يستعد سفراء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية المعتمدون لدى لبنان للقيام بمحاولة تحت مظلة الأممالمتحدة في بيروت بهدف تفعيل الاتصالات الجارية بين الكتل النيابية الرئيسة في البرلمان اللبناني لإخراجها من التعثر المسيطر عليها والإفادة من الوقت المتبقي حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال سليمان في 25 أيار (مايو) الجاري للإسراع في انتخاب رئيس جديد لقطع الطريق على إحداث فراغ في سدة الرئاسة الأولى، خصوصاً ان مصير جلسة الانتخاب الرابعة التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الخميس المقبل لن يكون أفضل حالاً من مصير الجلسات السابقة التي تعطل عقدها لعدم توافر النصاب القانوني الذي يتطلب حضور ثلثي أعضاء البرلمان. (للمزيد) وعلمت «الحياة» من مصادر ديبلوماسية غربية أن ارتفاع منسوب المخاوف من تعذر انتخاب رئيس جديد استدعى مبادرة سفراء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الى عقد اجتماع عاجل في حضور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي استضافه مبنى «الإسكوا» في وسط بيروت يوم الجمعة الماضي خصص للبحث في امكان دخولهم على خط الاتصالات لتوفير ضغط معنوي يتيح للأطراف اللبنانيين الرئيسيين المعنيين بالاستحقاق الرئاسي الإفادة من الفترة الزمنية المتبقية على انتهاء ولاية الرئيس سليمان وتوظيفها لانتخاب الرئيس في موعده. وأكدت المصادر نفسها ان المجتمعين في «الإسكوا» توافقوا على الخطوط الرئيسة للبيان الذي سيصدر عنهم، وربما قبل يوم الخميس موعد عقد الجلسة الرابعة لانتخاب الرئيس، وارتأوا تكليف بلامبلي مهمة اذاعة البيان نظراً الى موقعه المعنوي والأممي الذي يشغله باعتباره الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ولفتت الى ان المجتمعين أجمعوا على عدم وجود مرشح خاص لرئاسة الجمهورية يتولون تسويقه لدى الكتل النيابية الفاعلة بمقدار ما أنهم يتوخون، عبر البيان الذي سيصدر عنهم، تحفيز الأطراف المحليين على توفير النصاب القانوني الذي يتيح لهم انتخاب الرئيس، وإنما على قاعدة تحييد المرشحين المتصادمين عن السباق الرئاسي، لا سيما رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وقالت انهم توصلوا الى هذه القناعة انطلاقاً من واقع الحال الذي كرسته جلستا الانتخاب السابقتان والذي أدى الى تعطيل عقدهما لعدم توافر النصاب القانوني. وأوضحت ان استبعادهما من السباق الرئاسي لا ينم أبداً عن وجود موقف ضد ترشحهما وإنما هناك حاجة لتوسيع الخيارات التي يمكن ان تؤمن انتخاب الرئيس باعتبار أن حصر المنافسة بينهما حتى إشعار آخر سيقود حتماً الى تعطيل دور البرلمان في إتمام العملية الانتخابية والى فتح الباب على مصراعيه أمام إحداث فراغ قد يكون مديداً في سدة الرئاسة الأولى. واعتبرت هذه المصادر ان تعذر تفاهم الكتل النيابية على انتخاب الرئيس سمح لهؤلاء السفراء، بالتنسيق مع الأممالمتحدة، بالقيام بدور ضاغط لعله يؤدي الى انقاذ الاستحقاق بدلاً من اقحام البلد في فراغ قد تترتب عليه تداعيات سياسية لا مصلحة لأحد بالدخول فيها. وكشفت ان البيان الذي سيذيعه بلامبلي سيعيد تأكيد التزام الموقّعين عليه كل القرارات الدولية الخصوصاً بلبنان وأبرزها القرار 1701 الذي ينص على دعم قوات «يونيفيل» الحكومة اللبنانية لبسط سلطتها وسيادتها على كامل الأراضي وصولاً الى الحدود الدولية للبنان مع اسرائيل، وكذلك القرار 1559، وتحديداً الفقرة الواردة فيه والمتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية بعيداً من الضغوط الخارجية والتدخلات الإقليمية، والذي كان صدر عن الأممالمتحدة عند التمديد لرئيس الجمهورية آنذاك اميل لحود لنصف ولاية رئاسية بضغط من النظام السوري. لكن يبدو أن البيان الذي سيذيعه بلامبلي سيتزامن هذه المرة مع بيان مشترك يصدر عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يسبق عقد الجلسة النيابية بعد غد الأربعاء المخصصة لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام والمعلمين تمهيداً لإقرارها. وأكدت مصادر نيابية مواكبة للقاءات التي عقدها أخيراً ممثلون عن البنك الدولي وصندوق النقد مع عدد من الكتل النيابية، أن مضمون هذا البيان يتضمن تحذيراً من أي جنوح في اتجاه تضخيم أرقام كلفة السلسلة من دون أن يؤخذ في الاعتبار الواقع الحقيقي للاقتصاد اللبناني ولخزانة الدولة بعيداً من المزايدات الشعبوية والتداعيات السلبية لذلك، ما يحتم على النواب تحقيق التوازن بين تأمين الواردات المالية لتمويلها وبين النفقات المترتبة على اقرارها لئلا يتعرض الاستقرار المالي الى انتكاسة تصعب السيطرة على ذيولها. ونقل النواب عن الذين التقوهم من البنك الدولي وصندوق النقد أن الاقتصاد اللبناني يصمد بمعجزة على رغم كل الصعوبات المالية التي يواجهها البلد، وبالتالي هناك ضرورة للإبقاء على هذه المعجزة بدلاً من التفريط بها أو تهديدها.