بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مأزق أمام الأزمة الكورية، بعدما سدّت في وجهه أبواب التعاون في مجلس الأمن مع موسكووبكين، لإيجاد سبل كفيلة لتراجع بيونغيانغ عن تجاربها الباليسيتة المرفقة بإعلانات عن قدرة صواريخها على إصابة المدن الأميركية. وفي موازاة التدهور في العلاقات الروسية– الأميركية، اتخذت موسكو موقفاً حاداً مما وصفته «افتراءات» تتجسد في محاولات تحميلها وبكين مسؤولية الوضع في كوريا الشمالية، وأعربت عن قلقها في شأن التطورات في شبه الجزيرة الكورية. تزامن ذلك مع رد وسائل الإعلام الصينية الرسمية على تغريدات ترامب التي تتهم بكين بالتقاعس، ووصف المعلقون الصينيون هذه الادعاءات بأنها خاطئة، فيما رأت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي أن على الصين أن تتخذ قراراً في شأن عقوبات أشد ضد كوريا الشمالية، واعتبرت أن «وقت الكلام انتهى». لكن موقفي الصينوروسيا يوحيان بصعوبات في وجه أي مشاورات في مجلس الأمن لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية. وأجرى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي محادثات هاتفية مع ترامب، أعلن على أثرها أن «المجتمع الدولي، بما في ذلك روسياوالصين، بحاجة لأخذ الأمر على محمل الجد وتشديد الضغوط» على بيونغيانغ. وقال الناطق باسم مجلس الوزراء الياباني كويتشي هاجيودا للصحافيين، إن آبي وترامب «لم يناقشا عملاً عسكرياً ضد كوريا الشمالية ولا احتمالات تجاوز بيونغيانغ الخطوط الحمر». كذلك أشار بيان للبيت الأبيض إلى أن ترامب وآبي «اتفقا على أن كوريا الشمالية تمثل تهديداً خطراً ومباشراً ومتنامياً للولايات المتحدةواليابان وجمهورية كوريا (الجنوبية) ودول أخرى قريبة وبعيدة». وأكد بيان البيت الأبيض أن ترامب «أكد مجدداً التزامنا القوي» بالدفاع عن اليابانوكوريا الجنوبية من أي هجوم «باستخدام قدرات الولاياتالمتحدة كاملة». لكن الموقف الأبرز أتى على لسان يوشيهيدي سوغا كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، بقوله إن «الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين مهم للغاية»، غير أن مراقبين توقفوا عند فشل ترامب في كسب تأييد بكين، بعدما ألمح في تغريدة على «تويتر» إلى كبح جماح التبادل التجاري للصين مع الولاياتالمتحدة ما لم تنجح في الضغط على كوريا الشمالية. ورفض تشيان كه مينغ نائب وزير التجارة الصيني مضمون تغريدات ترامب، وقال إن «لا صلة بين قضية كوريا الشمالية والتجارة الصينية الأميركية، لذا يجب ألا تتم مناقشتهما معاً». غير أن موقف موسكو كان أكثر حدة ووضوحاً، إذ شددت الخارجية الروسية في بيان لها على رفضها تصريحات لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون «تكاد تتهم موسكووبكين بتحفيز طموحات بيونغيانغ في تطوير برنامجها الباليستي والنووي». ودعت الخارجية الروسية في بيانها كل الأطراف المعنية إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى مزيد من تصعيد حدة التوتر في المنطقة. وشددت في الوقت ذاته على أن «تجربة بيونغيانغ الباليستية يوم الجمعة الماضي، انتهاك صارم لقرارات مجلس الأمن». لكنها اعتبرت في إشارة لا تخلو من مغزى أن التصعيد الكوري الشمالي «أتى على خلفية تكثيف النشاطات العسكرية الأميركية والكورية الجنوبية واليابانية في المنطقة حيث تستمر واشنطن في اتباع نهج يقضي بنشر درعها الصاروخية في كوريا الجنوبية». وذكّرت الخارجية في بيانها بأن روسياوالصين «طرحتا خريطة طريق مشتركة تستبعد استخدام القوة والتهديدات وتقضي بالتوصل إلى حل شامل لكل الملفات العالقة في شبه الجزيرة الكورية، بما فيها المسألة النووية، بطرق سياسية ديبلوماسية وعبر إقامة الحوار من دون طرح شروط مسبقة».