يقف فهد الحربي، مطولاً أمام المجمع التجاري، يتوسل رجال الأمن أن يسمحوا له بالدخول، في كل مرة يقصد فيها المجمع، وفي كل مرة يرتدي ملابس مختلفة، ويأتي بحيل وحجج متباينة، علّها تساعده على التجول داخل ذلك المجمع، ومنها محاولة استعطاف عائلات بمرافقتهم والدخول بمعيتهم، وبحسب قوله «غالباً ما أنجح». ويقول فهد: «كل الأماكن تحمل لافتة «للعائلات فقط»، حتى المجمعات العامة نمنع من التسوق فيها، بحجة أن هناك عائلات لا تريد أن نشاركها في هذا النمط الحياتي العادي»، مضيفاً «كنت سابقاً، أعاني كثيراً، وغالباً ما أفشل في إقناع رجال أمن المجمع بالسماح لي بالدخول، على رغم أن حيلي كثيرة، فمثلاً يكفي أن أحمل كيساً عليه اسم محل داخل المجمع، في محاولة لأفهمهم أني أنوي إرجاع ما اشتريته بالأمس. وكانت الحيلة تنطلي عليهم، لكنها أصبحت لا تجدي الآن، لأن بعضهم يطلب الفاتورة، وآخرون يسيرون معي إلى المحل، للتأكد مما أقول». ويستعرض الحربي، حيلاً كثيرة، منها «لبس الغترة بطريقة رسمية، وعدم الدخول من بوابة مزدحمة، أو الحديث في الهاتف، وإيهام رجل الأمن بأنني أتحدث مع أسرتي في الداخل، وأمثل دور العصبي، لأنهم تأخروا، فيصدق هذا المشهد»، مضيفاً «سمعت من صديق أن هناك حلاً جديداً يتمثل في وقوف سيدات بجوار المجمع، ويدخلن الشباب بمبلغ 50 ريالاً. ويتناقل كثيرون ذلك. وسواءً الخبر صحيحاً أم لا، يبقى السؤال أين نذهب والمكان الوحيد للترفيه هو المجمعات التجارية؟». ويلفت جعفر رشيد، إلى طرق وأساليب أخرى يتبعها الشبان لدخول المجمعات، مثل «محاولة استعطاف العائلات التي تنوي الدخول للمجمع، وغالباً ما يشفقون عليهم فيدخلونهم، ليقضوا بعض الوقت هناك»، مضيفاً «لاحظت ما هو أكثر مرارة من تسول الشبان للدخول، أن رجال أمن المجمعات يسمحون بدخول الجنسيات الأجنبية والعربية، ويمنعون الشبان السعوديين، ما يصنع حاجزاً قوياً يوحي بالتمييز». ويلفت محمد الحسن، إلى أن إدارة المجمعات «تسمح بدخول الفتيات العازبات، من دون أسرهن، بينما تمنع الشبان، لسبب لا أعلمه، إلا أن هذا ينافي العدل، والسؤال: لماذا لا تكون هناك مراقبة داخل المجمع، وطرد الشبان الذين يضايقون العائلات، أو يعاكسون، أو تسليمهم إلى الجهات الأمنية المختصة». ويشير إلى ان من ضمن الحيل التي يستخدمها الشبان «ارتداء ملابس رسمية، ووضع بطاقة توهم رجال الأمن بأنهم مندوبو شركة ما. وآخرون يصطحبون أطفالاً معهم، كتغطية على دخولهم المجمع». ويرى الاختصاصي الاجتماعي حسن الحماد، ان الحيل التي تحدث عنها الشباب، «نتاج طبيعي للكبت الذي يعانيه الشبان، ففي الأحساء مثلاً، لا توجد مجمعات مفتوحة للجميع، عائلات فقط، فيما أماكن الترفيه قليلة، إن لم تكن معدومة للشبان، وسيكون البديل مقاهي الشيشة الشعبية، والاستراحات الخاصة، أو الشوارع، وهو أمر يحتاج لمعالجة سريعة»، معتبراً الوسائل المعروفة للتحايل على قوانين المجمعات، والدخول بصور مختلفة ومبتكرة، «تفسير واضح لحاجة هؤلاء لأن يكونوا جزءاً من المجتمع، ولا يشعروا أنهم منبوذون فيه». ومن الحلول التي يمكن أن تعالج هذه المشكلة من وجهة نظر الحماد «توفير مجمعات شبابية، إن صح التعبير عنها، تحوي محالاً وأماكن خاصة بهم، لخلق نوع من التوازن»، مشدداً على ضرورة «التعامل مع هذا الوضع بجدية كبيرة، إذ ألاحظ تجمهر الشباب أمام بوابات المجمعات، بغية الدخول، ربما للمعاكسة أو مضايقة العائلات. وكل هذا بسبب لافتة «للعائلات فقط».