تسببت غزارة المشاريع الكبرى التي يتم طرحها في المملكة، وشح العمالة الفنية الماهرة في ارتفاع أجورها بنسبة تتجاوز 50 في المئة، عقب أن كانت متوافرة بشكل كبير خلال السنوات الماضية وبأجور منخفضة. وقال اقتصاديون ورجال أعمال ل «الحياة» إن السوق السعودية تعاني من شح في العمالة الماهرة بسبب عودة بعضهم إلى بلدانهم عقب تحسن الأوضاع المعيشية فيها، إضافة إلى استقطابهم من الدول المجاورة بأجور مرتفعة مما كان له الأثر الكبير على أجور وشح العمالة الماهرة بشكل خاص في داخل المملكة. وأوضح خبير التخطيط الاستراتيجي والمشاريع والرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الدكتور سليمان بن علي العريني أن الارتفاع في الطلب على العمالة، نتيجة المشاريع الجديدة، قد تولد عنه ارتفاع في أجورها بأكثر من 50 في المئة، وهو ما يحدث في قطاع المقاولات، مشيراً إلى أن الشركات الحاصلة على عقود كبيرة من الدولة تتعاقد مع عمالة من الباطن أو مؤسسات مقاولات بأسعار أعلى من السنوات الماضية، كنتيجة حتمية لارتفاع أسعار المشاريع المتعاقد عليها، ما أثر على شركات المقاولات المتوسطة و الصغيرة المحلية، إذ أصبحت هذه الشركات مرغمة على دفع الضعف أو أكثر أحياناً للعمالة الأجنبية لعمليات ونشاطات مقاولات ما يؤثر على ربحيتها ويمكن أن تؤدي إلى خسارتها في بعض المشاريع أو كلها. وأشار العريني إلى أنه نتيجة للارتفاع المتزايد في أسعار البترول وضخ المزيد من المشاريع وبأسعار مرتفعة جداً، ونتيجة لاستمرار ارتفاع أسعار البترول لسنوات قادمة قد تصل إلى 3-5 سنوات، ونتيجة لغياب رؤية واستراتيجية شاملة تحكم عملية تحديد المشاريع الاستراتيجية وجدولتها الزمنية وعلاقتها بتطوير وتشغيل الموارد البشرية السعودية ، نتيجة كل هذه العوامل سوف نشهد ارتفاعاً مستمراً في أعداد العمالة الوافدة وأسعارها في جميع القطاعات، ومنها قطاع المقاولات، والذي يعمل فيه أكثر من 3 مليون عامل. وهذا القطاع هو الأكثر تأثراً بارتفاع الطلب على العاملة الوافدة نتيجة لغياب تخطيط وجدولة المشاريع على فترات زمنية مقبولة. في الطفرة الأولى في منتصف السبعينات، تم ضخ مبالغ كبيرة في عدد من المشاريع الكبيرة مما نتج عنه نمو في قطاع المقاولات، ونتيجة لانخفاض أسعار البترول انخفض عدد المشاريع بشكل كبير، ما أدى إلى خسائر مالية كبيرة لعدد كبير من شركات ومؤسسات المقاولات المحلية، خسائر أدت إلى إغلاق وخروج هذه المؤسسات من السوق. وفي الوقت الحالي، وقال إننا نشهد الآن الطفرة الثانية، ويبدو أننا لم نتعلم الدروس من الطفرة الأولى، فما زالت المشاريع تطرح بشكل سريع ومن دون تخطيط ومن دون توزيع وجدول زمني وبأسعار غير معقولة ومبالغ بها، أسلوب في الطرح لا يخدم الوطن أبداً، إذ إن هذه المشاريع تعتمد كلياً على العمالة الوافدة، اعتماداً يعني أن مبالغ عقود المشاريع تذهب للخارج، فالمرتبات والعقود من الباطن للعمالة الوافدة تذهب للخارج، أكثر من 400 بليون ريال على أقل تقدير في جميع القطاعات تذهب للخارج، والمبالغ الخاصة بشراء أغلب مواد البناء تذهب للخارج والأرباح تذهب للخارج، كل هذا يعني ضرراً كبيراً على الاقتصاد المحلي، ويجب اتخاذ جميع السبل والوسائل لتصحيح ذلك. من جهته، قال رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض فهد الحمادي إن الطلب على العمالة الماهرة ارتفع مع بداية العام الحالي بنحو 30 في المئة مقارنة بالسنوات الماضية، ما انعكس بشكل كبير على أجورها التي ارتفعت بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50 في المئة. وأشار الحمادي إلى أن العمالة العادية العاملة في القطاع الخدمي شهدت ارتفاعاً في أجورها بنحو 30 في المئة سواء كانت من دول عربية أو شرق آسيوية وهذا ما أثر بشكل كبير على كثير من المستفيدين منها، ويؤكد على ذلك أن راتب السائق من مصر وصل إلى أكثر من 2000 ريال ومن شرق آسيا إلى أكثر من 1500 ريال عقب أن كانت الرواتب لا تتجاوز 800 ريال.