ما إن هدأت الأوضاع بعد سيول الأربعاء التي ضربت جدة أخيراً، إلا وبدأ بقية الأهالي في المدينة الساحلية (ممن لم تتأثر أحياؤهم كثيراً) في محاولة استجماع قواهم واستعادة حماسهم في ما تبقى من أيام الإجازة ما بين الفصلين الدراسيين. وحزم أهالي تلك الأحياء أمتعتهم ويمموا وجوههم شطر الشمال من «العروس»، إلى تلك الأراضي التي اكتست حلة خضراء، وجعل منها اللون الأخضر الجميل موقعاً جذاباً للاستمتاع بمناظر الربيع الرائع، الذي يلطف الأجواء ويعيد للنفس طاقتها، وذلك في منطقة تدعى «صعبر» بالقرب من مدينة ثول، (على بعد 107 كيلومترات من جدة باتجاه الشمال). وعاشت «الحياة» ساعات وسط الموجودين في الموقع الذي بقي كل شيء فيه على طبيعته (الأرض الواسعة المنبسطة، الهواء النقي، الصحراء وأشجار السمر، العشب الأخضر، وكذلك وجود الجمال المنتشرة هنا وهناك). ذلك المنظر أعاد إلى الأذهان ما كان يقرأ عنه جيل اليوم في كتب العلوم، خصوصاً عند مشاهدة انتشار أشجار السمر بكثرة، وتوزع الجمال التي غطت غالبية أرجاء المكان تتلذذ بأكل العشب بكل سكينة على رغم كثافة المتنزهين المنتشرين زرافات ووحداناً. الكثير ممن تواجد في ذاك المكان، عبَّر عن ارتياحه الشديد وفرحه الغامر بعودة مثل هذه المناظر الخلابة وتلك الأجواء الغضة في تلك الأمكنة التي تنسي الروح السقيمة همومها. وعلى رغم ذلك الشعور بالرضا والارتياح، إلا أن ثلة من المتنزهين أبدت انزعاجها من اضطرارها إلى العودة مع اقتراب المساء، نظراُ إلى افتقاد الموقع الإضاءة التي تمكنهم من البقاء طويلاً وبالتالي قلة الاستمتاع بالوقت الكافي الذي تمنوا استغراقه في التنزه والاستجمام هناك (في صعبر) أو غيره من الأماكن التي يكسوها الربيع حلة زاهية هذه الأيام، إذ إن هناك من قال ل«الحياة»: «لو تتحقق هذه الأمنية وتصبح هذه الأماكن متنزهات برية رسمية لأهالي جدة وما جاورها، فإن الوضع في داخل المدينة سيكون أكثر تنظيماً من ناحية منع تكدس المتنزهين في أماكن معينة من دون أماكن أخرى».