دعت قوى سياسية وشبابية معارضة في تونس إلى تصعيد الاحتجاجات الشعبية ضد مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع مقربين من النظام السابق، فيما لمّح زعيم حركة «النهضة» الإسلامية راشد الغنوشي إلى العمل على إدخال تعديلات على مشروع القانون ليتلاءم مع الدستور. وجددت حملة «مانيش مسامح» الشعبية المناهضة لقانون المصالحة دعوة «كل القوى السياسية والمدنية والاجتماعية إلى مزيد من التعبئة والتنسيق وتكثيف المجهودات في وجه لوبيات (مجموعات ضغط) الفساد الساعية إلى فرض مشروع قانون المصالحة رغماً عن الإرادة الشعبية»، وفق بيان نشرته الحملة أمس. وأعلنت الحملة الشبابية أنه من الضروري «التصعيد عبر خوض أشكال نضالية مختلفة من أجل منع تمرير هذا القانون»، معبرةً عن رفضها المبدئي والمطلق «لقانون تبييض الفاسدين والتطبيع مع الفساد ومواصلة حالة الاستنفار الشعبي والتصعيد». وشهدت تونس السبت الماضي مسيرات حاشدة، كانت أبرزها مسيرة جابت الشارع الرئيسي في العاصمة التونسية (شارع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) شارك فيها آلاف المحتجين ضد قانون المصالحة الاقتصادية والمالية، وشاركت في المسيرة قوى سياسية معارضة وجمعيات مدنية وشبان ناشطون. وينص مشروع القانون على «العفو عن الموظفين العامين، بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية، مع استثناء الرشوة والاستيلاء على الأموال العامة، من الانتفاع بهذه الأحكام». وأشار زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي مساء أول من أمس، إلى إمكان رفض مشروع قانون المصالحة بصيغته الحالية، داعياً مجلس النواب إلى تعديله كي يتلاءم مع الدستور ومسار العدالة الانتقالية. واعتبر الغنوشي، الذي يملك حزبه أكبر كتلة في البرلمان، أن بعض «الأطراف السياسية تسعى إلى القيام بحملات انتخابية مبكرة استعداداً للاستحقاق البلدي من طريق استغلال المسيرات المنددة بمشروع قانون المصالحة»، مستنكراً محاولات البعض إقناع الشعب بأن الحكومة تدافع عن الفساد. وكان السبسي أوضح في خطاب وجهه إلى الشعب الأسبوع الماضي، أن هذا القانون سيُخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية ويدفع الاستثمار الداخلي والخارجي، مستنكراً الدعوات إلى إعلان العصيان المدني والتظاهر لإسقاط قانون مصالحة، في حال مصادقة المجلس النيابي عليه. ويُنتظر عرض مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية على الجلسة العامة للبرلمان التونسي في الأيام القليلة المقبلة، بعد مناقشته في اللجان البرلمانية، ويحظى هذا المشروع بدعم أحزاب التحالف الحكومي (نداء تونس والنهضة وآفاق تونس)، بينما يواجه معارضة شرسة من الجبهة الشعبية اليسارية والتيار الديموقراطي والحزب الجمهوري.