قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم (الخميس) أن بلاده ستنسحب من «اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي» الذي وقع العام 2015، منفذاً بذلك وعداً رئيسياً قطعه خلال حملته الانتخابية، لكن القرار قوبل بإدانات من حلفاء لواشنطن. وأفاد ترامب، مستخدماً رسالة «أميركا أولاً» التي رددها عندما فاز بالرئاسة العام الماضي، بأن «اتفاق باريس» سيقوض الاقتصاد الأميركي وسيضعف السيادة الوطنية الأميركية وسيضع بلاده في موقف سيئ دائم مقارنة بدول العالم. وتابع: «لا نريد أن يهزأ بنا الزعماء الآخرون والدول الأخرى بعد اليوم. ولن يحدث هذا»، مضيفاً: «الدول نفسها التي تطلب منا البقاء في الاتفاق هي الدول التي تكلف أميركا تريليونات الدولارات من خلال ممارسات تجارية قاسية وفي كثير من الحالات مساهمات ضعيفة في تحالفنا العسكري المهم». وأشار ترامب إلى أن إدارته ستبدأ مفاوضات إما للعودة «إلى اتفاق باريس أو للدخول في اتفاق جديد بشروط عادلة للولايات المتحدة وشركاتها وعمالها وشعبها ودافعي الضرائب فيها». ووصف داعمون الاتفاق خطوة ترامب بأنها «ضربة للجهود الدولية للحد من الاحتباس الحراري للأرض». وأردف أن أميركا ستكف عن دفع أموال ل «صندوق المناخ الأخضر» لمساعدة الدول النامية على التعامل مع الفيضانات والجفاف والآثار الأخرى لتغير المناخ. وقال البيت الأبيض أنه «سيتمسك بقواعد الأممالمتحدة للانسحاب من الاتفاق». وتقضي القواعد بأن تنتظر أي دولة ثلاث سنوات من تاريخ اكتساب الاتفاق الصفة القانونية، وهو الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، قبل السعي رسمياً إلى الخروج. ومن ثم يكون على تلك الدولة الانتظار لعام آخر. وعبّر الرئيس السابق باراك أوباما عن أسفه قائلاً: «لكن حتى في غياب القيادة الأميركية... وحتى عندما تنضم هذه الإدارة إلى حفنة من الدول التي ترفض المستقبل... فإنني واثق في أن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستمضي إلى لأمام وتفعل أكثر من ذلك لتقود الطريق وتساعد في حماية الأجيال المقبلة على كوكبنا الواحد». من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك أن الاتفاق «لا يمكن التفاوض في شأنه مجدداً» وناشدوا حلفاءهم تسريع الجهود لمكافحة تغير المناخ. وتعهدوا بذل المزيد لمساعدة الدول النامية على التكيف. وأضاف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو: «على رغم أن قرار الولاياتالمتحدة محبط، إلا أننا سنظل متأثرين بالزخم المتزايد حول العالم لمكافحة تغير المناخ والتحول لاقتصادات ذات نمو نظيف». ونشرت «وكالة أنباء الصين الجديدة» (شينخوا) تعليقاً على قرار ترامب ووصفته بأنه «انتكاسة عالمية». وكتب الرئيس التنفيذي لمجموعة «غولدمان ساكس»، لويد بلانكفين على «تويتر»: «قرار اليوم نكسة للبيئة والموقف الرائد لأميركا في العالم». وقالت وزارة الخارجية اليابانية في بيان: «اليابان ترى أن قيادة الدول المتقدمة لها درجة عالية من الأهمية في قضايا المناخ وأن تنفيذ اتفاق باريس مهم». وذكر كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا أن بلاده «ستواصل دعوة الولاياتالمتحدة إلى المساهمة في جهود التصدي لتغير المناخ». ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخطوة بأنها «خيبة أمل كبرى»، فيما قالت الهيئة التابعة للأمم المتحدة التي تقود مفاوضات المناخ أنه «لا تمكن إعادة التفاوض في شأن الاتفاق بناء على طلب دولة منفردة». وقال الرئيسيان التنفيذيان لشركتي «تسلا» و «والت ديزني» إيلون ماسك وروبرت إيغر، أنهما سيتركان المجالس الاستشارية للبيت الأبيض بعد قرار ترامب. وأوضح ماسك في تغريدة على «تويتر»: «تغير المناخ حقيقة. الانسحاب من الاتفاق ليس جيداً لأميركا ولا للعالم». وعبر الرئيس التنفيذي لشركة «آبل» تيم كوك عن خيبة الأمل، وقال أنه تحدث مع ترامب الثلثاء الماضي لمحاولة إقناعه بالبقاء في الاتفاق. ودعم قادة جمهوريون بالكونغرس الأميركي ترامب، وأشاد زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل بترامب «لتوجيهه ضربة كبيرة جديدة لاعتداء إدارة أوباما على الإنتاج المحلي للطاقة والوظائف». ووصف زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر القرار بأنه «أحد أسوأ التحركات السياسية التي اتخذت في القرن ال21 بسبب الضرر الهائل لاقتصادنا وبيئتنا». وقال السيناتور الأميركي بيرني ساندرز: «في هذه اللحظة، التي يسبب فيها تغير المناخ ضرراً مدمراً حول العالم، ليس لنا الحق أخلاقياً في أن ندير ظهورنا لجهود ترمي للحفاظ على هذا الكوكب للأجيال المقبلة». وبقرار ترامب تخرج أميركا من اتفاق يضم دول العالم تقريباً، إذ تعتبر سورية ونيكاراغوا الدولتين الوحيدتين غير المشاركتين في الاتفاق. وكانت الولاياتالمتحدة واحدة من 195 دولة وافقت على الاتفاق في باريس في كانون الأول (ديسمبر) 2015. ووفقاً للاتفاق، تلتزم الدول الفقيرة والغنية تقليل انبعاثات الغازات المسببة الاحتباس الحراري الناتج من احتراق الوقود الأحفوري. وتعهدت الولاياتالمتحدة خفض انبعاثاتها ما بين 26 و28 في المئة عن مستويات 2005 بحلول العام 2025. والولاياتالمتحدة مسؤولة عن أكثر من 15 في المئة من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة الاحتباس الحراري حول العالم، وتصنيفها الثانية بعد الصين. وكان العام الماضي الأكثر حرارة منذ بدء التسجيل في القرن ال19، حيث واصلت معدلات درجات الحرارة على مستوى العالم ارتفاعاً يرجع تاريخه لعقود، فيما يعزوه علماء لغازات الاحتباس الحراري.