خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني تصنيف «بنك قطر الوطني» من «A+» إلى «A»، ووضعته مع البنك التجاري، وبنك الدوحة، ومصرف قطر الإسلامي، على قائمة المراقبة للمزيد من الإجراءات السلبية. وجاء ذلك، بعد قرار الوكالة السابق خفض التصنيف من «AA» إلى «AA-» إثر قرار عدد من الدول العربية قطع علاقاتها مع الدوحة. لكن وزير المالية علي شريف العمادي أكد في مقابلة مع محطة «سي أن بي سي» أمس، أن بإمكان الدوحة الدفاع عن اقتصادها وعملتها في مواجهة العقوبات. إلى ذلك، نقلت قناة «الجزيرة» عن وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مستهل زيارته بريطانيا، أن بلاده «تركز على حل المشاكل الإنسانية جراء الحصار». وهي «على تواصل مع أمير الكويت التي تتوسط لحل الأزمة، كما أن الولاياتالمتحدة تجري اتصالات مع الكويت أيضاً». وأكد استعداد بلاده «للبحث في أي طلب (من الدول التي قاطعتها) شرط أن يكون واضحاً». وحض وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون دول الخليج العربية على «تخفيف الحصار عن قطر وإيجاد حل فوري للأزمة من خلال الوساطة». وقال: «إنني قلق أيضاً في شأن بعض الإجراءات القوية التي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين ضد شريك مهم». وأكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» أنه إذا لم يتم حل الخلافات مع قطر بسرعة نسبياً ستتعرض قطر لمزيد من خفض الجودة الائتمانية للبنوك. وأوضحت أن التطورات الأخيرة يمكن أن ينتج منها خروج تدفقات نقدية أجنبية من البنوك في الدوحة على مدار الأشهر القليلة المقبلة تبعاً لكيفية تطور الوضع. ولفتت إلى أن وضع السيولة الحالي يمكن أن يساعدها في استيعاب تراجع طفيف في التمويلات الخارجية، متوقعة دعم السلطات النظام المصرفي مستقبلاً في حال الحاجة إلى ذلك. وقال محافظ مصرف قطر المركزي الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية أمس، إن «القطاع المصرفي يعمل في شكل طبيعي ولا يوجد تعطيل للمعاملات المحلية أو الأجنبية». وأضاف: «بعد أن قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى العلاقات مع قطر الأسبوع الماضي قلصت بنوك أجنبية كثيرة أعمالها، ونحن التزمنا التزاماً تاماً حرية انتقال الأموال من البلد وإليه واحتياط النقد الأجنبي يكفي لتلبية كل التطلبات. إلى ذلك، توقعت مصادر عدة في قطاعي النفط والشحن البحري أمس ارتفاع تكاليف شحن الوقود والنفط الخام من قطر بعد أن حظرت الإمارات السفن التي توقفت في المرافئ القطرية من الرسو في موانئها. من جهة أخرى، علقت شركة «كوسكو» الصينية للملاحة البحرية خدمات الشحن إلى قطر، مشيرة إلى «غموض» الوضع، وقد انضمت بذلك إلى أكبر شركة في العالم للملاحة البحرية وهي «إيفرغرين» التايوانية، وشركة «أوكل هونغ كونغ». وأبلغت «كوسكو» زبائنها تعليق الخدمات من وإلى ميناء حمد القطري في بيان نشرته في 7 حزيران (يونيو) الجاري، على ما أفادت ناطقة باسمها أمس. وقالت في البيان: «في ضوء الغموض وتطور الموقف ومن أجل حماية مصالح عملائنا تعلق شركتنا ابتداء من الآن خدمات الشحن والتسليم لقطر». وكانت الدوحة تستورد حاجاتها الأساسية، براً وبحراً قبل تأزم علاقتها بجيرانها الخليجيين، وتنقل السفن حاوية السلع الاستهلاكية، ومن بينها المواد الغذائية، وسيؤدي تقليل خدمات الحاويات إلى الإضرار بقدرتها التجارية. على الصعيد ذاته، قال العمادي في مقابلة لمحطة «سي أن بي سي» أمس، إن بإمكان بلاده الدفاع بسهولة عن اقتصادها وعملتها في مواجهة العقوبات. وأضاف أن الدول التي فرضت عقوبات ستخسر أموالاً أيضاً بسبب الأضرار التي ستلحق بقطاع الأعمال في المنطقة. وزاد: «كثيرون يعتقدون بأننا الوحيدون الذين سنخسر. لكن إذا خسرنا دولاراً سيخسرون هم أيضاً دولاراً». وأكد أن «قطاع الطاقة واقتصاد أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم يعملان في الأساس على نحو طبيعي ولا يوجد تأثير بالغ في إمدادات الغذاء أو أي سلع أخرى». وتابع: «بإمكاننا استيراد سلع من تركيا والشرق الأقصى أو أوروبا». وتعرض الريال القطري لضغوط في السوقين الفورية والآجلة للصرف الأجنبي، لكن العمادي قال إن هذا «ليس أمراً مثيراً للقلق وكذلك الانخفاض البالغ عشرة في المئة في سوق الأسهم المحلية». وأوضح أن «ما لدينا من احتياط وصناديق استثمار يمثل أكثر من 250 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لذا لا أعتقد بأن هناك أي سبب يجعل الناس قلقين إزاء ما يحدث أو أي مضاربات على الريال القطري». ورداً على سؤال عما إذا كانت قطر قد تحتاج إلى جمع أموال عبر بيع حصص في شركات غربية كبيرة يملكها صندوق الثروة السيادي، قال إن هذا «ليس مطروحاً حالياً. نحن مرتاحون للغاية إزاء مراكزنا واستثماراتنا والسيولة في أنظمتنا». وسجلت أسعار السندات الدولية القطرية انخفاضاً حاداً، لكن في رد على سؤال آخر قال العمادي، إنه لا يرى «حاجة لتدخل الحكومة في السوق وشراء تلك السندات لدعم الأسعار». في لندن، قال وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن في مستهل زيارته بريطانيا، إن بلاده تركز على حل المشاكل الإنسانية جراء الحصار. و «ستواصل مع أمير الكويت للإطلاع على مساعي الوساطة، كما أن الولاياتالمتحدة تجري اتصالات مع الأمير». وأضاف أن «الحوار هو الحل للأزمة الخليجية، لكننا في حاجة إلى أسس لم تتوافر حتى الآن»، مؤكداً أن الدوحة «على استعداد للبحث في أي طلب شرط أن يكون واضحاً». وتابع أنه شرح للمسؤولين البريطانيين «الوضع غير القانوني للحصار»، مؤكداً أن «القرارات التي تخص الداخل القطري سيادية وليس لأحد التدخل فيها». وجاءت زيارة وزير الخارجية بريطانيا في سياق جولة أوروبية حيث سبقتها جولة في كل من برلين وبروكسيل وموسكو. وتندرج كل هذه التحركات في إطار الجهود الرامية إلى شرح وجهة نظر الدوحة في الأزمة الخليجية التي اندلعت عقب قرار عدد من الدول قطع علاقاتها الديبلوماسية معها وإغلاق المجالات البرية والجوية والبحرية بعد اتهامها بدعم الإرهاب.