يتجه البريطانيون بعد غد الخميس إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمانهم الجديد، في ظل احتدام المنافسة بين حزبي المحافظين والعمال وتحوّلها من ملف «الطلاق» من الاتحاد الأوروبي إلى الأمن والإرهاب، على خلفية هجوم لندن الإرهابي ليلة السبت، الثالث من نوعه في بريطانيا خلال ثلاثة أشهر. وحذّرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي الناخبين أمس من أن خسارة المحافظين ستة مقاعد فقط من مجموع مقاعدهم الحالية ستعني وصول زعيم العمال جيريمي كوربن إلى الحكم في ائتلاف «تقوده فعلياً» زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستيرجن. أما كوربن، فسعى من جهته إلى استخدام الهجمات الإرهابية سلاحاً ضد المحافظين، قائلاً إن ماي تتحمّل جزءاً من المسؤولية عنها كونها سرّحت خلال توليها وزارة الداخلية 19 ألفاً من عناصر الشرطة، مؤيداً دعوات تطالبها بالاستقالة. وعاودت الأحزاب البريطانية أمس حملاتها الانتخابية بعد تجميدها الأحد تضامناً مع ضحايا الهجوم على جسر «لندن بريدج» الذي أوقع سبعة قتلى و48 جريحاً، إضافة إلى المهاجمين الثلاثة الذين قتلتهم الشرطة. وحوّل الهجوم الجديد الأنظار من الاقتصاد وتداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى السبل الأنجع للتصدي لتنامي ظاهرة الإرهاب في بريطانيا. وقالت ماي الأحد إن حكومتها ستسن تشريعات صارمة للتصدي للتطرف «الإسلاموي»، مقرة بأن بريطانيا «تسامحت» طويلاً مع المتشددين لكن «الكيل طفح» الآن بعد ثالث هجوم إرهابي في ثلاثة أشهر (بعد هجوم جسر وستمنستر في لندن وقاعة أرينا في مانشستر). ويُعتقد أن اتخاذ موقف متشدد ضد الإرهاب يمكن أن يستقطب الناخبين المستائين من تنامي هذه الظاهرة، لكن خصوم رئيسة الوزراء سارعوا إلى تحميلها جزءاً من المسؤولية خلال توليها وزارة الداخلية بين العامين 2010 و2016 وهي الفترة التي تم فيها خفض عديد الشرطة. وردّت ماي أمس على هذه الانتقادات قائلة إنها على رغم تقليص حجم الشرطة إلا أنها حمت موازنة فرع مكافحة الإرهاب. وقالت بعد ترؤسها اجتماعاً أمنياً في لندن إنها الشخص الأفضل لمواجهة التهديد الإرهابي الذي تواجهه بريطانيا، مشيرة إلى أن منافسها العمالي «يتفاخر» بأنه عارض كل التشريعات التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب. واتهمت كوربن بأنه يُضعف الشرطة برفضه منح عناصرها حق «إطلاق النار بهدف القتل» إذا ما واجهوا تهديداً خطيراً. وشددت على أهمية هذا الأمر في ضوء ما حصل ليلة السبت، عندما قتلت الشرطة الإرهابيين الثلاثة خلال 8 دقائق فقط من إبلاغها بهجومهم. وتمسكت ماي لاحقاً خلال تجمع انتخابي لحزب المحافظين في أدنبرة، برفض إجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، وحضت الناخبين على التصويت لحزبها، قائلة إن خسارته ستة مقاعد فقط من حصته الحالية (330 من أصل 650) ستعني فقدان الغالبية البرلمانية وإيصال كوربن إلى رئاسة الوزراء في إطار حكومة ائتلافية مع القوميين الاسكتلنديين «تقودها فعلياً» زعيمة هؤلاء ستيرجن. ويحتل القوميون 54 مقعداً من أصل 58 مخصصة لاسكتلندا في برلمان المملكة المتحدة، وتقول ستيرجن إن تحقيقهم فوزاً كبيراً في انتخابات الخميس سيفرض على حكومة لندن قبول مطلبهم بإجراء استفتاء ثان على الاستقلال ولكن بعد اتضاح صورة الاتفاق النهائي على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكان كوربن اعتبر صباحاً أن على ماي أن تدفع الخميس «ثمن» تجاهلها «تحذيرات متكررة» بعدم تقليص عديد الشرطة، مؤيداً دعوات إلى استقالتها في أعقاب هجوم لندن الإرهابي. لكنه قال إن الطريقة الأمثل لتحقيق ذلك يتمثّل في أن يقترع الناخبون ضدها بعد غد. ولوحظ أنه صعّد موقفه من الإرهاب الذي يتهمه خصومه بأنه «يتساهل» معه، قائلاً: «لن نسمح لهم (للإرهابيين) بأن يحددوا كيف نعيش... سنواصل حياتنا وديموقراطيتنا ستنتصر».