توفي الكاتب رضا لاري، أمس الجمعة، عن 77 عاماً، بعد معاناة مع المرض، استمرت نحو عام. وصُلي على جثمانه بعد صلاة العصر في جامع الجفالي، ودفن بمقبرة «أمنا حواء» في جدة. رضا لاري ونعى الوسط الإعلامي والأدبي، رئيس تحرير صحيفتي «عكاظ» و«سعودي جازيت» سابقاً. وعبر عدد من المسؤولين عن الإعلام والأدباء والصحفيين في المملكة، عن حزنهم لرحيله، عبر تغريدات في «تويتر». وقال وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة: «لقد فقدت السعودية عموماً والوسط الصحافي خصوصاً رضا لاري، الرجل الكريم والنبيل والجميل، كل التعازي لأسرة رضا لاري ولأصدقائه ولأحبابه، وللصحافة السعودية التي فقدت رجلاً خدمها بإخلاص كاتباً وصحافياً وإدارياً، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون». وشدد مدير تحرير صحيفة «الاقتصادية الإلكترونية»، خالد السهيل، على أن «لاري أيقونة صحفية سعودية مهمة غابت». وأوضح الناقد الدكتور، عبدالله الغذامي، أن الراحل «كان قمة صحافية على مدى عقود وكاتباً عملاقاً وقوياً ومؤثراً». أما نائب رئيس تحرير صحيفة «الوطن» سابقاً، عبدالله القبيع، فقال إن لاري «كان صحفيا نظيفا، قلبه على أطراف لسانه، كان معلمي الأول في عكاظ، أسس أصول التحليل السياسي بحرفية وثقة». وكتب الروائي أحمد أبو دهمان: «فقدنا مدرسة في الصحافة، في النبل، في السخرية وفي الإنسانية»، موضحاً أن الفقيد كان يردد «إن الساعة آتية لا ريب فيها». وأضاف: «رأيته مرة في باريس، كان أباً وأخاً وصديقاً، وكان كل رؤساء التحرير يستظلون بحضوره». ودعا مدير الإعلام الخارجي في منطقة مكةالمكرمة، الدكتور سعود، للاري بالرحمة والمغفرة، قائلا: «أسأل الله في هذا اليوم الفضيل أن يرحم رضا لاري، وأن يغفر له ويسكنه واسع جنته، وأن يصبر أهله وأحبابه على فراقه». وكان لاري يرقد في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة، بعد انزلاقه أثناء مصاحبته عدداً من أصدقائه، منذ أواخر شهر سبتمبر عام 2012م. وتفاوتت حالته الصحية بين مرحلة الخطر والتحسن، منذ دخوله المستشفى، الذي أعلن في نوفمبر الماضي حاجة لاري للمتبرعين بالدم من أي فصيلة بمعدل 15 شخصاً يومياً، وأطلقت «الشرق» بادرة «الدم لغة الوفاء»، التي دعمها أكثر من عشرين إعلامياً وفناناً، قبل أن يتكفل الأمير تركي بن عبدالعزيز بعلاجه وتأمين ما يحتاج من دم يومياً. ويستقبل أهالي الفقيد التعازي في منزل أخيه المهندس عبدالبديع لاري، أمام المستشفى السعودي الألماني.
فاكهة الصحافة ل «الغلابى»! جدة – عبدالعزيز الخزام لا يضاهي النجاح الذي حصده الراحل رضا لاري (1357 – 1434ه) في المجال الصحافي، سوى نجاحه في الانحياز إلى الناس البسطاء ونقل معاناتهم، بصفة شخصية، إلى المسؤولين. هذا الصحافي و «الإنسان» الكبير، الذي بدأ حياته العملية بعيدا عن الصحافة، حين عمل موظفا في وزارة التجارة في بداية الخمسينات الميلادية، قبل أن يصبح مدرسة صحافية عملاقة، وقع في حب الناس «الغلابى»، كما كان يسميهم، ويتحدث المقربون منه أنه لم يكن يكل ولا يمل من حمل «ملفاتهم» إلى منتصف طريق المدينةالمنورة في جدة، حيث يقع مكتب أمير منطقة مكةالمكرمة. كان «يريد أن يقول» -وهذا عنوان زاويته الصحافية الشهيرة-: مهما كان المثقف مهموما بالأحداث العالمية الكبرى، إلا أن دوره الأساسي يجب أن يتم أولا في بيئته المحلية قبل أي مكان آخر. وطوال مسيرته الصحافية الطويلة التي بدأت برئاسة تحرير صحيفة «عكاظ» عام 1975م، إلى أن ترك رئاسة تحرير صحيفة «سعودي جازيت» عام 1998م. حتى خلال ترؤسه لوكالة الأنباء السعودية، عرف الراحل بقدرته على النجاح والتميز، على الرغم من محدودية الإمكانات المتاحة وقتها، بل إن الذين عملوا معه يتحدثون عن شخصية فريدة تقبل الجدل والاختلاف وتؤمن «عمليا» أنه لا كبير في مجال الصحافة. وبالقدر الذي كان فيه لاري يضع أساس مدرسته الصحافية الجديدة في «عكاظ»، وما أحدثته وقتها من تغيير في النظرة إلى الصحافة التي دخلت لتوها في عصر المؤسسات الصحافية، إلا أن تجربته في صحيفة «سعودي جازيت»، على وجه التحديد، كانت بمثابة المغامرة اللذيذة التي خرج منها وهو يتمتع بحجم الإنجاز وقيمته. وعلى خلفية عمله الطويل في وزارة الخارجية، قبل توجهه للصحافة، فقد حمل لاري معه الهم «الدبلوماسي»، ليؤسس لمدرسة جديدة أيضا، لكن هذه المرة في الكتابة السياسية، ليصبح واحدا من أبرز فرسانها في المشهد الصحافي المحلي، حيث كان يقدم التحليل والرأي السياسي بطريقة لا تشبه سوى طريقة رضا لاري نفسه. وعلى الرغم من جدية العمل الذي كان الراحل يؤديه إلا أنه كان يعتبر، بشكل أو بآخر، «فاكهة» الوسط الصحافي في المملكة، وحتى قبيل مرضه الأخير كانت «القفشات» والتعليقات التي يصدرها نحو زملائه مصدر إثارة جانبية في هذا الوسط، وصار كثير منها «مثلا» متداولا، وربما كانت أشهر مقولاته «الجانبية» وأكثرها تداولا في المشهد الصحافي حتى الآن، هي تلك التي أجاب فيها عن سؤال يتعلق برأيه في الناقد عبدالله الغذامي، التي قال فيها إن «الغذامي حداثي ولكن يصلي». لقد مضى رضا لاري ولم يعد قادرا على أن يصرخ بنا «أريد أن أقول»، لكننا نحن الذين «نريد أن نقول» لك أيها المعلم العظيم إن خسارتنا فيك كبيرة. وإن خجلنا منك عظيم!. جثمان الراحل محمولاً على الأعناق عبدالعزيز خوجة وصالح كامل وعبدالرحمن فقيه يقدمون العزاء لذوي الفقيد مساء أمس (تصوير: محمد الأهدل)