واصلت القوات العراقية ملاحقة عناصر «داعش» المختبئين في الموصل القديمة، وأكدت اعتقال عشرات معظمهم أجانب واستسلام آخرين، فيما أعلنت وزارة التخطيط أن التنظيم دمر كل المواقع التاريخية والأثرية. وأفاد مصدر عسكري بأن «مناطق على امتداد الضفة الغربية لدجلة، شرق الموصل القديمة، ما زالت تشهد اشتباكات، وهناك إصابات محدودة في صفوف الجيش، وقد تمكن عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب من اعتقال 5 إرهابيين في محلة القليعات المطلة على النهر، فيما أحبط هجوم في سوق الغنم، وآخر قرب حي الجوسق». وأضاف أن «إرهابيين سلموا أنفسهم، وكانوا مختبئين داخل سراديب وشبكة أنفاق حفرها داعش». وتداول مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر استسلام عشرات من عناصر التنظيم. وأوضح المصدر أن «عمليات تطهير المناطق مستمرة، بالتوازي مع إنقاذ المدنيين العالقين، بينهم عدد من الأطفال الإيزيديين الذين خطفهم الإرهابيون». وأكدت مصادر محلية «العثور على تسع جثث تعود إلى أطفال ونساء تحت الأنقاض في حي الدواسة، وذلك خلال عمليات بحث تنفذها فرق الدفاع المدني ومتطوعون». وأعلن قائد الشرطة في نينوى العميد الركن واثق الحمداني أمس «قتل مسؤول التفخيخ في داعش السعودي عامر صالح إبراهيم، أثناء عبوره دجلة من الجانب الأيمن إلى الأيسر في منطقة يارمجة». واعتبر الخبير الأمني هشام الهاشمي أن «داعش لن يستطيع احتلال شبر من الأراضي المحررة أو الصمود فيها طويلا»، لافتاً إلى أن «أسلوب التنظيم تحول إلى تكتيك حرب العصابات، مثل قطع الطرق والتعرض لقرى عند الأطراف، وينبغي الاستعداد لهذا التحول والتعامل مع مرحلة مختلفة تماماً». في غضون ذلك، أعلنت قوات «الحشد الشعبي» في بيان أن «كتيبة الصواريخ تمكنت من إبادة رتل لداعش في قرية الدهاج الشرقي على الحدود العراقية - السورية، بناء على معلومات دقيقة». وقال مصدر في «الحشد» الذي يطوق قضاء تلعفر (65 كيلومتراً غرب الموصل) أن «مَن يعرف بقناص الخلافة ويكنى أبو موسى المهاجر (بريطاني) قتل برصاص مجهولين، كما قتل الوالي العسكري في قرية إمام غربي بضربة جوية». وأعلن وزير التخطيط سلمان الجميلي أمس إطلاق «خطة لإعمار الموصل»، مشيراً إلى أن «داعش دمر كل المناطق التاريخية والأثرية في المدينة». وتناقلت وسائل إعلام محلية إحصاءات غير رسمية عن حجم الدمار وأفادت بأن «أكثر من 60 مسجداً وكنيسة، و300 مدرسة و12 معهداً وجامعة الموصل، و11 ألف منزل، ومحطات كهرباء، ومياه و212 معملاً وورشة، و29 فندقاً، و9 مستشفيات، و76 مركزاً صحياً، ومعمل أدوية، دمرت كلها»، لافتة إلى أن «نسبة الدمار تقدر بنحو 80 في المئة». على الصعيد الإنساني، أفادت نائب ممثل منظمة «يونيسف» في العراق حميدة رمضاني، في بيان بأن «جروح الأطفال الجسدية والنفسية العميقة ستستغرق وقتاً طويلاً لتلتئم». وذكرت أن «حوالى 650 ألف طفل عاشوا كابوس العنف في الموصل، وعانوا الأهوال على مدى السنوات الثلاث الماضية، ومعارك تحرير المدينة فاقمت معاناتهم، وشهدت «يونيسيف» في الأيام الثلاثة الماضية زيادة في عدد المعرضين للخطر، خصوصاً الذين فقدوا ذويهم أو أسرهم، كما عثر على بعض الأطفال الرضع بمفردهم وسط الحطام». وفي نيويورك، هنأ مجلس الأمن الحكومة والشعب العراقيين بتحرير الموصل، لكنه شدد في بيان صدر بإجماع أعضائه، على «ضرورة تكثيف الجهود من أجل المصالحة الوطنية، وتحقيق الاستقرار والعودة الطوعية الآمنة لملايين النازحين». وأصدر المجلس بياناً صحافياً أمس اقترحته الولاياتالمتحدة، اعتبر فيه «إعلان السلطات العراقية تحرير الموصل خطوة مهمة في الجهود الدولية لهزيمة داعش وطرده من العراق». وأعرب عن تعاطفه «الكامل مع ضحايا التنظيم»، موجهاً تعازيه إلى «كل الذين عانوا» تحت سلطته، وحض على «تأمين العدالة للضحايا الناجين من جرائمه، في العراق وبقية المنطقة».