أعلنت سيول وطوكيو وواشنطن أن بيونغيانغ أطلقت أمس صاروخاً باليستياً، حلّق نصف ساعة وبلغ ارتفاعاً غير معهود، قبل سقوطه في بحر اليابان. ويشكّل إطلاق الصاروخ تحدياً لمون جي إن الذي نُصب الأسبوع الماضي رئيساً لكوريا الجنوبية، متعهداً الحوار مع الشمال، فيما تتجمّع وحدات بحرية أميركية ويابانية وأوروبية لتنفيذ مناورات في المحيط الهادئ. واعتبرت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي أن التجربة الصاروخية لكوريا الشمالية تنبع من «حال جنون الارتياب» لزعيمها كيم جونغ أون. وأكدت أن واشنطن ستواصل «تشديد الخناق» على بيونغيانغ، مستعينة بضغط دولي وبعقوبات جديدة محتملة. ورأت أن ذلك ليس وسيلة ليكسب كيم لقاءً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. واعتبر خبراء أن اختبار أمس يُظهر مدى أطول بكثير من الصواريخ التي اختبرتها كوريا الشمالية سابقاً، ما يعني أنها على الأرجح طوّرت برنامجها الصاروخي، منذ تجربة نفذتها في شباط (فبراير) الماضي. والتجربة تأتي بعد أسبوعين على إطلاق بيونغيانغ صاروخاً سقط بعد دقائق على إطلاقه، في رابع تجربة فاشلة على التوالي منذ آذار (مارس) الماضي. وأعلن الجيش الكوري الجنوبي أن الصاروخ حلّق ل700 كيلومتر تقريباً، فيما ذكرت وزيرة الدفاع اليابانية تومومي إينادا أنه بلغ ارتفاعاً تجاوز ألفي كيلومتر، مرجّحة أن يكون طرازاً جديداً من الصواريخ. وأضافت أن الصاروخ سقط في بحر اليابان على بعد نحو 400 كيلومتر من الساحل الشرقي لكوريا الشمالية. ولفت ناطق باسم الحكومة اليابانية إلى أن الصاروخ حلّق 30 دقيقة، متهماً كوريا الشمالية بانتهاك قرارات مجلس الأمن. وأعلنت قيادة الجيش الأميركي في المحيط الهادئ أنها تقوّم طراز الصاروخ، مستدركة أن المسافة التي قطعها «لا تتوافق مع صاروخ باليستي عابر للقارات». لكن بلوغه ارتفاع ألفي كيلومتر يعني أنه يتجاوز قدرات صاروخ متوسط المدى اختبرته بيونغيانغ بنجاح في شباط الماضي. وقال جوناثان ماكدويل من «مركز هارفرد سميثسونيانن للفيزياء الفلكية»: «إذا كان هذا التقرير صحيحاً، فهذه التجربة تكشف صاروخاً جديداً بعيد المدى. وهذا مقلق». ويُعتقد بأن الدولة الستالينية تطوّر صاروخاً عابراً للقارات يحمل رأساً نووياً، ويطاول الولاياتالمتحدة. وتعهد ترامب منعها من تحقيق ذلك. وأعلن البيت الأبيض أن ترامب «لا يمكنه أن يتخيّل أن روسيا مسرورة» بالتجربة الصاروخية، بعد «سقوط الصاروخ في منطقة قريبة جداً من الأراضي الروسية، وأقرب لروسيا من اليابان». واعتبر أن ذلك بمثابة نداء لكل الدول من أجل تشديد العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. وأقرّ ناطق باسم الكرملين بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قلق من التجربة الصاروخية. لكن وزارة الدفاع الروسية أكدت أن مسار الصاروخ كان يبعد مسافة كبرى عن أراضي روسيا، ولم يشكّل تهديداً لها. وأشارت إلى رصد عملية الإطلاق وتعقب الصاروخ ل23 دقيقة، قبل أن يسقط في بحر اليابان على بعد نحو 500 كيلومتر قبالة ساحل روسيا. وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إن وزيرَي الخارجية الياباني والكوري الجنوبي أجريا اتصالاً هاتفياً أمس، لمناقشة إطلاق الصاروخ، مشيراً إلى أن شوتارو ياتشي، أبرز مستشاريه لشؤون الأمن، أجرى اتصالاً هاتفياً مع هربرت ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأميركي. وتابع: «سنواصل التنسيق عن كثب مع الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية، للرد على كوريا الشمالية». وعقد الرئيس الكوري الجنوبي مون جي إن، أول اجتماع لمجلس الأمن القومي، معتبراً أن إطلاق الصاروخ يشكّل «انتهاكاً سافراً» لقرارات مجلس الأمن. وزاد: «على رغم أن كوريا الجنوبية ما زالت مستعدة لاحتمال إجراء حوار مع كوريا الشمالية، فإن ذلك لن يكون ممكناً إلا عندما تُظهر كوريا الشمالية تغييراً في موقفها». وحذرت باريس من أن بيونغيانغ تمثّل «تهديداً خطراً» لأمن العالم، فيما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها تدرس كل الوسائل المتاحة لديها لحرمان كوريا الشمالية من الاستفادة من النظام المالي العالمي، لكبح برنامجيها النووي والصاروخي. لكن الصين التي عارضت التجربة الكورية الشمالية، كرّرت دعوتها إلى «ضبط النفس» لتجنيب المنطقة «تفاقم التوتر».