أبلغت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل قادة دول مجموعة العشرين، التي بدأت في هامبورغ أمس قمة تستمر يومين، أن ملايين الأفراد يأملون بأن يساهموا في تسوية مشكلات العالم، وحضتهم على الاستعداد لتسويات. وركّز اليوم الأول على ملفات مكافحة الإرهاب والاقتصاد العالمي والاحتباس الحراري، وسط احتجاجات عنيفة لمناهضي العولمة سعت الى عرقلة الجلسات. وتضمّ مجموعة العشرين الارجنتين وأستراليا والبرازيل والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والهند وإندونيسيا وايطاليا واليابان وكندا وكوريا الجنوبية والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب افريقيا وتركيا والولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي. وتشارك في القمة ايضاً هولندا والنروج وإسبانيا وغينيا والسنغال وسنغافورة وفيتنام. وقبل القمة، التقى زعماء الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، وهي دول تشكّل مجموعة «بريكس»، ودعوا الى اقتصاد عالمي اكثر انفتاحاً. وأعلنت «بريكس» تأييدها «نظاماً تجارياً متعدد الأطراف، يستند الى قواعد وشفافية، ويكون مفتوحاً وشاملاً، لا تمييزياً». وشددت على ضرورة تعزيز «صوت وتمثيل» الاسواق الناشئة والبلدان النامية في الاقتصاد العالمي والمؤسسات المالية. وحضّت «بريكس» مجموعة العشرين على الدفع في اتجاه تنفيذ اتفاق باريس للمناخ، على رغم قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب الولاياتالمتحدة منه. وقال الرئيس الصينى شي جينبينغ: «اتفاق باريس يُعدّ إجماعاً مهماً لا يتحقق بسهولة، ويجب الامتناع عن التخلّي عنه بسهولة». واعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن رفضه قيوداً على التجارة العالمية، معتبراً فرض عقوبات مالية بذريعة سياسية يمسّ بالثقة المتبادلة ويؤذي الاقتصاد العالمي، وذلك في اشارة الى العقوبات الغربية على موسكو بسبب تدخلها في النزاع الاوكراني. وأعلن بوتين أن روسيا تعتزم متابعة التعاون مع الدول الأخرى، لتحقيق تناغم في أسواق الطاقة العالمية والحدّ من تقلبات الأسعار. وأضاف أن موسكو ترى في اتفاق باريس للمناخ أساساً لتعاون بعيد المدى. ورفض الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف دعوة ترامب الى الحدّ من هيمنة روسيا على إمدادات الغاز الطبيعي لشرق أوروبا، قائلاً: «ليس هناك احتكار للطاقة في اوروبا. كل ذلك ستقرّره السوق، لا السياسة». وكان الرئيس الأميركي قال في وارسو الخميس انه يريد التأكد من ان بولندا وجيرانها «لن يُحتجزوا مرة أخرى رهائن» لمورّد واحد للطاقة. وأشار بيسكوف الى ان بوتين وترامب تصافحا وتبادلا كلمات وجيزة، قبل لقائهما أمس على هامش القمة. وأضاف أن الرئيس الروسي اطلع في شكل كامل على وصف نظيره الأميركي الخميس، سلوك موسكو بأنه مزعزع للاستقرار، لافتاً الى أنه سيضع ذلك وتصريحات مسؤولين أميركيين آخرين في الحسبان. وسُجِل اللقاء السريع الأول لترامب وبوتين على شريط فيديو، بثّته الحكومة الألمانية على موقع «فايسبوك»، وشوهدا فيه يتصافحان ويتبادلان نكات. وفيما تجمّع مسؤولون حول طاولة، مدّ ترامب يده إلى بوتين، وابتسم الرجلان. ويُظهر تسجيل وجيز آخر ترامب يربت على ظهر بوتين، وهما واقفان جنباً إلى جنب. وكتب ترامب على موقع «تويتر» ان «الجميع» في هامبورغ يتحدث عن رد الحزب الديموقراطي الأميركي على اتهام موسكو بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية، مضيفاً: «الجميع يتحدث عن سبب رفض جون بوديستا إعطاء خادم اللجنة الوطنية الديموقراطية لمكتب التحقيقات الفيديرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية». وكان بوديستا الرئيس السابق لحملة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون. واتهمت أجهزة الاستخبارات الأميركية الحكومة الروسية بقرصنة الموقع الالكتروني للجنة والبريد الإلكتروني لبوديستا. مركل وتسعى مركل الى إيجاد قاعدة مشتركة لملفات ساخنة، مثل الاحتباس الحراري والتجارة متعددة الأطراف، بعدما رفع ترامب شعار «أميركا أولاً» وقراره الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ. وقالت لقادة مجموعة العشرين خلال غداء عمل: «هناك ملايين من الناس يتابعوننا، بمخاوفهم واحتياجاتهم، والذين يأملون بأن نتمكّن من المساهمة في تسوية المشكلات. أثق تماماً بأن الجميع سيبذل جهداً لتحقيق نتائج جيدة». وأضافت: «نعلم جميعاً التحديات العالمية الضخمة، ونعلم ان الوقت ضاغط. لذلك لا يمكن التوصل الى حلول الا اذا كنا مستعدين للتوصل الى تسوية». واشارت الى ان الدول المشاركة في القمة تمثّل ثلثي سكان العالم وأربعة أخماس إجمالي الناتج المحلي في العالم وثلاثة أرباع التجارة العالمية. وكانت مركل التقت ترامب لساعة مساء الخميس، سعياً الى تجاوز خلافات بين الجانبين، دفعت المستشارة الى القول إن الولاياتالمتحدة لم تعد شريكاً يمكن أوروبا الاعتماد عليه. وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ان قادة مجموعة العشرين سيحضون ترامب على اعادة النظر في قراره بالانسحاب من اتفاق باريس، وزادت: «لا نعيد التفاوض حول الاتفاق، لكنني اريد ان ارى الولاياتالمتحدة تبحث عن سبل للانضمام اليه مجدداً». اما رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فذكر أن قادة المجموعة سيبلغون ترامب «أهمية أن يؤدي دوراً قيادياً في التصدي لتغيّر المناخ وإتاحة فرص عمل جيدة» في هذا الصدد. ورحّب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بتأييد الرئيس الأميركي العلاقات عبر المحيط الأطلسي، لكنه أعرب عن قلقه في شأن رغبة ترامب في تفضيل تحسين علاقات واشنطن مع موسكو، على حساب الاتحاد الأوروبي. اما رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر فأعلن أن الاتحاد سيرد إذا فرضت الولاياتالمتحدة إجراءات حمائية ضد واردات الصلب الأوروبية. الى ذلك، أعلن ناطق باسم الخارجية اليابانية ان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيس الكوري الجنوبي مون جي إن وترامب اتفقوا على تعاون وثيق لتشجيع الصين على «أداء دور أكبر» في احتواء كوريا الشمالية، بعد اطلاقها قبل ايام صاروخاً عابراً للقارات. واعتبر أن بيونغيانغ «تشكّل الآن لليابان مستوى جديداً من التهديد، وهي مصدر استفزاز واضح لليابان وللمجتمع الدولي أيضاً». وسُئل ترامب هل تخلّت واشنطن عن فكرة العمل مع شي جينبينغ، فأجاب أن الولاياتالمتحدة «لا تستسلم أبداً». شغب وشهدت هامبورغ احتجاجات عنيفة لمناهضين للعولمة أحرقوا خلالها نحو 12 سيارة وحواجز طرق وحاويات قمامة وألواحاً خشبية، وحاولوا منع الوفود الرسمية من الوصول الى مكان عقد القمة وسط المدينة. واستعانت شرطة مكافحة الشغب بمئات من العناصر من مدن أخرى، بعد جرح 111 من أفرادها اثر صدامات استخدمت فيها خراطيم ماء، لتفريق حوالى ألف محتج اتشحوا بالسواد ورشقوها بزجاجات. ومزّق محتجون أطر إحدى سيارات الوفد الكندي، وحطموا نوافذ قنصلية منغوليا. واعتقلت الشرطة التي نشرت 20 ألف عنصر، 29 محتجاً، وأوقفت لفترة وجيزة 15 متظاهراً. ومنعت الاحتجاجات السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترامب من الانضمام الى زوجات القادة الآخرين المشاركين في القمة.