أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب بلاده من اتفاق باريس لمكافحة الاحتباس الحراري، انقساماً وتظاهرات في الولاياتالمتحدة، اذ رفض حكام 10 ولايات ورؤساء بلديات 69 مدينة أميركية تنفيذه. وتفي الخطوة التي قد يتطلب تطبيقها أربع سنوات، وعداً قطعه ترامب خلال حملته الانتخابية، مستنداً الى شعار «أميركا أولاً» الذي يجاري قاعدته الشعبوية، والى شركات صناعية اعترضت على قيود بيئية فرضها اتفاق باريس الذي أبرمته 195 دولة عام 2015. واعتبر ترامب أن الاتفاق سيقوّض الاقتصاد الأميركي ويكبّد الولاياتالمتحدة وظائف ويُضعف سيادتها، قائلاً: «سننسحب. انتُخبت لتمثيل مواطني (مدينة) بيتسبورغ، لا باريس. لا نريد أن يهزأ بنا الزعماء الآخرون والدول الأخرى بعد الآن. الدول التي تطلب منا البقاء في الاتفاق هي التي تكبّد أميركا إجمالاً تريليونات الدولارات، من خلال ممارسات تجارية قاسية، وفي حالات كثيرة إسهامات ضعيفة في تحالفنا العسكري المهم». وأشار الى أن إدارته ستبدأ مفاوضات، إما للعودة الى الاتفاق وإما لصوغ اتفاق جديد «بشروط عادلة للولايات المتحدة وشركاتها وعمالها وشعبها ودافعي الضرائب فيها». وكان الاتفاق أُبرم خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما الذي أصدر بياناً نادراً في شأن خلفه، ورد فيه: «ولو في غياب القيادة الأميركية، ولو عندما تنضم هذه الإدارة الى حفنة من دول ترفض المستقبل، أثق بأن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستمضي الى أمام وتفعل أكثر من ذلك لتقود الطريق وتساعد في حماية الأجيال المقبلة على كوكبنا الواحد». ودعم قادة جمهوريون في الكونغرس ترامب، اذ اعتبر زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن الرئيس الأميركي «أعطى الأولوية للعائلات والوظائف، قبل أيديولوجيا اليسار». لكن زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر وصف القرار بأنه «أحد أسوأ التحركات السياسية التي اتُخذت في القرن الحادي والعشرين، بسبب ضرر هائل لاقتصادنا وبيئتنا». ورأت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي في الخطوة «تنازلاً مذهلاً عن القيادة الاميركية وتهديداً خطراً لمستقبل كوكبنا». وتظاهر حشد ضخم امام البيت الأبيض، مندداً بقرار ترامب، كما سار محتجون في نيويورك. في الوقت ذاته، أعلن رؤساء بلديات 69 مدينة أميركية رفضهم القرار، متمسكين بالقوانين الفيديرالية للالتزام به. كما أعلن حكام ولايات ماساشوستس وكاليفورنيا وكولورادو ونيويورك ورود أيلاند وواشنطن وفيرجينيا وهاواي وكونيتيكيت وأوريغون اعتراضهم على القرار، والتزام الشركات والمؤسسات في هذه الولايات بالاتفاق. وتعهدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن «لا شيء يمكن أن يوقفنا» عن تطبيق اتفاق باريس، وزادت: «نحتاج إليه لحماية الخليقة». وتابعت أمام البرلمان الألماني: «إلى كل من يهمه مستقبل كوكبنا أقول: لنواصل السير في هذه الطريق لكي يكلّل النجاح مسيرتنا على كوكب الأرض. في ألمانيا وأوروبا والعالم، سنوحّد صفنا للتصدي بنجاح للتحديات الكبرى التي تواجه البشرية». ورفض بيتر ألتماير، رئيس مكتب المستشارة، دعوة ترامب الى إعادة التفاوض على الاتفاق. وكانت مركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني أكدوا في بيان مشترك نادر أن الاتفاق «لا يمكن التفاوض في شأنه مجدداً، كونه وثيقة حيوية لمصلحة كوكبنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا»، متعهدين «تصعيد جهود دعم الدول النامية» في هذا الصدد. وأكد ماكرون أن «لا خطة بديلة، اذ لا كوكبَ بديلاً»، داعياً الباحثين والعلماء الأميركيين المحبطين من قرار ترامب، إلى المجيء لفرنسا لمكافحة تغيّر المناخ. ووصف ناطق باسم العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخطوة ب «خيبة أمل كبرى».