يفضل السعوديون كسائر الشعوب العربية والإسلامية الاستمتاع بالأجواء الرمضانية، لذا فهم يحرصون على التردد على الخيام الرمضانية التي تنصب خلال هذا الشهر تحديداً في غالبية الفنادق والكافيهات المنتشرة في المدن السعودية على حدٍّ سواء، وهذا ما دفع الكثير من الفنادق للدخول في سباق تنافسي لتقديم أفضل ما لديها من خدمات داخل تلك «الخيام»، من حيث التنوع في أصناف الطعام المعروضة على البوفيهات، أو الديكورات الداخلية للخيام والتي تتجدد سنوياً بهدف استقطاب أكبر عدد من الزوار. والخيام الرمضانية تختلف أحجامها وأشكالها وتصاميمها الداخلية واختيار مواقع نصبها، خصوصاً داخل المساحات الداخلية للفنادق والتي تختلف من فندق لآخر، إذ تفضل بعض الفنادق أن تكون الخيام الرمضانية مطلة على مسبح الفندق، في حين يختار البعض نصب الخيام في الحدائق الخاصة بالفندق، ومع ارتفاع وتيرة التنافس بين الفنادق والمطاعم في خلق «جو» رمضاني متكامل داخل هذه الخيام، أضافت لها برامج ترفيه متنوعة تشمل جميع الفئات العمرية، بحيث تكون عامل الترفيه لجميع أفراد العائلة، من وجود ألعاب للأطفال ومسابقات، إضافة إلى تقديم الجوائز العينية في كل ليلة بهدف جذب أكبر عدد من الرواد. وفي الغالب تشهد الخيام الرمضانية إقبالاً كبيراً من روادها، على رغم الإقبال البسيط عليها في أول أسبوع من رمضان، إذ تتضاعف نسب الإقبال عليها، ولا سيما بعد منتصف الشهر المبارك، ويصبح الحجز المسبق أمراً ضرورياً لدخولها. وقال مدير العلاقات العامة في أحد فنادق الخمس نجوم بجدة محمد الرفاعي ل«الحياة»: «إن إدارة الفندق تعمل سنوياً على تغيير الديكورات الخاصة بالخيام الرمضانية، التي تنصب هذا العام في مكان مطل على المسبح الداخلي للفندق». وأضاف: «إن الهدف من تغيير الديكورات بشكل سنوي هو تقديم الجديد لرواد الفندق، خصوصاً رواد الخيام الرمضانية، إضافة إلى أن التغييرات تشمل تحسيناً في الأداء، بهدف الارتقاء بالخدمة المقدمة لرواد الخيام»، منوهاً إلى أن الأجواء الحارة خلال أيام شهر رمضان المبارك تجعل فكرة الخيام الأنسب بالنسبة لرواد الفندق، إذ تكون مكيفة ويستطيع روادها الاستمتاع بالأجواء الرمضانية بعيداً عن حرارة الطقس في الخارج». وأشار الرفاعي إلى أن الخيام الرمضانية لا يقتصر وجودها ونصبها في ليالي رمضان على تقديم وجبات الإفطار للصائمين والسحور، بل تشمل كذلك عدداً من البرامج الترفيهية والمسابقات، إضافة إلى تقديم الجوائز العينية في كل ليلة وسحوبات على جوائز كبرى في نهاية الشهر الكريم. وأوضح الرفاعي أن معدلات الإقبال على الخيام الرمضانية كبير جداً، وقال: «إن الأسبوع الأول من رمضان تكون فيه معدلات الإقبال ما بين 60 و70 في المئة، ولكن هذه النسبة ترتفع بشكل كبير في الأسبوع الثاني لتصل إلى 100 في المئة، ويتطلب القدوم للخيمة الرمضانية الحجز في باقي ليالي الشهر قبل يوم أو يومين، وذلك للإقبال الكبير عليها من سكان جدة وزائريها». ولفت الرفاعي أن البرامج الترفيهية تعد عامل جذب للخيمة الرمضانية، ولكن لا يتجاوز تأثيرها 30 في المئة، إذ إن زائري الخيام يتطلعون إلى الخدمات المقدمة، إضافة إلى جودة المأكولات وتنوعها والتي نحرص عليها كثيراً. في المقابل، يرى الموظف في أحد منتجعات جدة علي أحمد أن الخيام الرمضانية تعد من أحدث وسائل الجذب التي تستقطب الزبائن من مختلف الأعمار