أنهى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي امس، مشاوراته النيابية التي أجراها في المجلس النيابي على مدى يومين، وأعلن أنه سيزور رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم لإطلاعه على نتائج المشاورات، مؤكداً أن «أي موقف اختلاف يُحَلّ بالحوار طالما أن الايجابيات أكثر من السلبيات». ولفت ميقاتي إلى أن «تيار المستقبل قدَّم شروطه ولا أرى أنها تعجيزية»، وقال: «لا يمكن أن أحدد وقتاً لتشكيل الحكومة، أنا مع الإسراع لا التسرع، وسأسعى إلى إشراك الجميع، وأتمنى ألاّ تكون هناك أي مقاطعة مسبقة من أي فريق للمشاركة في الحكومة»، مضيفاً: «لم ألتزم خطياً بأي شيء، ولم ولن ألتزم الآن خطياً، أنا ملتزم أمام ربي وشعبي بأن أقوم بواجبي الوطني». شريط الاستشارات واستهل ميقاتي اليوم الثاني والأخير للمشاورات باستقبال كتلة «نواب الارمن»، وتمنى النائب اغوب بقرادونيان باسم الكتلة «تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن من دون تسرع، لملء الفراغ الذي اذا طال يؤدي الى مشاكل ويخلق هواجس لدى المواطنين». وأمل في «ان تنطلق الحكومة الجديدة لمعالجة الامور الحياتية، خصوصاً ان هناك مشاكل لا يستطيع المواطن تحملها، كالمياه والكهرباء والمحروقات وغلاء المعيشة، الى المشاكل الاقتصادية». ورأى ان تجربة ميقاتي «وتاريخه السياسي برهان ساطع ان يده دائماً ممدودة الى كل الأطراف السياسيين، ولكل الطروحات الموجودة السابقة او الحالية. وتمنينا عليه أوسع مشاركة وطنية بأوسع مشاركة من الاطراف ليكون لدينا حكومة انقاذ تستطيع ان تخدم البلد». ثم التقى ميقاتي النائب عماد الحوت الذي قال: «نقلت وجهة نظر «الجماعة الاسلامية» التي ترى ان الاولوية اليوم في عملية تشكيل الحكومة جمع الصف اللبناني وتوحيد الموقف من مخاطر كثيرة، اهمها وجود العدو الصهيوني على الحدود الجنوبية. واقترحت ان تكون اولويته ادارة حوار يأخذ الوقت المطلوب للاتفاق على مشروع مشترك لتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية بعيدة عن تقسيم الحصص، وإنْ تعذَّرَ الوصول الى هذا، تشكيل حكومة تكنوقراط لا لون سياسياً لها، تهتم بشؤون المواطنين، وترحِّل كل القضايا الخلافية الى طاولة الحوار الوطني». حرب والتقى ميقاتي النائب بطرس حرب الذي قال: «المحادثات دارت حول الموقف الذي ستتخذه قوى 14 آذار، والمرتبط بقدرة رئيس الحكومة المكلف على الاستجابة او على الجواب على التساؤلات التي طرحتها هذه القوى، ومنها المرتبط بالمحكمة الدولية، وجمع السلاح من الناس، ومقررات مؤتمر الحوار الوطني، وتطبيق القرارات الدولية، و1701 بصورة خاصة، واذا أودَعَنا الرئيس ميقاتي أجوبة تقنعنا فنحن منفتحون، لأن رغبتنا بالتعاون موجودة على رغم الموقف المبدئي المستمر الذي لم يتغير بأن الحكومات التي تجمع التناقضات، أنا ضدها» . وأضاف: «مازلت أؤمن بالنظام الديموقراطي، الذي الاكثرية فيه تحكم والأقلية تعارض، والاقلية التي لا تكون بالحكومة ليس معنى ذلك انها خارج الدولة، بل هي تبقى جزءاً أساسياً من الدولة. والمعارضة هي اساس الديموقراطية وأساس المساءلة والمحاسبة التي تمنع الفساد ان يستمر ويستشري، وتضع حداً لعملية الفلتان، وعملية الابتزاز