تعهدت أوروبا والصين أمس مضاعفة جهودهما لإنقاذ كوكب الأرض من ظاهرة الاحتباس الحراري، في تحدٍ لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب بلاده من اتفاق باريس التاريخي للمناخ. وأثارت الخطوة انقساماً وتظاهرات في الولاياتالمتحدة، اذ رفض حكام 10 ولايات ورؤساء بلديات 69 مدينة أميركية تنفيذها. وكان لافتاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجنّب انتقاد ترامب، معتبراً أن هناك وقتاً لإيجاد تسوية في هذا الصدد. لكن الكرملين اعتبر أن تطبيق الاتفاق الذي أبرمته 195 دولة عام 2015، ليس ممكناً من دون الولاياتالمتحدة، فيما تخوّف خبراء ومسؤولون أميركيون سابقون من انعكاسات القرار على تراجع القيادة الأميركية، وصعود الصين على الساحة الدولية (للمزيد). وقدر مسؤول من منظمة الأرصاد العالمية التابعة للأمم المتحدة أن انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس قد يزيد درجات الحرارة العالمية 0.3 درجة بحلول نهاية القرن، في أسوأ سيناريو محتمل. وكانت الولاياتالمتحدة تعهدت خفض انبعاثاتها بين 26 و28 في المئة عن مستويات 2005، وذلك بحلول العام 2025، علماً أنها مسؤولة عن أكثر من 15 في المئة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، وتحتل المرتبة الثانية بعد الصين. لكن ترامب أعلن سحب بلاده من الاتفاق، قائلاً: «لا نريد أن يهزأ بنا الزعماء الآخرون والدول الأخرى بعد الآن. الدول التي تطلب منا البقاء في الاتفاق هي التي تكبّد أميركا تريليونات الدولارات». وأشار إلى استعداد واشنطن للعودة الى الاتفاق «بشروط عادلة». وانتقد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما خطوة خلفه، فيما تحدثت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي عن «تنازل مذهل من القيادة الأميركية وتهديد خطر لمستقبل كوكبنا». لكن جمهوريي الكونغرس دعموا ترامب، فيما تعهد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن تواصل بلاده جهودها لخفض انبعاثات غاز الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. وأعربت شخصيات صناعية أميركية عن استيائها من خطوة ترامب، فيما قالت المسؤولة الأميركية السابقة ويندي شيرمان ل «الحياة» إن انسحاب واشنطن «يفتح نافذة أمام الصين للقيادة عالمياً، وتحسين علاقتها مع الاتحاد الأوروبي»، معتبرة أن ترامب «يلعب الداما، فيما تتطلب السياسة الدولية والاستراتيجية مهارة في لعب الشطرنج». وأسفت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيليوني لقرار ترامب، وأكدوا في بيان مشترك نادر أن الاتفاق «لا يمكن التفاوض في شأنه مجدداً، كونه وثيقة حيوية لمصلحة كوكبنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا»، متعهدين «تصعيد جهود دعم الدول النامية» في هذا الصدد. وشددت مركل على أهمية الاتفاق ل «حماية الخليقة»، وزادت: «لنواصل السير في هذا الطريق، لكي ننجح من أجل الكوكب الأم. في ألمانيا وأوروبا والعالم، سنوحّد صفنا للتصدي بنجاح للتحديات الكبرى التي تواجه البشرية». وأعلنت فرنسا أنها ستعمل مع مدن وولايات في الولاياتالمتحدة، لمواصلة جهود مكافحة تغيّر المناخ. في بروكسيل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، والى جانبه رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ، أن الاتحاد الأوروبي وبكين مقتنعان بأن قرار ترامب «خطأ ضخم»، مؤكداً التزام الجانبين تطبيق اتفاق باريس «تضامناً مع الأجيال المقبلة وإحساساً بالمسؤولية في سبيل الأرض». وتجنب بوتين انتقاد ترامب، معتبراً أن هناك وقتاً لتسوية الأمر قبل بدء تطبيق الاتفاق عام 2021. لكن مساعداً في الكرملين يُدعى أندري بولوسوف رأى أن تطبيق الاتفاق ليس ممكناً من دون مشاركة الولاياتالمتحدة. على صعيد آخر، طلبت إدارة ترامب من المحكمة العليا إقرار حظر سفر موقت لمواطني 6 دول شرق أوسطية، بعدما عرقلت محاكم أقل درجة تنفيذ القرار، إذ اعتبرته تمييزياً.