أعرب الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين عن ثقتهما بأن لقاءهما الأول أمس، سيمهّد لمسار «إيجابي» في علاقات البلدين ويوقف تدهورها بعد اتهام موسكو بالتدخل في الانتخابات الأميركية وشبهات بتواطؤ حملة ترامب مع الكرملين، إضافة إلى خلافات في شأن ملفات دولية ساخنة. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن بوتين قوله إنه بحث مع ترامب في ملفات سورية وأوكرانيا والحرب على الإرهاب والأمن الإلكتروني، وأشار إلى أنهما أجريا «حديثاً طويلاً جداً»، علماً أن اللقاء دام نحو ساعتين ونصف الساعة، بعدما كان مقرراً ألاّ يتجاوز 35 دقيقة. واستقطب اللقاء كل الأنظار تقريباً في اليوم الأول من قمة مجموعة العشرين التي تُختتم اليوم في هامبورغ، لا سيّما بعدما ساهمت مواقف ترامب في تباعد أميركي– أوروبي، إثر قراره الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ ونزوعه إلى الحمائية في التجارة الدولية . وأعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في ختام اليوم الأول أمس، أن جميع قادة المجموعة تقريباً اتفقوا على «الحاجة إلى تجارة حرة ونزيهة»، واستدركت أن خلافات في شأن التجارة ستجعل مسؤولي صياغة البيان الختامي للقمة يعملون طيلة الليل، متحدثة عن «مناقشات صعبة جداً»، ومشيرة إلى أن ترامب حضر الجزء الأول من نقاش القادة في شأن سياسة المناخ وشارك فيه. وكانت مركل دعت قادة المجموعة إلى بذل جهد لتحقيق «نتائج إيجابية»، معتبرة أن «الحلول» ممكنة إذا أبدى الجميع «استعداداً للتوصل إلى حلّ وسط». واتفقت دول المجموعة على خطة عمل تستهدف تعزيز مكافحة الإرهاب وتقوية آليات تجفيف منابع تمويله، من خلال مزيد من إجراءات التعاون الأمني ورصد حركات التحويلات المالية، ودرس احتمال إصدار كل من الدول المعنية تشريعات ملزمة بالنسبة إلى مزوّدي خدمات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، تفرض عليهم التعاون مع الجهات المختصة، من أجل محو بيانات الفكر المتطرف وأشرطة الدعاية له. لكن لقاء ترامب – بوتين حجب الملفات الأساسية التي تناقشها القمة. وسبق اللقاء مصافحة بين الرئيسين، في حضور رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر حول طاولة مربعة. وبثّت الحكومة الألمانية تسجيلاً للمصافحة في موقع «فايسبوك»، شوهد خلاله ترامب وبوتين يتبادلان نكات ويبتسمان. وأظهر تسجيل وجيز آخر ترامب يربت على ظهر بوتين وهما واقفان جنباً إلى جنب. وعلى رغم عدم اكتمال «التحضيرات البروتوكولية» للقاء الرسمي، كما أعلن الكرملين، عسكت لمسات حرصاً لدى الجانبين على منح اللقاء صفة «محادثات شاملة» لا مجرد «لقاء عابر على هامش فاعلية دولية»، إذ وضع المنظمون علمَي روسياوالولاياتالمتحدة وراء الرئيسين، وحضر اللقاء وزيرا الخارجية سيرغي لافروف وريكس تيلرسون، اللذان عقدا اجتماعاً تمهيدياً صباح أمس أكدا فيه رغبة مشتركة في مناقشة «رزمة الملفات الإقليمية والدولية وملفات العلاقات الثنائية»، وأعربا عن تطلع ل «مناقشات معمقة تسفر عن تعزيز التنسيق بين البلدين في سورية وأوكرانيا وملف كوريا الشمالية ومسائل أخرى». وتبادل الرئيسان عبارات ترحيب في مستهل اللقاء، إذ أعرب ترامب قبل أن يصبح الاجتماع مغلقاً، عن سروره للقاء «كان ينتظره بفارغ الصبر»، وخاطب بوتين قائلاً «يشرّفني أن أكون معك»، وزاد: «بوتين وأنا نناقش أشياء متعددة، وأعتقد أن الأمور تسير كما يرام. أجرينا محادثات جيدة جداً. سنُجري حواراً الآن وبالتأكيد ذلك سيستمر. نتطلّع إلى أن تحدث أشياء إيجابية جداً كثيرة لروسيا وللولايات المتحدة ولجميع المعنيين». وذكّر بأنه ناقش ملفات كثيرة مع بوتين خلال مكالماتهما الهاتفية، لكن الرئيس الروسي تعمد لفت انتباه نظيره الأميركي إلى أن «المكالمات الهاتفية بين زعيمَي البلدين لا تكفي لتسوية القضايا الأكثر حدة، ولا مفرّ من عقد لقاءات شخصية بينهما». وأعرب عن أمله بأن يسفر اللقاء عن «نتائج إيجابية»، وخاطب ترامب قائلاً: «أنا مسرور أن ألتقي بكم شخصياً». ولم يردّ الرئيس الأميركي على صحافيين سألوه هل سيناقش مع نظيره الروسي اتهام موسكو بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية، علماً أن ترامب تعرّض لضغوط شديدة في واشنطن من الحزبين الجمهوري والديموقراطي لمواجهة بوتين في هذا الصدد. وكان الكرملين استبق اللقاء بتشديده على الأهمية القصوى للمحادثات المباشرة بين الرئيسين، إذ أشار الناطق باسمه ديمتري بيسكوف إلى رغبة روسية في دفع الاتصالات الثنائية على كل المستويات، لتقريب وجهات النظر ومعالجة الملفات الأكثر إلحاحاً في العالم. وعلى رغم اللهجة الحذرة للكرملين، شددت وسائل إعلام رسمية روسية على أن اللقاء الأول للرئيسين يعزّز «أجواء تفاؤل» بدفع عملية التقارب وتخفيف حدة المواجهة بين البلدين. إلى ذلك، عقد وزراء خارجية دول مجموعة العشرين اجتماعاً حول طاولة العشاء، بدعوة من وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، ركّز على الأزمات الساخنة، وفي مقدّمها سورية وكوريا الشمالية. واتفقت الولاياتالمتحدة واليابان وكوريا الشمالية على السعي إلى إصدار قرار سريع من مجلس الأمن يشدد العقوبات على بيونغيانغ ويثبت لها أن «هناك عواقب خطرة لأفعالها المزعزعة للاستقرار والاستفزازية والتصعيدية» بعد إطلاقها صاروخاً عابراً للقارات. كما ركّزت الجلسة الصباحية للقمة أمس، على أزمة التنمية، وتحوّلات أفريقيا، وتداعيات أمنية بالنسبة إلى دول شمال أفريقيا وأوروبا تتمثل في تدفق مئات آلاف المهاجرين من مناطق النزاعات، وأزمات تغيّر المناخ. وتصدت أجهزة مكافحة الشعب خلال القمة لما يشبه «حرب عصابات» مع ملثمين مناهضين للعولمة ينتمون إلى أقصى اليسار الفوضوي، إذ حاولوا عرقلة القمة، وسط احتجاجات عنيفة أدت إلى جرح 160 شرطياً وتوقيف 45 متظاهراً واحتجاز 15.