استبقت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها بلادها غداً، بتكرار أن أوروبا لم تعد تستطيع الاعتماد في شكل تام على الولاياتالمتحدة، منتقدة رؤيتها إلى عالم منقسم بين «رابحين وخاسرين»، ومشيرة إلى أن برلين وبكين يمكنهما العمل معاً لتهدئة مشكلات العالم. وتأتي القمة التي تستمر يومين في مدينة هامبورغ، وسط انزعاج أوروبي من سياسة «أميركا أولاً» التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب، وتُرجِمت قراراً بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، ونزوعاً إلى الحمائية في التجارة العالمية، ونأياً عن حلفاء بلاده في الحلف الأطلسي. إلى ذلك، أعرب ترامب عن إحباطه من الصين، لفشلها في كبح كوريا الشمالية، التي أعلنت أمس أنها اختبرت الثلثاء صاروخاً باليستياً عابراً للقارات قادراً على حمل رأس نووي ضخم. وكان ترامب تعهد أن هذه التجربة «لن تُنفّذ»، لكن وزارة الدفاع الأميركية أكدت أن الصاروخ عابر للقارات، ما يُعتقد بأنه يطاول أجزاء من الولاياتالمتحدة. وأشارت إلى أنه نوع جديد من الصواريخ «لم نشهده من قبل»، مستدركة أنها قادرة على الدفاع عن الولاياتالمتحدة. وأعلنت روسيا أنها والصين تعارضان أي محاولة لتسوية الأزمة بالقوة أو عبر خنق بيونغيانغ اقتصادياً، فيما أكد زعيم الدولة الستالينية كيم جونغ أون أن «لا تفاوض مع الولاياتالمتحدة للتخلّي عن أسلحتها إذا لم تكفّ عن سياستها العدائية تجاهها»، معتبراً أن «المواجهة المطوّلة مع الإمبرياليين الأميركيين بلغت مرحلتها النهائية». في غضون ذلك، أعرب ناطق باسم الكرملين عن أمله في أن يساهم اللقاء «التعارفي» بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ غداً، في «تأسيس حوار عمل سيكون بالغ الأهمية للعالم بأسره، في ما يتعلّق بزيادة فاعلية (جهود) تسوية كتلة حرجة من النزاعات». وأشار إلى أن الاجتماع سيستكشف مدى استعداد الجانبين لمحاربة الإرهاب العالمي سوياً في سورية، مستدركاً أن المدة الوجيزة للقاء تشير إلى أن بوتين ربما لن يكون لديه وقت كافٍ ليقدّم تحليلاً مكتملاً لأسباب الأزمة في أوكرانيا. وتوجّه الرئيس الأميركي إلى بولندا أمس، حيث سيطرح في خطاب يلقيه ولقاءات يجريها «رؤيةً ليس فقط لعلاقة أميركا مع أوروبا، بل لمستقبل تحالفنا عبر الأطلسي، وما يعنيه ذلك لأمن أميركا وازدهارها»، كما قال مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر. لكن مركل بدت متشائمة، إذ تحدثت عن «مناقشات صعبة» ستشهدها قمة مجموعة العشرين، مستدركة بوجوب الامتناع عن «إخفاء الخلافات تحت سجادة». وأشارت بعد لقائها الرئيس الصيني شي جينبينغ في برلين، إلى «فرصة جيدة لتوسيع علاقاتنا الاستراتيجية الشاملة»، معتبرة أن الصينوألمانيا «تستطيعان المساهمة في تهدئة اضطراب يشهده العالم». وقالت لصحيفة «دي تسايت» الأسبوعية: «بوصفي رئيسة لمجموعة العشرين، من واجبي العمل على فرص (التوصل إلى) اتفاق، لا المساهمة في موقف يسوده عدم التواصل. فيما نتطلّع إلى احتمالات التعاون ليستفيد الجميع، لا ترى الإدارة الأميركية في العولمة عملية مربحة للجميع، بل تسفر عن رابحين وخاسرين». وأكدت أنها ستكرّر تعليقها بأن أوروبا لم تعد تستطيع الاعتماد على الولاياتالمتحدة في شكل كامل، مبدية أسفاً لقرارها الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ. وتساءلت عن مدى إمكان «الاعتماد مستقبلاً على استثمار الولاياتالمتحدة، بمقدار ما فعلته حتى الآن في نشاط الأممالمتحدة، وسياسة الشرق الأوسط، وسياسة الأمن الأوروبية أو في بعثات السلام في أفريقيا». واستدركت: «ليس لدينا حق قانوني بمطالبة الأميركيين بالتزام في كل مكان في العالم. الولاياتالمتحدة لن تشارك على الأرجح في أفريقيا إلى الحد الذي سيكون ضرورياً، خصوصاً أن لديها بالكاد مصالح نفطية في أفريقيا والعالم العربي». وقال ناطق باسم مركل إنها ستلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش القمة، علماً أنه اعتبر أن ألمانيا «تنتحر» لرفضها السماح له بمخاطبة مواطنيه المقيمين على أراضيها. وقال ل «دي تسايت»: «عليها إصلاح هذا الخطأ». وأشار إلى أن أنقرة ستعتبر برلين حامية الإرهاب، ما دامت ترفض تسليم أنصار الداعية المعارض فتح الله غولن. واستدرك أن ألمانيا وتركيا تحتاج إحداهما إلى الأخرى، لافتاً إلى أن لا مشكلة شخصية لديه مع مركل.