والجنسيات، خصوصاً أنها تعمل على تنظيم فعاليات مختلفة مصاحبة لتقديمها مع الوجبات الغذائية في رمضان والمحصورة في الإفطار والسحور، بهدف تغيير نمط الأسرة السعودية في ما يخص الإفطار الرمضاني، إذ تشمل تلك البرامج الترفيهية ما هو مخصص للأطفال وأخرى مخصصة للكبار، إضافة إلى تقديم الهدايا للفائزين، مشيراً إلى أن الأسر السعودية في السنوات الأخيرة تعد الأكثر في ارتياد الخيام، وقال: «إن الإقبال يتزايد مع مرور الأيام الأولى من رمضان، إذ تصل نسب الأسر السعودية التي تفطر في الخيام الرمضانية إلى 80 في المئة من إجمالي روادها»، معللاً سبب الإقبال عليها بعد الأيام الأولى من الشهر إلى عادات وتقاليد السعوديين الذين يفضلون الإفطار في الأيام الأولى من الشهر مع عوائلهم والأقارب. من موائد الفقراء إلى فنادق ال5 نجوم يعود تاريخ الخيام الرمضانية إلى زمن العصور الإسلامية، إذ بدأ انتشارها في العصر الأموي وتنقلت للعباسي واشتهرت في العصر الفاطمي وثم المملوكي، إذ حرص الحكام المسلمون في تلك الفترات على إطعام رعاياهم خلال شهر رمضان، وكانت تلك الخيام الرمضانية مقتصرة على تقديم وجبة الإفطار والسحور من دون مقابل مالي، ولا تزال تلك الخيام التي تنصب قرب المساجد والجمعيات الخيرية تقوم بالواجب ذاته حتى يومنا هذا. ومع مرور الوقت أصبحت الخيام الرمضانية جزءاً من العادات المتعارف عليها خلال الشهر الكريم، مما جعل الفنادق والمطاعم في كل عام ومع اقتراب دخول شهر رمضان المبارك تتسابق في إنشاء الخيام الرمضانية، والتي يراعى في تصميمها خصوصية الشهر الكريم، والتنافس في ما بينها، إذ تبدأ في استقبال روادها من المغرب لتناول وجبه الإفطار حتى الانتهاء من تقديم وجبة السحور. 250 خيمة رمضانية في الرياض أشار مالك منتجع سياحي مشغل لخيمة في شهر رمضان نايف التميمي إلى أن هناك نحو 250 خيمة رمضانية في منطقة الرياض تتنافس على الكعكة الرمضانية، تحوي مختلف فئات المجتمع، مما يعكس أهمية إقامة مثل تلك «الخيام» التي تجمع أفراد العائلة تحت مظلة واحدة، ليكون قضاء أيام رمضان في أجواء روحانية من خلال الفعاليات والبرامج الإيجابية. وقال: «تشكل الخيام الرمضانية الملاذ المفضل للعائلة السعودية والعربية، لما فيها من فعاليات وبرامج من شأنها أن تكون الفرصة الحقيقية للعيش في أجواء وفعاليات رمضانية مع العائلة. ويضيف التميمي: «ويأتي رمضان هذا العام متزامناً مع إجازة نهاية العام الدراسي، الذي تبحث فيه العائلة عن متنفس داخل مدينة الرياض يرتبط بالعادات والتقاليد، وأجواء تبحث عنها العائلة وبخاصة الأطفال». الأسعار من 50 إلى 500 ريال أشارت مديرة مشاريع ومسوقة في مجال الخيام الرمضانية أمل البخيتان إلى أن أسعار الخيام الرمضانية تتراوح ما بين 50 و500 ريال للفرد الواحد، وقالت: «إن التنوع في الأسعار يجعلها تستقطب جميع شرائح المجتمع».وأضافت: «إن العائلة السعودية تبحث عما هو جديد ومناسب من الناحية السعرية، إذ إن متوسط عدد أفراد العائلة خمسة أشخاص وهذا يكلف رب الأسرة». وتؤكد أمل أن تعدد أنواع وأشكال الخيام الرمضانية يشكل ظاهرة إيجابية لتوفير الخيار المناسب للعائلة بحسب إمكاناتها المادية وما يبحثون عنه لقضاء أفضل الأوقات، مشيرة إلى أن منطقة الرياض يوجد بها نحو 7 ملايين مواطن ومقيم، لذلك تشكل فرصة استثمارية إيجابية للعاملين بالشكل المهني والمبتكر.