فجر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قنبلة سياسية في واشنطن بإقالته مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) جايمس كومي، في خطوة قارنها بعضهم ب «مجزرة ليل السبت» عام 1973 حين طرد الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون المدعي العام آرشيبالد كوكس، الأمر الذي أدى لاحقاً إلى عزله من الرئاسة. وحاول ترامب تهدئة المخاوف بتعهد بديل «أفضل بكثير» من كومي، في حين بدأ الديموقراطيون الضغط لتعيين مدعٍ عامٍ مستقل للتحقيق في فضيحة ارتباطات مستشاري الرئيس الأميركي بروسيا. وبدأت وزارة العدل الأميركية البحث في أسماء مرشحين لتولي إدارة «أف بي آي»، من بينهم مدير شرطة نيويورك راي كيلي وحاكم ولاية نيو جيرسي كريس كريستي والنائب الجمهوري تراي غاودي. إلا أن ذلك لم يوقف عاصفة الانتقادات ضد قرار ترامب، وسط تخبط البيت الأبيض في الرد عليها. وكتبت صحيفة «واشنطن بوست» عن «فوضى في البيت الأبيض»، و «صراخ ترامب أمام جهاز التلفزيون» لدى مشاهدته التغطية الإعلامية المنتقدة قراره وربط الإقالة بفضيحة الارتباطات بروسيا. كما أوردت الصحيفة أن الناطق باسم الرئاسة شون سبايسر «شوهد مختبئاً من الصحافيين وراء شجيرات» البيت الأبيض، فيما تفاجأ كثيرون بعدم إبلاغ ترامب كومي شخصياً بإقالته وقيام وزارة العدل بذلك حين كان مدير «أف بي آي» في لوس أنجليس، ما اضطره إلى البحث عن طائرة تعيده إلى واشنطن بعد انتهاء صلاحية استخدامه الطائرة الرسمية. ونقل ترامب السجالات حول قرار العزل إلى موقع «تويتر»، محاولاً التأكيد في سلسلة تغريدات، أن خلَف كومي سيكون «أفضل بكثير»، فيما بدأ الديموقراطيون معركة تعيين لجنة أو مدع عام مستقل للإشراف على التحقيق في ملف ارتباطات ترامب بروسيا، والذي كان يشرف عليه كومي. ورفض زعيم مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الفكرة، مشيراً إلى أنها «تتعارض مع مجرى التحقيق»، فيما أبدى ثلاثة نواب جمهوريين بارزين هم جون ماكين وريتشارد بير وبن ساس، اعتراضهم على طرد كومي. وفي حال نجاح الديموقراطيين في جذب هؤلاء إلى صفوفهم ونيل تأييدهم في تعيين لجنة مستقلة أو مدع مستقل، فإن البيت الأبيض سيضطر إلى الإذعان للفكرة. وأكد ماكين أمس، أن طرد كومي «لن يوقف فضيحة روسيا التي ستستمر، والحقيقة ستظهر»، واعتبر أن المزيد سيتكشف في هذه الفضيحة، ملمحاً إلى مستشارين سابقين لترامب أو شخصيات قد يكشف تورطَها التحقيق. وعلى وقع استقالة كومي، هبط الدولار وسوق الأسهم، فيما ارتفع اليورو والين الياباني. وهبط مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية 0.2 في المئة. وحضت وجوه جمهورية البيت الأبيض على عقد مؤتمر صحافي لشرح ملابسات خطوة ترامب، بعد تقارير مفادها أنه اتخذ القرار الأسبوع الماضي، وكان «مغتاظاً» لظهور كومي إعلامياً، وعدم تأكيده أن لا ارتباطات بين روسيا وترامب في التحقيق. ويعتبر كومي من الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في «أف بي آي»، وتؤخذ عليه نزعته الاستقلالية، واتهمته هيلاري كلينتون بترجيح كفة السباق الرئاسي لمصلحة ترامب بعد رسالة منه إلى الكونغرس قبل 11 يوماً على التصويت، أعادت إلى الواجهة قضية سوء استخدامها بريدها الإلكتروني.