قال القائم بالأعمال السعودي لدى لبنان وليد بخاري خلال الملتقى الثقافي الرابع عن «شكيب إرسلان أمير البيان»: «نحتفي بشخصية رمزية وتاريخية رأت في الإسلام عقيدة جامعة والعروبة رابطة شاملة، ليأتي هذا الملتقى ليظل عمق العراقة ممتزجا بعبق المهمة والرسالة، رسالة النهوض العربي، ورسالة الإسلام المستنير. ولا يزال اسمه حتى اليوم، محفوراً في ذاكرة الأجيال، مرجعاً إسلامياً وبطلاً قومياً وقدوة في الإخلاص والتفاني». عقد في دارة السفير السعودي في اليرزة، الملتقى الثقافي الرابع عن «شكيب إرسلان أمير البيان»، بدعوة من القائم بالأعمال السعودي، في حضور وزراء: الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، التربية والتعليم العالي مروان حماده، الثقافة غطاس خوري، المهجرين طلال إرسلان، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط والنواب: وائل أبو فاعور، غازي العريضي ونعمه طعمة. وحضر أيضاً الوزيران السابقان ليلى الصلح حمادة ومروان خير الدين، النائب السابق فارس سعيد، قاضي المذهب الدرزي القاضي غاندي مكاري ممثلاً شيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن، رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الدرزي الشيخ سامي أبي المنى، السيدة منى الهراوي والأميرة حياة إرسلان، وسفراء عرب وشخصيات فكرية. والقى بخاري كلمة اشار فيها الى ان «رحلة أمير البيان شكيب ارسلان الى البيت العتيق، بدأت من لوزان في سويسرا مروراً بنابولي التي أبحر منها على ظهر سفينة بريطانية، ليصل إلى مدينة جدة في 12 أيار (مايو) 1929، وقد وصفها في كتاب صدرت طبعته الأولى بعنوان «الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف» وأهداه إلى الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، تقديراً لنشره الأمن والعدل في ربوع بلاده، ولصونه حق العروبة وحقائق الإسلام». ولفت إلى أن «الأمير شكيب إرسلان كان يرى في الملك عبدالعزيز صورة القائد العربي النبيل القادر على تحقيق الآمال السياسية للعرب. كيف وهو القائل: «إن ابن سعود سخي اليد عظيم الحمية حافظ لتنشئة العرب الحقيقية». وزاد: «كم نفتقد الأمير شكيب اليوم، رحمه الله، في فكره ونهجه وإخلاصه، ليبعث فينا روح العروبة وملامح الهوية الوطنية، ولنستلهم معاً مواصلة المسير نحو ثقافة السلام والوئام». ثم كانت كلمة لجنبلاط شكر فيها «المملكة العربية السعودية والقائم بأعمالها في بيروت على تنظيم هذا اللقاء وسعيها لإحياء ذكرى رجالات العرب والمسلمين». وقال: «كم تحتم الظروف القاتمة التي يمر بها العالمان العربي والإسلامي العودة إلى فكر الأمير شكيب إرسلان الذي كان علماً من أعلام الحداثة والتنوير. نستذكر مسيرته في المجالات السياسية والفكرية والثقافية، وهو الذي ارتبط بعلاقة وطيدة مع الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود وقد حصلت بينهما مراسلات عديدة عكست الاحترام والفهم المتبادلين». أضاف: «لقد أيد الأمير شكيب صراحة جهود الملك عبدالعزيز لتوحيد الأراضي السعودية وأعلنها بوضوح في عبارته الشهيرة «هوانا مع آل سعود» وزار الحجاز مرات عدة متنقلاً بين مكةالمكرمةوجدة وسواهما من المناطق. نسج علاقات صداقة مع أعلام ذاك العصر... في العالمين العربي والإسلامي». وقال: «في كتابه الشهير بعنوان: «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟ إعتبر أن أسباب الإنحطاط هي الكسل والجبن والبخل وفساد الأخلاق والجهل والعلم الناقص والجمود. أوليست هذه الأسباب ذاتها تؤثر في مجتمعاتنا اليوم وتؤدي إلى تأخرها؟». ودعا جنبلاط إلى التفكير ببعض الخطوات العملية للخروج من حال التردي والانحطاط التي نعيشها في عالمنا العربي والإسلامي: أولاً: «وقف الحروب والنزاعات المسلحة في العالم العربي، وإفساح المجال أمام الحلول السياسية لتأخذ مداها في مختلف المناطق المشتعلة في العالم العربي. لقد أثبتت التجارب أن الحروب لم تكن سوى الخيار الأكثر كلفة للوصول إلى السلام. فلماذا لا نوفر على الأجيال المزيد من التشريد والتسرب والانكسار؟ ثانياً: تأكيد أهمية التعليم ومحو الأمية لأنها الطريق الأمثل لمواجهة الجهل والتطرف والانغلاق والتقوقع والتخلف، ولعلنا في هذا المجال نلفت أيضاً إلى حتمية تجديد الفكر الديني من خلال تبني وثيقة الأزهر لمواكبة متغيرات العصر وتحدياته المتصاعدة ولتجنيب الشباب الغرق في متاهات هي أبعد ما تكون عن الإسلام وتعاليمه. ثالثاً: التنمية هي حاجة ملحة في كل دول العالم العربي والإسلامي. حلقة الفقر والتطرف والإرهاب مترابطة ومتراصة وكسرها يكون بإنتزاعها من جذورها الإجتماعية. رابعاً: الحريات التي من دونها لا يتطور الفكر والمجتمع. فالتطور الحتمي نحو الحريات يؤسس للتكامل السياسي والاقتصادي العربي الذي نادى به كمال جنبلاط منذ زمن بعيد وهو يبدو خياراً ضرورياً لإخراج المجتمعات العربية من دوامة التراجع المستمر». وقال: «فلنعد إلى الأمير شكيب إرسلان، فذلك يساعد على الخروج من زمن القحط الفكري الذي نعيشه». اما الوزير إرسلان فقال: «ليس غريباً على هذه الدار الكريمة أن تقدم على مبادرة فيها تحية إلى الأمير شكيب إرسلان وما يمثله من قيم ثقافية - حضارية عربية وإسلامية، جسدها فكراً وجهاداً. وكان ينظر إلى البلدان العربية نظرة المواطن إلى وطنه بقلق شديد وحماسة شبابية يديرهما توازن عقلي أمثل، وهو صاحب فكرة إنشاء جامعة الدول العربية». وتوجه إلى بخاري، شاكراً «مبادرتكم الكريمة ونقدر معناها كل التقدير وهي تأتي في سياق تاريخنا المشترك الحافل بالتفاعل الأخوي منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود صديق الأمير شكيب إرسلان، واستمرت العلاقة مع المغفور له الأمير مجيد أرسلان، وهو تاريخ فعال وعلينا أن نحرص على صونه واستمراره وتطويره. ويجب ألا ننسى وصيته وهو على فراش الموت عندما توجه إلى العرب جميعاً قائلاً: «أوصيكم بفلسطين». وألقى الوزير خوري كلمة شكر فيها «صاحب هذه الدار، الجامع للكبار في الثقافة والعلم والسياسة». وقال: «تحتفون بشكيب إرسلان، أمير السياسة الذي سحر ببلاغته علماء عصره وكل عصر. وكلفته مبادئه النفي بعيداً، فإذا به، يسعى بقوة أكبر للمناداة بقضاياه والكتابة فيها، مستفيداً من ثقافات الآخرين حيث كان، يقرأ ويحاور ويتعلم، ليجدد في أشكال نضاله، وأساليب سياسته. وهكذا فهم شكيب إرسلان الإسلام، موحداً، راقياً وموقظاً. وفهم القضية العربية تضامنا لتوليد قوة توازي ما كان يقابلها من قوى آنذاك، وفهم القضية الفلسطينية، وهي عنده حق، ووقف عربي تاريخي من الصهيونية المعتدية». وتوجه إلى حفيد أمير البيان، وليد بك جنبلاط «لنعمل معا من خلال فهم الأمير، للاسلام كدين اعتدال وفهم الآخر وفهمه للقضية العربية كقضية مركزية لكل العرب قضية توحيد وتشبيك وترابط بين العرب أجمعين». وقال: «كان للمصالحة التاريخية في الجبل، التي بادرتم إلى إطلاقها برعاية الكاردينال نصرالله صفير، تأكيد من أبناء الجبل على أهمية العيش معا لنبني معاً. ومن هذا الباب نؤكد أننا معك كأبناء جيل في أي قانون للانتخابات يحقق آمال وتطلعات أبنائه». كما كانت كلمتان للمؤرخ رضوان السيد وسعود المولى تحدثا فيهما عن صفات المحتفى به ووصيته الدائمة فلسطين، ومناداته بالإسلام الوحدوي وبناء دولة قومية واحدة، لكن على أساس استقلال كل وطن بحدوده. كما أشارا إلى عمله الدؤوب للتقريب بين الأديان وتدخله لتحقيق المصالحات بين الدول العربية. بعد ذلك، قدم بخاري درعين تكريميتين الى جنبلاط وارسلان.