التي كانت تحصل في مجلس الوزراء». لافتاً الى انه «وضع ميقاتي في هذه الأجواء، واذا كان لديه قدرة على ان ياخذ الموقف الذي يلتقي وتطلعاتنا المبدئية والوطنية، مع احترام التزامات لبنان، فنحن لا نمانع في ان يكون هناك تعاوناً معه، اما اذا لم يستطع ان ياخذ هذا الموقف الايجابي، فطبعاً نحن كقوى 14 آذار لا نستطيع ان نشارك في حكومة سيكون بيانها او تشكيلتها متناقضين مع ما نؤمن به ونعمل من اجله». سلام ثم استقبل النائب تمام سلام، الذي وصف المرحلة بأنها «دقيقة وحساسة جداً». وقال: «الرئيس ميقاتي شخصية معروفة بوسطيتها ومعروفة باعتدالها وبوطنيتها، ولكن هل سيتمكن من تحقيق هذه الوسطية وهذا الاعتدال والبعد الوطني في ما نحن مقبلون عليه من تشكيل الحكومة؟»، مضيفاً: «التحديات كبيرة والمخاض عسير، يجب الاعتراف بذلك في ظل التشنج والاحتدام السياسي الذي نحن فيه... علينا جميعاً ان نسعى الى تحييد الصراع السياسي على مستوى القوى السياسية، ومن هنا، فإن حكومة تكنوقراط وغير سياسية قد تكون هي الأكثر انسجاماً مع شخصية الرئيس المكلف، ومستلزمات المرحلة الراهنة». واعتبر سلام ان «إخراج هذه الحكومة لن يكون سهلاً، ولكن البلاد في حاجة الى مرحلة من الامن والاستقرار والهدوء، وكل القوى السياسية في حاجة الى مراجعة جذرية وجدية لمواقفها ومطالبها ولقناعاتها، وإثقال هذه المرحلة بذلك لن يفيد، ولن يعطي هذا البلد الفرصة ليبقى ويستمر لنا جميعاً بما نطمح اليه، هو ما نتمناه جميعاً من وحدة وطنية راسخة وقوية تحافظ على لبنان في خضمّ العواصف التي تحيط بنا من هنا وهناك» . واستقبل ميقاتي النائب روبير غانم، الذي لم يصرح. وكذلك النائب روبير فاضل، ثم النائب قاسم عبدالعزيز الذي قال: «على الرئيس المكلف ألا يتخذ اي قرار في شأن المحكمة يتنافى مع تطلعات وإرادة فريق كبير من اللبنانيين. وكما تعهد بحماية المقاومة يجب ان يكون هناك تعهد بعدم المس بمسلّمات المحكمة، وألاّ تتخذ الحكومة اي قرارات تظهر وكأنها كيدية او تصعيدية تجاه فريق 14 آذار». والتقى النائب دوري شمعون، الذي دعا ميقاتي الى «وجوب الانتباه الى امر مهم جداً، نحن في ظل «الجيرة» التي لدينا، هناك «شمسية» وحيدة فوق رأس لبنان «شمسية» الشرعية الدولية، فلا تخرجونا منها والباقي «هين». المحكمة ونزع السلاح ثم استقبل ميقاتي النواب: هنري حلو، فؤاد السعد، وأنطوان سعد معاً (اللقاء الديموقراطي)، في غياب النائب مروان حماده الموجود في فرنسا. وتحدث باسمهم فؤاد السعد الذي قال: «سيتوقف تأييدنا للحكومة العتيدة على كيفية تشكيلها والمنحى الذي ستتخذه الاستشارات، وعلى البيان الحكومي وما سيتضمنه من اقتراحات للمشكلات العالقة والأزمات المستعصية، والتي لا تزال تتفاقم يوماً بعد يوم، وعلى رأسها بالطبع موضوعان: الاول المحكمة الدولية والتزاماتنا تجاهها، إذ إن لا دولة من دون عدالة ولا عدالة من دون عقاب، وثانياً موضوع نزع السلاح اللاشرعي من كل الفئات والعودة الى دولة القانون». والتقى ميقاتي النائب محمد الحجار، الذي أكد للرئيس المكلف تأييده «للنقاط التي وردت في بيان كتلة «المستقبل» الذي تلاه الرئيس فؤاد السنيورة باسم الكتلة». وأشار الى انه تناول «المبادئ التي على اساسها