حذرت ممثلة العراق في «مركز المشاريع الدولية الخاصة» منى زلزله، من أخطار الفساد الإداري والمالي على بيئة النشاط الاقتصادي والاستثماري، مؤكدة الحاجة إلى بذل جهود مشتركة مع الجهات المعنية في القطاعات كافة بهدف الحدّ من الفساد الذي يهدد بنية المجتمع واستقراره وتقدمه. وقالت خلال ندوة نظمها المركز بالتعاون مع «معهد الإصلاح الاقتصادي»، حضرها ناشطون في قطاع المال والاقتصاد، إن «مركز المشاريع الدولية الخاصة تبنى 4 مواضيع رئيسة نتجت عن أوراق عمل شملت المحافظات والفجوة في التطبيق ومحاربة الفساد والبيروقراطية، إلى جانب ضعف التخطيط الإستراتيجي في العراق». وأشارت إلى أن «المركز تعاقد مع المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي لإنجاز السياسات التي تضمنتها الأوراق، وعلى رأسها مناقشة ورقة الفساد الإداري والمالي والجهود المبذولة لمكافحته». وأكد رئيس «هيئة أمناء معهد الإصلاح الاقتصادي» فائق عبد الرسول في الندوة، أن «على العراق بذل جهود كبيرة لتقويض كل أشكال الفساد الإداري والمالي والعمل على خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الدولية، وعودة رجال الأعمال العراقيين في الخارج إلى الوطن للمساهمة في عملية البناء والإعمار والتنمية، وتهيئة البيئة التي تعزز فرص تفعيل دورهم في النشاط الاقتصادي، كما على العراق العودة إلى محيطه الإقليمي والدولي باعتباره يمثل جزءاً مهماً من العالم». وقدم الخبير الاقتصادي زهير الحسني ورقة تناولت موضوع الفساد الإداري والمالي وسبل مكافحته، مشدداً على «أهمية إعادة دور السوق المحلية بدعم المنتج الوطني الذي يؤمن فرص عمل للشباب من خلال تحريك السوق الإنتاجية، عبر تنفيذ القوانين الاقتصادية الأربعة، وهي قانون التعرفة الجمركية وقانون دعم المنتج الوطني وقانون حماية المستهلك وقانون المنافسة ومنع الاحتكار، إضافة الى إنشاء المجالس المنصوص عليها في هذه القوانين لمتابعة تنفيذها». وأكد أن «الواقع يتطلب اعتماد دعم القطاع الخاص بتوفير التسهيلات المصرفية وسداد الديون والغرامات والضرائب لإعادة الثقة في بيئة الأعمال وتشغيل المعامل المتوقفة وتشجيع عودة رأس المال العراقي المغترب إلى الوطن، وتأهيل الشركات العامة وتحسين الشراكة بين القطاعين العام والخاص والإسراع في تشريع قانون الشركات المعروض حالياً أمام مجلس شورى الدولة وإنشاء مجلس الشراكة برئاسة رئيس مجلس الوزراء للسهر على حسن إدارة هذه الشراكة وفقاً لمعايير الجودة والحوكمة». وشدد الحسني على «أهمية تأهيل الأسواق المركزية بالمشاركة مع القطاع الخاص لدعم الحاجات اليومية لذوي الدخل المحدود حصراً، واستبدال البطاقة التموينية التي شابها الفساد والعمولات والهدر ومنع بيع العقود الحكومية من الباطن الذي يوفر مناخاً خصباً للفساد». وطالب بإعداد دراسات جدوى للمشاريع التنموية وتقدير كلفتها الحقيقية لا الوهمية، وإحالتها إلى شركات رصينة قادرة على انجازها، وتشجيع الاستثمار عبر تحسين بيئة الأعمال وتوفير الأراضي للمشاريع الاستثمارية والبنية التحتية وتنفيذ نظام النافذة الواحدة المباشرة عبر اللجان، كما يجب الإسراع في إطلاق الحكومة الالكترونية عبر الاستعانة بشركة رصينة وتحقيق الشفافية التي توفر للرأي العام الصورة الحقيقية للواقع بما يحقق رقابة مجتمعية على الإدارة الحكومية للحدّ من الفساد. وأشار الحسني إلى «ضرورة إنشاء مجلس أعلى للإعمار برئاسة رئيس مجلس الوزراء ليكون هيئة عليا لإدارة المشاريع وحوكمة المناقصات والعقود والتعاقد مع الشركات الرصينة لتنفيذ المشاريع والمراقبة، بهدف القضاء على أهم مصدر للفساد في العراق». وشدد على أهمية «وقف هدر المال العام عبر إعداد موازنة تنموية والحدّ من الكلف التخمينية الوهمية للمشاريع، وإعداد المشاريع في ضوء دراسة الجدوى وفقاً لمتطلبات الخطة التنموية وتوفير التمويل لها من خارج عائدات النفط، فضلاً عن تنظيم التحاسب الضريبي ومكافحة التهرّب الضريبي وجباية الرسوم الجمركية وأجور الخدمات التي يقدمها القطاع العام من دون استثناءات». وشدد على «أهمية دعم القطاع الخاص عبر توفير الضمان الاجتماعي للعمال والحدّ من الترهل الوظيفي والبطالة المقنّعة والسيطرة الحازمة على المنافذ الحدودية وحوكمتها لمنع الغش التجاري والتهريب والعمولات والرشوة وتمويل الإرهاب». وأضاف: «يجب الإسراع في تقديم الحسابات الختامية للموازنة السنوية لتدقيقها وعرضها على مجلس النواب ومعرفة مدخلاتها ومخرجاتها ومكافحة الفساد فيها». وأكد ضرورة «الإسراع في تعديل قانون العقوبات لتحويل جرائم تبييض الأموال من الجنح إلى الجنايات لردع الجريمة المنظمة عبر الحدود، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفساد وجرائم تبييض الأموال بموجب اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، خصوصاً حجز الأموال غير المشروعة ومصادرتها واستعادتها وإبرام اتفاقات تسليم المجرمين مع الدول المعنية لتحقيق ذلك». وعن الحاجة إلى الإصلاحات المصرفية، طالب الحسني «بتعديل المادتين 27 و28 من قانون المصارف لعام 2004 لتمكين المصارف الخاصة من الاستثمار والمشاركة في التنمية الاقتصادية، وتشديد رقابة البنك المركزي على المصارف الخاصة وتطبيق قواعد بازل لعام 1988 لمنع تهريب الأموال وتبييضها والمضاربة بالعملة في السوق السوداء. كما طالب بالعمل على إصلاح المصارف المتعثرة عبر الدمج الإجباري أو الاختياري، وتوحيد سعر صرف الدينار للقضاء على السوق السوداء التي تعدّ من أبرز مكامن الفساد والجريمة المنظمة».