تصاعدت في العراق أخيراً حدة الاتهامات بين المصرف المركزي والمصارف الخاصة من جهة، وبين ديوان الرقابة المالية من جهة ثانية، في شأن عمليات تبييض أموال وتهريب أقرت بها الحكومة. ما دفع السلطة القضائية العراقية الى الاستعانة بخبرات قضاة اميركيين درّبوا نظراءهم في بغداد في دورة مركزة حول آليات مكافحة تبييض الأموال ومطاردة الأموال المهرّبة. وأشار الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي علي العلاق، إلى أن المصرف المركزي تمكن من بيع أكثر من 200 بليون دولار عبر مزاد بيع العملات الأجنبية، مؤكداً أن «خمسة في المئة من التحويلات الخارجية تتم بالطرق القانونية». وقال «المبالغ التي هرّبت إلى خارج العراق خلال السنوات الماضية تقدر بنحو 180 بليون دولار»، مشيراً إلى أن «الحكومة عندما تحض المصرف المركزي على تكثيف رقابته على حركة الأموال فإن ذلك لا يعد تدخلاً في عمل المصرف بل يأتي من اجل الحفاظ على المال العام». وأوضح المسؤول الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى، إياس حسام الساموك في بيان، إلى أن معهد التطوير القضائي أنهى دورة جديدة في مكافحة الفساد وجرائم تبييض الأموال بإشراف قضاة ومتخصصين من الولاياتالمتحدة». وأضاف: «القضاة العراقيون حصلوا على معلومات مكثفة في شأن التعرف الى طرق مكافحة الفساد في دوائر الدولة واقتفاء اثر جريمة تبييض الأموال، بالاعتماد على الطرق التكنولوجية التي توصلهم إلى المجرمين بأسرع وقت وأقل جهد ممكن». وجاء في البيان «الدورة كانت بإشراف قضاة وأكاديميين ومتخصصين من الولاياتالمتحدة، اطلعوا الجانب العراقي على التجارب المتقدمة في التوصل إلى هاتين الجريمتين اللتين تهددان الاقتصاد في أي بلد». وأشار إلى ان الدورة تضمنت «مناقشة الجرائم المالية في القانون الدولي إضافة إلى التقنيات الحديثة المستخدمة في تحليل المتهمين، والأدلة المستندية والاحتيال في الأوراق المالية وتبييض الأموال فضلاً عن تمويل الإرهاب». وأعربت عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي، نورا السالم، عن قلقها من تعرض الاقتصاد العراقي لهزة عنيفة تتعلق بعمليات تبييض كبرى، تؤثر سلباً في سمعة البلد استثمارياً وتقلل من ثقة المستثمرين الراغبين بنقل أموالهم إلى العراق. وقالت «معلومات أكدتها حكومات دول أفادت بوجود تحركات لمافيات بدأت تركز على الساحة العراقية لإتمام أعمالها غير الشرعية مستغلة ضعف الرقابة، وانتشار الفساد الإداري في القطاعات الحكومية، يضاف اليها القوة الاقتصادية الكبيرة والمتنامية التي يتمتع بها البلد وتعاظم عائداته النفطية غير المستغلة حتى الآن بالشكل الصحيح» وأكدت ان العراق يحتاج إلى تشريعات إضافية من شأنها تطوير الآليات الرقابية وتشكيل مديرية تكون تابعة لوزارة الداخلية أو لأي جهة أمنية أخرى، مهمتها تقفّي أثر الجرائم ذات الطابع الاقتصادي والمالي. وعلى رغم وجود هكذا جهة لكنها حتى الآن لم ترق إلى المستويات التي بلغتها المافيا الدولية التي تمتلك قدرات وآليات أكثر تطوراً من أن تكشفها الجهات المحلية. الخبير الاقتصادي عماد العبود، لفت إلى أن «مكافحة عمليات تبييض الأموال أو تهريبها، وجدت أرضية خصبة في العراق بسبب المفسدين أنفسهم، فهناك جهات تتعامل مع المافيا وتمكّنت من شرعنة أعمالها وأموالها عبر استغلال المشاريع الكبرى والتجارة المفتوحة». وأشار إلى أن «الجانب العراقي حتى لو أراد منع هكذا جرائم فسيقف عاجزاً تماماً، لأن الآليات التي تتم بها شبه قانونية، وهناك من يؤمن الوثائق الأصلية، وشهادات المنشأ وما يلزم لإتمام أي عملية. وعلى رغم تدخل وزارة الخارجية المسؤولة عن تزكية الشركات الأجنبية الراغبة في دخول الساحة العراقية، إلا أن خروقاً وقعت فعلاً».