نحدد موقفنا من الحكومة في المرحلة المقبلة، وهو وعد ان يدرس هذه الامور بشكل إيجابي». وتمنى النائب احمد كرامي على ميقاتي بعد لقائه، «تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، تضم كل الفئات، لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، والاهتمام بمدينة طرابلس والشمال، وإزالة الحرمان والبؤس الموجود في هذه المدينة. وكان متجاوباً». وقال النائب نقولا فتوش: «المرحلة سياسية بامتياز تتطلب معالجة شجاعة وصادقة ومسؤولة، من دون ان نهمل الهم المعيشي الضاغط، ولمست لدى دولته ان لا خلاص للبنان الا بالمؤسسات الدستورية وسيادة القانون الذي هو الملاذ والمنقذ للبنانيين». ميقاتي وبعد انتهاء الاستشارات قال ميقاتي: «انتهيت من الاستشارات مع الزملاء النواب، استمعت الى آراء وافكار استطيع القول انها تعطينا زخماً كبيراً من اجل السرعة بالتأليف... الآراء والقواسم المشتركة التي تجمع بين اللبنانيين اكثر بكثير من اي نقاط اختلاف، وهذا يؤكد رأيي في ان اي نقطة اختلاف ممكن ان تحل بالحوار طالما الايجابيات اكثر بكثير من السلبيات». وأضاف: «غداً (اليوم) صباحاً ان شاء الله، سأزور فخامة الرئيس وسأطلعه على نتيجة الاستشارات، على أمل ان نتوفق بالتعاون معه بتأليف حكومة تكون فريقاً منسجماً للعمل الحقيقي من أجل لبنان». وعن مطالب 14 آذار التي وصفت بالتعجيزية، قال: «بالامس قدم تيار المستقبل شروطه، لا اعتقد، ولا أرى كلمة تعجيزية، لان هذا الأمر كان معروفاً سابقاً، وأنا كما تم تقديم طلبات وطلبوا مني أن التزم فريقاً من اللبنانيين، يطلب الفريق الآخر التزاماً معاكساً تماماً، وبالتالي هنا شعرت تماماً أكثر وأكثر ان الدور هو لموضوع وسطي، ان نستطيع ان نأخذ هذا الموضوع الى الحوار ونهتم بالأمر المعيشي الأساسي للبنانيين». وعن كونه التزم خطياً في العام 2005 بإجراء الانتخابات، ووصفت الحكومة آنذاك بأنها نجحت في أداء مهمتها، فلماذا لا تلتزم خطياً؟ قال: «لم ألتزم خطياً لا في ال2005 ولا الآن، لأنني التزم فقط أمام ربي وأمام الشعب اللبناني، على انني ما أقوم به هو واجبي نحو وطني، في ال2005 التزمت نعم، أنا شخصياً التزمت بأمرين، التزمت بإجراء الانتخابات النيابية، وهذا في وقت كان أمراً دستورياً... التزمت نعم بعدم الترشح للانتخابات، كان هذا القرار شخصياً، انا أملك هذا القرار، ولكن اليوم، امام مفصل مهم جداً، وامام رأيين مختلفين تماماً، فلا يمكن ان ألتزم مع هذا الطرف او مع هذا الطرف، ألتزم بتقريب وجهات النظر ضمن حوار وضمن إجماع لبناني، وضمن غطاء عربي، لكي اصل بإذن الله إلى شاطئ الأمان». وعن شكل الحكومة، هل هي تكنوقراط ام سياسية، قال: «أعي تماماً ضرورة الإسراع ولكن ليس التسرع، شكل الحكومة كلها معروفة، الحكومة يجب ان تضم شرائح هذا المجتمع، شرائح الكتل السياسية والأحزاب السياسية، سأسعى قدر المستطاع وبكل جهد لإشراك الجميع، وأناشد هنا، وأتمنى ألا يكون هناك نوع من المقاطعة المسبقة للاشتراك بالحكومة، استمعنا بالامس الى الكتل النيابية، انا اقول ان الجو لم يكن سلبياً ابداً، بصرف النظر في اي موقع كنا، وكانت الأجواء تخللتها الأحاديث المثمرة من أجل لبنان، وبناء الدولة اللبنانية وتقويتها».