بسيارتها "كاونتريمان دبليو أر سي" في 6 مراحل من أصل 13 مرحلة مقررة الموسم الحالي، على أن تسجل عودتها الكاملة إلى عالم الراليات عام 2012. وموسم 2011 يتميز بتعديلات عدة هامة إلى جانب خفض سعة المحرك من 2000 سنتم مكعب إلى 1600 سنتم مكعب مع شاحن هوائي "توربو"، حيث ستزوّد شركتا ميشلين الفرنسية ودماك الصينية السيارات بالإطارات بعد إنتهاء عقد بيريلي الايطالية وتحولها لتزويد سيارات بطولة العالم للفورمولا واحد. اأما التعديل البارز الآخر فيتمثل بمنح الفائز في المرحلة الخاصة الأخيرة من كل رالي التي ستكون منقولة مباشرة على الهواء، 3 نقاط فيما يحصل الثاني فيها على نقطتين والثالث على نقطة. ويبدأ التحدي الجديد في السويد اليوم الخميس في المرحلة الإستعراضية في كارلشتاد التي تبلغ مسافتها 1.90 كلم، على أن تنطلق المنافسات الفعلية الجمعة بست مراحل خاصة مسافتها 129.34 كلم، على يشهد يوم السبت 9 مراحل خاصة (127.50 كلم). ويختتم الرالي الافتتاحي الأحد بست مراحل خاصة مسافتها 92.26 كلم من أصل 351 كلم موزعة على أربعة أيام وعلى طرق تغطيها الثلوج. وسيكون الرباعي الفنلندي هيرفونن ولاتفالا بطل 2008 والنروجي بتر سولبرغ بطل 2005 (سيتروين خاصة) وشقيقه هينين (شتوبارت فورد) من أبرز منافسي لوب الساعي إلى احراز الرالي الشتوي الرابع له بعد السويد عام 2004 وفنلندا عام 2008 والنروج عام 2009.