أنهت هيئة الحوار الوطني في لبنان أعمالها في جلسة وداعية برئاسة الرئيس ميشال سليمان قبل 20 يوماً من انتهاء ولايته الدستورية، بجملة مواقف أبرزها نفي رئيس البرلمان نبيه بري باسم كل المذاهب الإسلامية السعي الى أي مؤتمر تأسيسي لإعادة النظر بالصيغة وتأكيد التزام اتفاق الطائف والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، باسمه وباسم المذاهب الإسلامية كافة، التي أيده ممثلوها في الهيئة. (للمزيد) وإذ ودّعت الهيئة الرئيس سليمان بالإشادة بما اضطلع به من دور وجهود في إدارة أعمالها، وامتدح عدد من أعضائها مواقفه مؤكدين أن التاريخ سينصفه، فإن سليمان مع بعض أعضاء الهيئة، توقفوا أمام التصريحات التي نسبت الى المستشار العسكري للمرشد الأعلى في إيران الفريق يحيى رحيم صفوي عن أن «حدود بلاده الحقيقية تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر جنوبلبنان»، معترضين عليها، ورأى سليمان وفق البيان الصادر عن هيئة الحوار الوطني، أنها تصريحات تتنافى مع منطق السيادة اللبنانية، وأشار الى أنه سيستوضح الأمر من السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي قريباً. وتغيّب عن اجتماع الهيئة ممثل «حزب الله» النائب محمد رعد، وحلفاؤه النواب سليمان فرنجية، طلال أرسلان واسعد حردان، اعتراضاً على مواقف الرئيس اللبناني ضد تدخل الحزب في سورية وانتقاده معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»، وانضم إليهم أمس زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون. وعرض سليمان في بداية الاجتماع أبرز ما حققته هيئة الحوار الوطني منذ عام 2006، مشدداً على نهج الحوار والاعتدال. ووفق مصادر المجتمعين، طلب الرئيس بري الكلام بعد انتهاء سليمان من مداخلته، للتعليق على كلام قاله رئيس الجمهورية في خطاب له أول من أمس حذّر فيه من «استدراج البلاد الى مؤتمر تأسيسي يؤدي الى الإخلال بالميثاقية والمناصفة بدلاً من تطبيق اتفاق الطائف»، فقال بري: «أريد أن أتحدث باسم المسلمين والطوائف الإسلامية كافة، سنّة وشيعة ودروزاً وعلويين، بأنه ليس هناك من بحث أو سعي لمؤتمر تأسيسي، بخلاف ما يقال، بل اننا نتمسك بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين ونتمسك بحقوق الطوائف المسيحية، ونحن مع استكمال تطبيق اتفاق الطائف، لجهة قانون الانتخاب وانتخاب مجلس نيابي وطني لاطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ وتشكيل الهيئة الوطنية للتحضير لإلغاء الطائفية السياسية. وأوضح أحد المشاركين أن بري قال إن «البعض يعتقد أننا نعطي الأولوية للمجلس النيابي وهذا ليس صحيحاً ونحن مع التزامن (بين إلغاء التمثيل الطائفي في البرلمان وقيام مجلس شيوخ على أساس طائفي)، ولا أرى من ضرورة للفصل بينهما». ولفت بري الى أن مجلس الشيوخ ينتخب على أساس طائفي وانطلاقاً من مشروع اللقاء الأرثوذكسي لقانون الانتخاب، الذي يعطي الحق لكل طائفة في انتخاب ممثليها الى هذا المجلس، على أن ينتخب المجلس النيابي على أساس اعتماد النظام النسبي وتقسيم لبنان الى دوائر انتخابية كبرى شرط التمسك بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وأي كلام خارج ما أقوله الآن مرفوض». وكان الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله اقترح قيام هيئة تأسيسية للبحث في الصيغة، وكذلك العماد عون. وأثناء النقاش حول البيان الختامي لاجتماع الهيئة تدّخل بري لدى تلاوة الفقرة المتعلقة بالتصريحات المتكررة المنسوبة لصفوي كما وردت في مسودة البيان قبل أن يذاع رسمياً، وطلب حذف كلمة «المسؤولين الإيرانيين» واستبدالها بكلمة أخرى، بذريعة أن لا شيء رسمياً صدر عن طهران و «بالتالي لا نستطيع أن نقول إن هذا الكلام لمسؤولين إيرانيين»، فتدخل رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط واقترح أن يتم استبدال هذه الكلمة والاستعاضة عنها ب «المصادر الإيرانية». وأوضحت مصادر هيئة الحوار أن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس السنيورة تحدث بعد بري مؤيداً كلامه عن التزام الطائف واستكمال تطبيقه ورفض المؤتمر التأسيسي. وكذلك فعل قادة آخرون. وأشاد السنيورة في مداخلة مطولة بمواقف سليمان. وقال: «سيسجل التاريخ له أنه دافع عن استقلال لبنان وأنجز إعلان بعبدا لتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية»، مؤكداً أنه «لا يمكن أحداً أن يتجاوز دوره وموقعه». كما أثار السنيورة تصريحات صفوي عن حدود إيران في جنوبلبنان. وشدد البيان الختامي للاجتماع على أهمية استمرار عمل الهيئة وتوفير ظروف تنفيذ مقررات الحوار الوطني ومواصلة البحث بالاستراتيجية الدفاعية بالاستناد الى تصور رئيس الجمهورية «الذي اعتبرته الهيئة منطلقاً للنقاش». كما دعا البيان الختامي الى احترام الاستحقاقات الدستورية الرئاسية وتجنب الفراغ في الرئاسة الأولى وتوفير النصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية. وبعد انتهاء الاجتماع قال جنبلاط إن «التاريخ سينصف سليمان لإنجازاته وكم تحمل من غالبية الفرقاء اللبنانيين من مضايقات»، ورأى أن «إعلان بعبدا سيبقى نقطة بيضاء في تاريخ عهده»، مشيراً الى «رفضه أي مشروع تمديد (لعهده) وهذا يلتقي مع رئيس كبير من رؤساء لبنان، الراحل فؤاد شهاب». وأعلن رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل أن شعاره إنقاذ الجمهورية ولا لرهن الاستحقاق الرئاسي لسياسات المحاور والدول، ودعا الى تجاوز الاصطفافات». وعن ترشحه للرئاسة قال إن الحزب سيتخذ القرار في الوقت المناسب. وفي هذا السياق اجتمع الوزير بطرس حرب مساء أمس مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع المستمر في ترشحه لجلسة الغد المخصصة لانتخاب الرئيس. وقال إنه «من حق الرئيس الجميل وجعجع الترشح لكن لا يحق لأحد الترشح بمعزل عن الجو العام لقوى «14 آذار» وإلا سنكون محكومين بخسارة المعركة».