«يا خبير خبّرنا عن ذا اللي صار». مقطوعة اضطررنا لسماعها طوال الرحلة من القاهرة إلى جدة قبل أيام عدة من اثنين من المسافرين، اللذين يعتقدان أن الطائرة (ملكهما) وملكهما فقط. لا يهتمان ولم يهتما بنظرات الركاب الذين استاءوا من أسلوبهما الفج، ولم يستمعا لتوجيهات المضيفة ولا رئيس المضيفين، استمرا في الغناء حتى وصلنا إلى جدة، ونحن نعاني من الصداع الشديد مع شيء من القرف والاشمئزاز، أما عن أرجلهما التي كانت على المقاعد الأمامية، فسأتركها لمقال مقبل بحول الله. بعض المسافرين سلوكياتهم تعلن عنهم بشدة، لذلك أقترح أن نبدأ بتعميم دورات عن السلوكيات وعن آداب ركوب الطائرة وآداب مراعاة الذوق العام من الصغر في المدارس والروضات، وأن نبدأ فعلاً في توزيع كتيبات صغيرة عن «الإتيكيت» مع كل تذكرة، خصوصاً للأشخاص المسافرين خارج الوطن للمرة الأولى. شيء آخر لم أرَ في حياتي مشكلات في أي خطوط كالتي تحدث على خطوطنا، وهي عن تجمع الركاب ورفضهم الجلوس في أماكنهم المحددة، بحجة أن الراكب المجاور ليس من الفصيلة نفسها. هذا التعطيل غير مقبول مطلقاً في أي خطوط في العالم، والذي يريد أن يحدد مكان جلوسه، عليه الحضور مبكراً واختيار المقعد، على رغم أن الموظف غير ملزم بإخبار هؤلاء الركاب عن فصيلة الراكب المجاور. الحل في رأيي، وهو حل منطقي عوضاً عن التعطيل الذي ليس له ما يبرره، أن تكون هناك مقاعد مفردة على جانب الطائرة، أو مقاعد تحتوي على حواجز، حتى لا يتم سماع نقاشات غريبة ومطولة، وتتسبب في تعطيل الركاب، وعلى الركاب من هذه الشاكلة أن يطلبوا مقاعد بحاجز! فكرت الأسبوع الماضي في استئجار شاليه نقضي فيه نهاية الأسبوع. طبعاً الأسعار مبالغ فيها بشكل كبير، وإذا تجاوزنا هذه الجزئية، نعود لكم الشروط الغريبة، منها أن يكون الشاليه باسم المحرم مع بطاقة العائلة، وأن يوجد هو بنفسه عند الدخول والخروج، ولا يسمح بوجود النساء مع أطفالهن عند مسابح الأطفال، يعني الأم تترك الطفل يغرق، أو تؤجر له «بودي جارد» في حال غياب المحرم، أو تحبسه في الشاليه، حتى لا يرى المسبح، وعينه تطلع على السباحة، أو تتنكر في زي رجالي، حتى يسبح طفلها... سؤالي هو كيف سمح للمرأة التي تملك بطاقة شخصية بأن تستأجر غرفة في فندق، ولا يسمح لها باستئجار شاليه باسمها؟ بعد اللف والدوران، وكم الشروط المعقدة التي تشعرنا بالاختناق، كان الحل الأرخص والأجمل والأرقى أن نحجز تذاكر الى القاهرة لقضاء يومين بلا شروط، والتي اختتمت بموسيقى تصويرية تعلن عن وصولنا الى أرض الوطن، قام بأدائها اثنان من المواطنين عايشناهما لمدة ساعة وخمس وثلاثين دقيقة وهما يرددان «يا خبير خبرنا». [email protected]