تتلاحق الأزمات الانسانية وتتفاقم في قطاع غزة، بعضها نتيجة الممارسات الاسرائيلية واستمرار فرض الحصار على القطاع، وبعضها الآخر ناجم عن المناكفات السياسية بين حركتي «فتح» و»حماس». ويدفع مليون ونصف المليون فلسطيني، خصوصاً المرضى، ثمن هذه الأزمات، ما حوّل حياة الغزيين الى ما يشبه الجحيم، لدرجة بات معها المواطنون يقارنون مع الأوضاع في تونس التي أشعلت «ثورة الياسمين» بعدما أحرق محمد البوعزيزي نفسه. فبعد أزمة انقطاع التيار الكهربائي اللامتناهية بسبب المناكفات السياسية، جاءت أزمة الدواء، ما زاد الأمر تعقيداً بعد أزمتي غاز الطبخ والقمح التي تسببت بها اسرائيل بسبب عدم سماحها بادخال الكميات اللازمة للاستهلاك اليومي. وقال وزير الصحة في الحكومة المقالة التي تقودها حركة «حماس» في قطاع غزة الدكتور باسم نعيم إن «عدد أصناف الأدوية التي نفدت بلغ نحو 190، والمهمات الطبية 165 صنفاً». وطالب نعيم «بتشكيل جهة دولية لضمان إمداد القطاع الصحي في غزة بالأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة من دون إعاقة وعدم ربط هذا الملف بملفات سياسية» في اشارة الى الانقسام السياسي. ووصف الوضع في غزة بأنه «هش ومعرض في أي لحظة للتصعيد، ما قد يؤثر في حياة المواطنين». وأضاف ان «كل التمويل اللازم يتم رصده للحكومة في رام الله، لكن للأسف الشديد لم تتصرف هذه الحكومة على المستوى الأخلاقي أو السياسي بما يليق مع التضحيات العامة والبعد الإنساني». وردّت الحكومة في رام الله على تصريحات نعيم، وأعلن المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة الدكتور عمر النصر أن «الوزارة أجرت التنسيق اللازم مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإدخال كمية من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى القطاع». وقال النصر إن «هذه الشحنة تأتي بعد التأكد من حاجة القطاع إليها»، متهماً وزارة الصحة في غزة وحركة «حماس» ب»التعتيم وإخفاء الأدوية التي وصلت إلى القطاع كتبرعات باسم الشعب الفلسطيني في مستودعات خاصة بالحركة، ما يعيق تحديد الاحتياجات الحقيقية من هذه الأدوية». في غضون ذلك، تفاقمت أزمتا الدقيق والغاز المنزلي. ودفعت أزمة النقص الحاد في كمية القمح الواردة إلى القطاع عدداً من أصحاب المطاحن والمخابز إلى التوقف عن العمل إثر نفاد المخزون لديهم. واصطف المواطنون في طوابير طويلة أمام عدد من المخابز العاملة للحصول على عدد من الأرغفة. وجاءت الأزمة بعدما قصرت اسرائيل العمل في معبر المنطار التجاري «كارني» على يوم واحد فقط أسبوعياً لإدخال القمح، وعدم سماحها لإدخال الكميات اللازمة. اضافة الى أزمة الكهرباء المستفحلة يعاني القطاع حالياً أزمة في الغاز المنزلي، إذ لم يعد في امكان المواطنين الحصول على حاجاتهم منه بسبب النقص الحاد في الكميات التي تسمح لاسرائيل بادخالها عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد الذي أبقته سلطات الاحتلال مفتوحاً حتى الآن.