دخل أمس، حوالى مئة مزارع عرسالي، وللمرة الأولى منذ 4 سنوات، إلى ما يعرف ب «الجرد الواطي». وهي منطقة تقع جنوب غربي بلدة عرسال الحدودية مع سورية، وهي تحت سيطرة مرمى نيران الجيش اللبناني وتتوزع فيها مواقع ل «حزب الله». المزارعون الذين سجلوا أسماءهم سابقاً لدى الجيش اللبناني، عبروا إلى المنطقة في رعاية الجيش في العاشرة صباحاً وسمح لهم بالبقاء فيها حتى السادسة مساء فقط، وهم تفقدوا بساتين الكرز والمشمش التي يملكونها. ووصف العائدون منهم بعيد الثالثة بعد الظهر، الأوضاع بأنها جيدة وإيجابية. وتأتي هذه الخطوة ترجمة لمساعٍ بذلت قبل نحو شهر لدى قائد الجيش العماد جوزف عون بالتواصل مع الأمين العام ل «تيار المستقبل» أحمد الحريري، هدفها تنفيس الاحتقان الحاصل بين الناس الذين لا يستطيعون الوصول إلى أرزاقهم في بلدة تعاني ضغوط النزوح السوري إليها، فضلاً عن معاناتها الأساسية من الفقر. وكان الاحتقان ترجم الأخذ الماضي حين لبى رئيس الحكومة سعد الحريري دعوة إلى إفطار أقامه «تيار المستقبل» في شتورا البقاعية، وحضر وفد من عرسال وهتف أمام الرئيس الحريري «بدنا أرضنا». وأكد منسق التيار في المنطقة عبدالمنعم الحجيري ل «الحياة» أن «خطوة أمس كانت مضبوطة وهي تشجع على اتخاذ خطوات أخرى والناس كانوا مرتاحين». وأشار إلى «أن هذه المنطقة لا يوجد فيها مسلحون ممن يصنفهم الجيش في خانة الإرهاب، وأولئك يوجدون في جرود شرق عرسال وليس غربها». وإذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التي تنطق باسم عرسال تناقلت الشكر للجيش وقيادته وضباطه وقادة الأجهزة الأمنية في منطقة عرسال على عودة الأهالي إلى مناطق في الجرد الواطي، فإن اللافت أن دعوة من «سرايا أهل الشام - القيادة العامة» السورية المتمركزة في جرود القلمون، تم تناقلها على هذه المواقع وفيها «إننا في قطاع جرود عرسال ندعو إخواننا في بلدة عرسال إلى أنه يمكنكم التوجه إلى جرودكم من طريق وادي حميد لقطاف محاصيلكم الزراعية من الكرز واستصلاح أراضيكم، وأن إخوانكم في سرايا أهل الشام على أتم الاستعداد لتقديم ما يلزم لحمايتكم والله من وراء القصد». وحملت الدعوة تاريخ 15 حزيران. ودار سجال من نوع آخر عبر هذه المواقع ويتعلق بعودة النازحين السوريين إلى القرى والبلدات السورية التي نزحوا منها. ويطرح أهالي عرسال مجموعة أسئلة يرون أن الإجابات عليها تحمل تناقضات. فكيف يحصل العمل على إعادة النازحين والحديث عن دفعات جديدة ستعود، في وقت تعلن منظمات دولية تعنى بشؤونهم عن توافر وظائف للعمل معها تمتد عقودها لسنة وسنتين، علماً أن العمل مطلوب في مخيمات النازحين في عرسال. وثمة اتهامات إلى نائب رئيس بلدية عرسال ريما كرمبي تتعلق بموافقتها على إدخال المزيد من النازحين السوريين إلى عرسال. «الحياة» تواصلت مع كرمبي التي كشفت عن اجتماع عقد في بلدية عرسال مع ممثلين عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قبل أيام. وسأل أحد هؤلاء أنه إذا حصلت معركة في جرود عرسال «هل من الممكن أن تستقبل عرسال المزيد من النازحين إليها؟». والمعلوم أن في جرود عرسال التي يسيطر عليها المسلحون حوالى 800 عائلة أي ما يقارب 4500 نسمة وهم في وادي حميد وهم عائلات المسلحين. وقالت كرمبي أنها أجابته بأن عرسال تستضيف حالياً قرابة مئة ألف نازح وليس صعباً أن تستقبل 800 عائلة شرط أن تكون من النساء والأطفال فقط، أما الرجال فنحن نعتبرهم مسلحين». ومن حالات القلق السائدة، أن من يعود إلى الداخل السوري لن تحق له العودة إلى لبنان كلاجئ. والنازحون الذين ينتظرون أصداء العودة الأولى إلى عسال الورد التي حصلت السبت الماضي، وصلتهم، كما قالت كرمبي ل «الحياة»، أخبار «أن العائدين مرتاحون وأن الوعود التي قطعها «أبو طه» العسالي وهو من منسقي العودة يتم الالتزام بها حتى الآن». وفي انتظار ما يحصل في كواليس الجرود من ترتيبات تعكس تسويات ما، شب حريق أمس، في مخيم «الملعب» الذي يعد من أكبر المخيمات في عرسال، ما أدى إلى أضرار مادية كبيرة.