التقى رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد رئيس حركة «النهضة» الإسلامية راشد الغنوشي في مقر الحركة في بادرة هي الأولى من نوعها، فيما أعلنت جبهة سياسية برلمانية معارضتها قانون المصالحة الاقتصادية الذي اقترحه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي. وقال الغنوشي عقب لقائه الصيد إن النقاش دار حول القضايا الراهنة في البلاد على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى العلاقة بين الحكومة والأحزاب و «اتحاد الشغل». ويأتي هذا اللقاء في إطار التشاور مع أحزاب الائتلاف الحاكم وتناول قضايا الساعة وأبرزها ملف الإرهاب. ورأى الغنوشي أنها «قضية أساسية، تشاورنا حول كيفية مساندة وتوسيع وتعميق الحرب على الإرهاب في تونس على مختلف المستويات». وعبّر الغنوشي عن دعم «النهضة» لسياسة الحكومة الرامية إلى «رفع مستوى الأداء التربوي ودعوة وزير التربية إلى إصلاح المدارس ومساهمة مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب في ذلك، وعزم الحركة التفاعل الإيجابي مع هذا المسعى». ورغم أن الصيد لم يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اللقاء، إلا أن مصادر «النهضة» أكدت أنه تمحور أساساً حول التعيينات في وظائف الدولة العليا. وأوضح الغنوشي في تصريح للإعلاميين أن حزبه «سيقدم قائمة بأسماء مقترحة لتعيينات الولاة والمعتمدين»، مشيراً إلى حرص حركته التي تشارك في الحكومة على أن تستند تلك التعيينات على معايير الكفاءة والنزاهة بغض النظر عن المرجعيات الحزبية. ويواجه الصيد ضغطاً من الائتلاف الحكومي (حزب نداء تونس العلماني وحركة النهضة الإسلامية وحزبي الوطني الحر وآفاق تونس الليبراليَين) بسبب التعيينات، إذ تسعى الأحزاب الحاكمة إلى تعيين أنصارها وقياداتها في الوظائف العليا في مقابل رفض رئيس الوزراء لذلك. في سياق آخر، قررت المعارضة التونسية تشكيل لجنة برلمانية لإسقاط مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، فيما تعهدت أحزاب الائتلاف الحاكم بتعديل المشروع، فيما نفى نواب كتلة «النهضة» تعرضهم لضغوط من قبل الغنوشي للتصويت لمصلحة المشروع. وقال النائب عن «الجبهة الشعبية» منجي الرحوي خلال مؤتمر صحافي إن الأحزاب المعارضة في البرلمان قررت تشكيل لجنة للتصدي لمشروع قانون المصالحة الوطنية في المجال الاقتصادي والمالي الذي اقترحه السبسي. واعتبر الرحوي أن «مشروع قانون المصالحة الاقتصادية انتكاسة كاملة وانقلاب كامل، وحتى أكثر من ذلك، وهو بالحقيقة التفاف على الثورة التونسية ويأتي في إطار محاولات الإنهاء والقضاء التام على مسار الثورة في تونس». وتتألّف اللجنة من الجبهة الشعبية (يسار) وحركة الشعب (قوميين) والتيار الديموقراطي والحزب الجمهوري (يسار ديموقراطي) ونواب آخرين. ويقضي هذا القانون المثير للجدل بوقف الملاحقات العدلية ضد كل رجل أعمال يعيد إلى الدولة ما نهبه منها. ويُعد القانون وفق مراقبين نوعاً من المصالحة بين القوى السياسية، لكن المعارضة تعتبره انقلاباً على الثورة وسعياً إلى إعادة رجال النظام السابق. وتدافع أحزاب الائتلاف الحاكم عن مشروع قانون المصالحة على اعتبار أنه سيساعد على انتعاش الاقتصاد وتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار.