كشفت النتائج الجزئية للاستفتاء على تقرير المصير في جنوب السودان أمس أن الإقليم يتجه إلى الانفصال بغالبية تتجاوز 90 في المئة، فيما دعا رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت الجنوبيين إلى «مسامحة» الشماليين على الحروب التي خاضوها ضدهم. وفي الشمال هددت الحكومة بتقييد نشاط المعارضة و»شل حركتها» بعدما أقرت تحريك الشارع لإطاحة حكم الرئيس البشير. وكشفت النتائج الجزئية التي نشرت أمس في جوبا عاصمة الجنوب ان اكثر من 97 في المئة صوتوا لصالح الانفصال مقابل 2.2 في المئة لصالح الإبقاء على وحدة السودان. وبحسب تقارير مراقبين فإن 95 من أصل أول مئة صوت جرى فرزه في أحد مراكز الإقتراع في جوبا، كانت لمصلحة الانفصال وخمسة فقط للوحدة. وفي شمال البلاد صوت الجنوبيون للانفصال بنسبة تراوح بين 60 و70 في المئة. وقالت البعثة الدولية لمراقبة الاستفتاء برئاسة الرئيس التنزاني السابق بنجامين مكابا، أن انتشار أكثر من 22 ألف مراقب محلي ودولي جعل العملية تسير بشفافية. وأعربت عن رضاها التام للعملية التي أتاحت لشعب جنوب السودان التعبير عن إرادته الحرة. ودعا سلفاكير الجنوبيين إلى «مسامحة» الشماليين على الحروب التي خاضوها ضدهم. وقال في كلمة ألقاها، في أعقاب قداس أقيم في كاتدرائية القديسة تريزا للكاثوليك في جوبا: «من اجل أشقائنا وشقيقاتنا الذين فقدناهم، وخصوصا الذين رحلوا عنا خلال المعارك، ليباركهم الله وليعطهم الراحة الأبدية. اما نحن فعلينا مثلما فعل السيد المسيح على الصليب أن نغفر للذين تسببوا بقتلهم». وفي شمال البلاد حملت الأحزاب المعارضة حكم الرئيس عمر البشير مسؤولية انفصال الجنوب. وقال الناطق باسم تحالف المعارضة (قوى الإجماع الوطني) فاروق أبو عيسى في مؤتمر صحافي في الخرطوم «أن الأزمة الحالية لن تحل إلا بسقوط النظام وإنهاء الشمولية وانتهاء حكم الحزب الواحد»، لافتا الى ان اجتماعا سيعقد خلال الأيام المقبلة لرؤساء الأحزاب المعارضة لتحديد كيفية إطاحة نظام البشير. ودعت المعارضة الشعب في كل أنحاء السودان إلى مقاومة الزيادات الاخيرة في أسعار السلع والمطالبة بإلغائها ودعم السلع الأساسية من موارد الدولة المهدورة في الإنفاق الحكومي على أجهزة الأمن والدفاع والشرطة، وطالبت بحل البرلمان وإقالة وزير المال. اما زعيم حزب الامة المعارض الصادق المهدي فذكر أن المعارضة السودانية صارت طيفا عريضا منها معارضة مسلحة في دارفور، ومعارضة شبة مسلحة يمكن أن تنطلق من مناطق جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وتقدر بحوالي 44 ألفا من القوات العسكرية، وهي بقايا «الحركة الشعبية» في الشمال بعد الانفصال ويمكنها اطاحة البشير في حال رفضه تشكيل حكومة قومية في البلاد عقد انفصال الجنوب. لكن مساعد الرئيس ونائبه في الحزب الحاكم نافع علي نافع، هدد بتقييد حرية المعارضة و»شل حركتها» إذا لم تكف عن محاولات «بث الفتنة» التي قال إنها لا تملك الجرأة ولا العدد لإشعالها. واضاف: «إنها فئة لا تملك غير أن تصك الآذان بالعويل والصراخ حول الوضع المتأزم وضرورة ذهاب الحكومة وإجماع الأمر على ذهابها. ونقول لهم إنكم تبنون أحلامكم على وهم». واعتبر نافع، موجها كلامه الى المعارضين، «إن السلام أفضل وإن الحوار أفضل والعمل على سطح الأرض افضل من تحتها، وإن أردتم غير ذلك فلن تحصدوا إلا الهشيم والحسرة وستفقدون ما انتم متمتعون به الآن من حرية وحركة واحترام بين الناس».